‘الأسعد لـ (كلنا شركاء): الروس أصيبوا بخيبة أمل من قلة خبرة عناصر النظام في الشيخ مسكين’
16 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2016
إياس العمر:
تشهد مدينة الشيخ مسكين هجمة شرسة من قبل قوات النظام والميلشيات الداعمة لها، مدعومة بغطاء جوي روسي، وتعتبر هذه الهجمة الأعنف في الجنوب السوري خلال الأشهر الماضية، وتمكن الثوار من الحد من هجوم تلك القوات وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
ولمعرفة أسباب هذه الحملة على مدينة الشيخ مسكين وأهمية المدينة الاستراتيجية، التقت “ ” القيادي في الجبهة الجنوبية العقيد “عبد الله الأسعد” وكان معه هذا الحوار:
في البداية لو تحدثنا عن أهمية مدينة الشيخ وأهداف النظام؟
منطقة الشيخ مسكين منطقة استراتيجية هامة جداً، تقع على الأوتوستراد الدولي (دمشق – عمان) وتعتبر عقدة طرق وخط دفاع أول بامتداد 27 كم، من مدينة نوى غرباً وصولاً إلى مدينة ازرع شرقاً، وكانت تعتبره قوات النظام في السابق خط الدفاع الأول عن دمشق، ويأتي بعده الخط رقم اثنين المار من مدينة الصنمين، وخط رقم ثلاثة المار من مدينة الكسوة.
كما أنها تعتبر موزعاً للقعدة الرئيسة نوى، والتي تصل محافظة درعا بمحافظة القنيطرة، وأيضاً عقدة اتصال باتجاه مدينة ازرع، وأيضاً عقدة اتصالات رئيسة بوجود العقدة الرئيسة التي يمر منها الكبل المحوري، وتوزع إلى كافة الفرق مثل الفرقة الخامسة في ازرع والفرقة التاسعة في الصنمين وخط الجبهة باتجاه نوى اللواء 60، والتي كان يسمى سابقاً نطاق الحيطة في القطاع الجنوبي، وباتجاه محافظة درعا اللواء 132 وهي منطقة هامة.
الضغط على الثوار هو استنزاف ذخيرة الثوار، لأن النظام بعد صدور القرار2254 أصبح يعمل على موضوع الخطة (ب)، وهي الدويلة العلوية المفيدة التي تحقق حدود هذه الدولة من اللاذقية شمالاً (جبل الأكراد والتركمان والمنطقة الشمالية بريف حلب) باتجاه المنطقة الوسطى ودمشق، وخلق نطاق آمن حول دمشق، وذلك ملاحظ من خلال أعمال النظام في مرج السلطان والمعضمية وداريا والزبداني ومضايا، فيريد خلق نطاق أمني حول دمشق التي يريد النظام الحفاظ عليها ضمن دولته المنشودة، ويريد أن يحقق من خلال اتصاله مع مدينة درعا، التي لم يعد لها سوى ثلاثة أحياء وله فيها طريق واحد زراعي، يريد فتح طريق ازرع الشيخ مسكين داعل، ويريد أن يحقق أكبر تقدم ممكن قبل تأخير بدء المفاوضات في 25 يناير الجاري، وضمان عدم مهاجمة الثوار لنقاطة في مدن ازرع والصنمين وخربة غزالة.
ما تأثير الغطاء الجوي الروسي وهل صحيح إعطاء الروس مهلة محددة للنظام لاقتحام الشيخ مسكين؟
في مفهوم العلم العسكري أي عملية هجومية تتم يسبقها تمهيد مدفعي قبل عملية الهجوم، فالضربات الجوية التي تمت بواسطة الطيران الروسي الحديث على مدينة الشيخ مسكين فاقت أي تمهيد مدفعي لمدينة كبيرة يوجد فيها أهداف تكتيكية وليست استراتيجية، فالرمي بالصواريخ والمدفعية تجاوز 5000 صاروخ وقذيفة سقطت على مدينة الشيخ مسكين حتى هذه اللحظة، بالإضافة للرمي المباشر تقوم فيها قوات النظام القادمة من الفرقة الخامسة واللواء 12 في ازرع بالرمي مباشرة على أهداف موجودة داخل المدينة، وتمشيط من قبل عربات (الشيلكا) على طرق الإمداد مثل طريق (ابطع – الشيخ مسكين)، ويتم استهداف الطريق من قبل عربات قوات النظام في منطقة قرفا وعلى الأوتوستراد الدولي من اتجاه المنطقة المحاذية للواء 82 في الشمالي، والرمي على طرق الإمداد باتجاه مدينة نوى.
ولا معلومات دقيقة لدينا حول المهلة الروسية، والظاهر للعيان أن النظام غير قادر مع الميلشيات الطائفية على تنفيذ الاقتحام في الوقت المنظور، رغم التمهيد الغير مسبوق، نتيجة المقاومة الشديدة من قبل الثوار لأنهم عملوا على إنشاء خطوط دفاع قوية ومتماسكة ويملكون إرادة صلبة، وقد يكون هناك استياء من قبل الروس بسبب تأخر الميلشيات الطائفية وقوات النظام بتحقيق أهداف العملية المباشرة في مدينة الشيخ مسكين.
وهل نحج الثوار في المدينة بامتصاص أثر الضربات الجوية من قبل سلاح الجو الروسي؟
لا شك أن الضربات الجوية المرافقة للهجوم البري الذي تنفذه القوات القادمة من الشرق من اتجاه الفرقة الخامسة واللواء 12، ضربات يقوم بها طيران حديث أحدث من الطيران السوري المستخدم في السابق، فتمتلك الطائرات دقة عالية في قصف الأهداف.
والثوار استطاعوا امتصاص أثر الضربات الجوية التي تستمر في العملية الهجومية لمدة تتراوح من أربع إلى خمس ساعات، والطيران الروسي انتقل من عملية التمهيد الجوي إلى المرافقة النارية، فالآن نجد الطيران الروسي يقوم بتنفيذ مرافقة نارية للميلشيات المهاجمة، والقوات المهاجمة استطاعت تحقيق تقدم على الأرض في اليوم الأول من الهجوم، وهذه القوات توقفت وتراجعت في كثير من النقاط إلى الخلف، وقد أصيب المحتل الروسي بخيبة أمل من قلة خبرة عناصر النظام وضعف الإرادة لديهم، وقدرة الثوار على امتصاص الضربات.
وكان هناك خسائر كبيرة جداً للقوات المهاجمة في الأرواح، حيث أن عدد القتلى في صفوف الميلشيات وقوات النظام فاق الأعداد المتعارف عليها لقوات مهاجمة على دفاعات قوات ليست نظامية وإنما تعتمد على نظام دفاع الوحدات المستقلة، والقليلة العدد والتي تعتمد على سرعة التحرك والمناورة والانتقال من مستر إلى آخر، مما ساعد على امتصاص الضربات الجوية للعدوان الروسي الكثيفة والدقيقة.
ويُستنتج من قلة الإصابات من الطيران الروسي أن الثوار يتبعون تكتيك الإخفاء والتمويه عن أنظار الطيران الروسي الذي يقوم باستطلاع جوي مستمر، والدليل تمكن الثوار من إسقاط طائرة استطلاع روسية في الشيخ مسكين.