‘محمد جهاد نيعو: عندما تتحول المأساة السورية إلى كوميديا ساخرة’
18 يناير، 2016
- محمد جهاد نيعو –
إن مأساة الشعب السوري وهجرته وانتشاره في دول العالم بحثاً عن الأمان وللهروب من الحرب الدائرة في سورية التي لم ترحم لا الحجر ولا البشر، باتت اليوم قضية رابحة للإتجار بها وتوظيفها لأغراض سياسية. فالشعب السوري الذي احتضن أشقائه اللبنانيين في حرب تموز ٢٠٠٦ أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، بات اليوم مادة ساخرة دسمة في البرامج الكوميدية التي تبث على الإذاعات والمحطات التلفزيونية اللبنانية، التي لم تعد اولى مهامها انتقاد الجو السياسي في لبنان وتفرغت للسخرية ممّا آلت إليه أوضاع اللاجئين السوريين.
بثت قناة (LBC) اللبنانية مؤخراً “سكيتش” في أحد البرامج الكوميدية الساخرة، تناولت فيه قضية الشتات السوري بطريقة لا إنسانية، إذ قامت بإحضار “شيخ” من أجل القيام بكتب كتاب لمهاجرين سوريين عبر وسيلة الإتصال “سكايب” وكل شخص من العروسين يعيش في بلد مختلف عن الآخر. يبدو أن الإذاعات والمحطات التلفزيونية اللبنانية التي كانت تتغنى بحرية الرأي والإعلام، باتت اليوم عاجزة أمام إدانة “حزب الله” الإرهابي الذي بات يستبيح السلطة في لبنان بقوة السلاح، ويتحكم بقرار البلاد السياسي ويسيطر على الشريط الحدودي مع سورية من أجل إدخال مقاتليه للمشاركة بقتل الشعب السوري، علاوة على مشاركته الفاعلة بمأساة الهجرة التي حلت بالسوريين. فقد هَجَّرالكثير من السوريين من المناطق الحدودية مع لبنان. هنالك الكثير من القضايا العالقة التي بحاجة للإضاءة عليها في الداخل اللبناني، كما أنه توجد الكثير من التناقضات الداخلية التي يمكن تناولها ونقاشها، ولكن يبدو أن القنوات اللبنانية أصبحت سلاحاً بيد حزب الله يبث عبرها سمومه الإعلامية.
يعد التحريض الذي تمارسه بعض القنوات التلفزيونية على اللاجئين السوريين في لبنان وإظهارهم كإرهابيين خدمةً مجانية للنظام السوري وحليفه حزب الله. وهي بذلك تتناسى جميع السوريين الذين يعملون في المجالات التي تعود بالمنفعة علىالدولة والشعب اللبنانيين. ولا يُعامَل اللاجئ السوري في لبنان كلاجئ، إنما يعامل معاملة السائح ويحتاج لتجديد إقامته دورياً. كما أن الدولة اللبنانية لا تقدم أية خدمات مجانية له. إن ما يحتاجه الشعب السوري في مأساته هو التعاطف مع قضيته والإضاءة على معاناته لا السخرية منه واستغلال مأساته. فما يعيشه السوريون اليوم، عاشه الشعب اللبناني أثناء الحرب الأهلية بلبنان، حين عانى القتل والتشريد والتهجير. لا شك أن ما ذكرناه من ممارسات لا يشمل كل أبناء الشعب اللبناني، بل الفئة التي تدعم النظام السوري في حربه، تلك التي وضعت نفسها في خندق واحد مع القتلة في سبيل النيل من كرامة الشعب السوري.