تفاصيل الحياة في صالة رياضية المانية ( كامب ) في بداية رحلة اللجوء
22 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2016
قرأت وتابعت في الايام الماضية عشرات المقالات والتقارير التي تتحدث عن جرائم التحرش التي حدثت في كولون والى الان ليس هناك من رواية واحدة متفق عليها من الجميع وكل طرف يروي روايته التي تتوافق مع تصوراته المسبقة او مع اهدافه السياسية، مالفتني أن أغلب المتحدثين والمشاركين في النقاش يتحدثون عن اللاجئين من خارج المكان وبالتالي يسقط تصوراته واحكامه المسبقة على ما جرى وأنا أيضا سأفعل ذلك..
.
عشت في مخيم للاجئين في برلين ل 45 يوم، بدوام كامل وانغماس تام ،حوالي ال مئة لاجئ من جنسيات مختلفة(سوريون وعراقيون وايرانيون ولبنانيون ومولداف وافغان وألبان وتوانسة وليبيون واكراد وافارقة وفيتناميون) ننام في صالة رياضية تابعة لمدرسة ،لا خصوصية ابدا سوى مساحة سريرك المكشوف ،لا قوانين في الكامب سوى القوانين العامة التي تحكم اي تجمع بشري،
تطفئ الانوار الساعة 11 ليلا لكننا لاننام حتى الفجر،
الطعام موجود دائما في زاوية المطبخ المشترك بامكانك أن تأكل فطورك ساعة استيقاظك والقهوة والشاي متوفرة على مدار الساعة،
مشاكل قليلة حدثت ، لا شجارات كبيرة (حدث شجار كبير شارك المئات فيه في مخيم اخر في برلين ) كنت من اوائل الذين خرجوا حدود الكامب ونزلوا للمدينة بحكم أني اعرف قليلا من الانكليزية وساعدني وضعي العام باكتشاف المدينة حتى أصبحت دليل بعض الرفاق في نزولهم الاول والثاني في برلين ، في الايام التي بعدها اصبح الجميع ينزل ويكتشف ويتسوق ويتسلى لوحده او ضمن مجموعته الخاصة،
بيننا سنة وشيعة ومسيحيون وزرادشت وازيديون،متدينون ولا دينين، لا أريد أن أقول ان اغلب الشباب يشرب الخمر، حتى الحشيش لم يعدم طريقه للوصول الينا،
اشتكى بعض الشباب من لاجئ يشرب الخمر كل يوم في سريره فاستدعاه أمن الكامب وسألوه عن الامر فأجاب أنه يحتفل لأن اليوم عيد ميلاده فأخبروه أنه قال ذات الشيء البارحة ونقلوه لكامب أخر،
بيننا لصوص، سرقت شحاطتي في الاسبوع الاول واكتشفت السارق في اليوم الثاني وهو يؤم عددا من المصليين واعادها مع الاعتذار ولم أوجه لوما له، أحدهم سرق موبايلا للاجئ اخر واكتشف امره،تبعت الشرطة احد اللاجئين الى الكامب بعد أن سرق شيئا رخيصا من المول دون ان يدفع ثمنه،
تشاجر اثنان مع صاحب مطعم تركي في الجوار وهم بحالة سكر وعادوا دون اضرار جانبية سوى عيون متورمة والكثير من التهديد بالانتقام من قبلهم وابشر بطول سلامة يا مربع،
نقف جميعا على اشارة المرور قبل عبور الشارع، اعبره اولهم والاشارة حمراء عند خلو الشارع مع عبارتي الشهيرة” على بركة الله” في احدى المرات قطعت الطريق وحدي والاشارة حمراء وخلفي أسمع مجموعة من الللاجئين السوريين الذين لا اعرفهم يقولون، خلونا نعبر،أذا الالماني عبر وكسر الاشارة،لاندخن في المحطات، ناخذ اقصى زاوية في محطة مكشوفة وندخن ونبحث عن سلة المهملات،
رأيت صبية عربية سورية تدخن مرة في محطة مترو مغلقة، هذا منظر معتاد في برلين، أو لنقل أنه ليس خادشا للحياء كثيرا فبرلين مدينة مفتوحة
،لطّش أحدهم فتاة عبرت امامنا ولم تعره انتباها،قلت له لا يجوز،ما هكذا تورد الابل،ردلي شو فهمك أنت!
سهرنا في بارات رخيصة ومعقولة يدخن روادها الحشيش والماريغوانا مثل قولة مرحبا،حدثونا عن اوتيلات واماكن للدعارة تسطيع أن تقضي وطرك ب 50 يورو، ولم أجدها الى الان، ويا مين يدلنا عالسبيل..
اللاجئ مكسورة عينه أمام القوانين والمجتمع والناس خوفا أن يؤثر أي شيئا على وضعه القانوني وحصوله على الاقامة، أول خطوة في اندماجه في مجتمعه الجديد، أن يتخلص من كسرة العين هذه.
هذا الكلام ليس دفاعا عن أحد كفرد سواء كان فردا قوميا أو دينيا أو مناطقيا أو مذهبيا ، هو دفاع فقط عن مجموعة أي مجموعة تشعر أنها تحت مجهر القانون.