‘صوفيا لوبيرت “Sophie Lübbert”: تقريرك حول اللاجئين بعيد عن الحقيقة بل هو محض كذب’

21 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2016
9 minutes

الاتحاد برس – محمد إقبال بلو

في تقرير صحفي يحكي قصة إحدى الموظفات الألمانيات والتي تعمل في مركز للاجئين كأخصائية اجتماعية، أوردت الصحفية الألمانية “Sophie Lübbert” الكثير من المعلومات المغلوطة وأوردتها على لسان الموظفة المفترضة، والتي قد لا تكون شخصية حقيقية بحسب ما جاء في التقرير من أحداث غير منطقية المحتوى والمضمون والمنشور في موقع N24 تحت عنوان: فتاة تعمل في مساعدة اللاجئين تطلق ما بداخلها قائلة : ” لم أعد أحتمل المزيد”.

وتقول الصحفية الألمانية شارحة معاناة تلك الموظفة التي كانت متحمسة للعمل في مساعدة اللاجئين، وما لبثت بعد فترة قصيرة أن أعلنت عدم تحملها للتعامل مع هؤلاء الذين وصفتهم بالكاذبين والمتحرشين: “الكثير منهم متطلبون لأبعد الحدود. يأتون إليّ ويطالبونني بتأمين لهم شقة وسيارة فارهة ومن الأفضل كذلك وظيفة ممتازة، لأن هذا واجبي ولأجل هذا أنا أجلس هنا وهم إلى هنا وصلوا. وعندما أرفض أو بالأحرى عندما أحاول أن أوضح لهم أن هذا غير ممكن يغضبون ويرفعون أصواتهم بعدوانية. أحد الأفغان هدّد بقتل نفسه، وبعض السوريين ومجموعة من الأفغان قالوا أنهم سيضربون عن الطعام إلى أن أساعدهم بتغيير مكان الإقامة . وإحدى زميلاتي من أصول عربية صرخوا عليها بأننا سنقطع رأسك. لمثل هكذا أمور كانت تأتي الشرطة أكثر من مرة في الأسبوع”.

ولو ناقشنا ما جاء في المقطع السابق لوجدنا أنه بعيد كل البعد عن الحقيقة، فأن يطلب اللاجئ القادم حديثاً إلى ألمانيا سيارة فارهة لهو أمر غير منطقي ومبالغ به، وكيف سيقود اللاجئ سيارته الفارهة إذا كان يعلم علم اليقين أن حصوله على رخصة لقيادة هذه السيارة قد يستغرق أكثر من عام؟ وهل هو طلب منطقي يمكن ان يطلبه لاجئ وصل إلى دولة لا يعرف لغتها ولا قوانينها، نعم اللاجئون يطالبون أحياناً بتحسين نوعية الطعام، أو بتحسين مكان الإقامة كأن لا تحتوي الغرفة الصغيرة على عدد كبير من الأشخاص وهذا ما يحدث عادة ويعتبر امراً طبيعياً.

ثم من هذا اللاجئ الذي وصل منذ أيام قليلة ومازال يقيم في الكامب، أي إنه لم يحصل على أية أوراق رسمية بعد، ويطالب بوظيفة ممتازة؟ كلام لا يصدق ولا يمكن لنا أن نعتبره سوى محاولة لتشويه اللاجئين وإعطاء فكرة سيئة عنهم للشعب الألماني من خلال صحافة رخيصة في الحقيقة، ومن المعروف عن معظم اللاجئين أنهم لا يحاولون الحصول على عمل في البداية بل يكتفون بالمساعدات التي تقدمها الدولة المضيفة، ودليل ذلك الحالات العديدة التي يطالب فيها موظفو دوائر العمل “الجوب سنتر” اللاجئين بالعمل، فيما معظمهم يتهرب من ذلك لأنه يعلم ان النتيجة المادية واحدة، فلو وجد عملاً فغن الراتب الذي سيحصل عليه قد يكون قريباً من قيمة المساعدات التي تمنحه إياها الحكومة، وبمتابعة دوائر العمل الألمانية سيجد أي شخص أن هنالك مشكلة تتعلق بوظائف اللاجئين، لكن على عكس ما ذكرت الصحفية صوفيا من معلومات وما اوردته من خواطر فيما يبدو أنها دارت في مخيلتها فحسب، فالمشكلة الأساسية عدم رغبة اللاجئين بالعمل وليس مطالبتهم بوظائف ممتازة.

ويبدو أن الصحفية بطرحها هذا حاولت أن تنبه الألمان إلى خطر يداهمهم إذ جاء ووصل من يرغب بمنافستهم على الوظائف الممتازة والسيارات الفارهة، أما أن يهدد لاجئ بالانتحار إن لم تؤمن له سيارة فارهة فحديث الصحفية هنا لا يعتبر سوى نكتة سمجة غير مقبولة لا أكثر.

تضيف لوبيرت في تقريرها الخيالي المضحك: “وجزء منهم لا يحترمنا نحن النساء أبدا ولا يأخذ أي شيء من قِبلنا بجدية. وكوني امرأة فعندما أقول لهم شيئا أو أود أن أعطيهم البطاقة الشخصية لا يديرون لي بالا وكأن ما أقوم به غير مهم ثم يذهبون مرة أخرى لأحد الزملاء الذكور للاستفسار عن ذات الشيء . كانوا ينظرون لنا كنِساء بنظرات فيها نوع من الازدراء أو نوع من التطفل والحِشريّة. كانوا يصفرون، ينادون بعضا ثم يتكلمون بلغتهم ما لا نستطيع فهمه ثم يضحكون بسخرية . كان هذا حقا مزعجا جدا بالنسبة لنا . وذات مرة قام أحدهم بالتقاط الصور لنا بهاتفه الذكي بدون إذن. حتى ولو اعترضت إحدانا على ذلك . وأخيراً في إحدى المرات كنت أصعد على أحد السلالم لاحظت بضعة رجال يسيرون ويصعدون خلفي ويضحكون كل الوقت – أتوقع أنهم كانوا يسخرون مني – ويتكلمون عني”.

في المقطع السابق من تقريرها تحاول الكاتبة أن تصور اللاجئين أنهم كتلة من التخلف والذكورية والمعاداة للمرأة، وهذا ما لم يلحظ أبداً في مراكز اللجوء، والتي أقمت في واحد منها أنا بنفسي كاتب هذا المقال لشهر كامل، على العكس فإن عقدة “المراة” لدى اللاجئ وخاصة العربي عقدة موجودة في الحقيقة، لكن نتائجها كانت مغايرة لما تتحدث به الكاتبة، إذ كان معظمهم يخجل من محاورة امراة لاسيما انه لا يجيد أية لغة سوى لغته العربية، او يتحدث بعض الانكليزية بركاكة واضحة، وكانوا يفضلون النحدث إلى الموظفين الرجال لتلافي ذلك الخجل المفعم بالاحترام، فالعقدة عقدة خجل ناتجة عن عدم الاختلاط في المجتمعات الشرقية، أما أن تصور الكاتبة وحشية هؤلاء اللاجئين واحتقارهم للمرأة فهذا مردود عليها وليس سوى شعور خفي يعشعش داخل عقلها الباطن.

وفي الحديث عن حوارهم وضحكهم وإحساس الكاتبة أو الموظفة إن كانت شخصية حقيقية، فهذا يعود إليها ولا يعود للاجئين إذ هم ليسوا مسؤولين عن أحاسيسها أو عقد نقص تعاني منها، فليس بالضرورة إن كانت لا تفهم لغتهم ان يعني ذلك انهم يتحدثون عنها، وليس بالضرورة أن تعني ضحكاتهم أنهم يسخرون منها، ويبدو ان حساسيتها الزائدة قد تدفعها لهذا الشعور في أي مكان آخر غير كامب اللاجئين.

تتابع الكاتبة المدهشة تقريرها قائلة: “لقد بدأت بتغيير طريقة لباسي . أنا فتاة أحب ارتداء الأشياء الضيقة نوعا ما ولكن هذا لم يعد ممكنا أصبحت أرتدي البناطلين ذوات القصة العريضة والقمصان المحتشمة، وأصبح استعمالي للمكياج قليل جدا وفي معظم الأحيان أستعمل المكياج المخفي، ولم أغير فقط مظهري كي أحمي نفسي من هذه التحرشات وإنما غيرت أيضا سلوكي. فعلى سبيل المثال كنت أتجنب السير في منطقتنا في تلك الأماكن التي غالبا ما يتواجد بها رجال عزَّاب. وعندما يتوجب عليَّ فعل ذلك أحاول أن أسير بسرعة وعدم الابتسام لأحد حتى لا يفهمني بشكل خاطئ . ولكن غالبا ما أبقى في مكتبي وعندما تتاح لي بالفرصة أبقى فيه طوال النهار. ولا أستقل المواصلات العامة للذهاب من وإلى عملي لأن مؤخرا تمت ملاحقة ومعاكسة إحدى زميلاتي من قبل بعض الشباب حتى وصلت لمحطة القطار وهذا ما أنا بغنى عنه فلذلك آتي إلى العمل بالسيارة”.

تريد الكاتبة من خلال هذا الكلام إشعار المرأة الالمانية أنها في خطر وأنها قد تكون فريسة لأي لاجئ، وان اللاجئين مخلوقات خطيرة مهووسة جنسياً، ألا تبدو هذه المبالغة في الحديث عن تغيير اللباس غير واقعية، فالمجتمع الالماني أمامنا ولا يشعر بالخطر تجاه اللاجئين، وإن كان قد اعتدى عشرون أو ثلاثون شخصاً يوم رأس السنة على عدة نساء فهذا لا يبيح لصوفيا أن تهين اللاجئين بأسلوبها المقزز هذا، فأعداد اللاجئين في المانيا بلغت مئات الآلاف، ومخالفة العشرات للقانون والاخلاق لا تعني أن نتهم الجميع جذافاً، ترى ما نسبة هؤلاء المعتدين إلى عدد اللاجئين؟ وهل يشكلون نسبة خطيرة مقارنة بالعدد أم أنهم مجرد رقم عادي يتواجد في أي تكتل مجتمعي؟

ختاماً السيدة “لوبيرت” إن كانت الموظفة التي تتحدثين عنها شخصية حقيقية فإنها قطعاً شخصية غير مؤهلة للتعامل مع كم كبير من البشر هربوا من بلدانهم بسبب الحروب التي تقتلهم كل يوم، وينحدرون من مجتمعات متفاوتة الثقافات، ويعانون من آثار نفسية تبعاً للضغوطات التي مرت بهم، فتلك الموظفة التي كتبت عنها أو تقمصت شخصيتها هي من تحتاج رعاية من قبل مسؤولين اجتماعيين لتبعد عنها فوبيا الاضطهاد والخجل والشعور أن الكل يتتبع حركاتها أو يسخر منها، أقترح استبدالها أو تخليك عن قلمك الصحفي إن لم تكن تلك الموظفة حقيقية.

رابط المقال:http://www.n24.de/…/7926410/-ich-halte-es-dort-nicht-mehr-a…
المقاطع المترجمة منقولة من موقع: السوري الجديد