رئيس مسيحي ضعيف.. غير ذلك خروج على الطائف؟ / بشار الأسد و حسن نصرالله، لم يتلقفا هذه الهدية ببهجةٍ وسرور.


من الواضح أنّ رمزي الممانعة اللبنانية، الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لم يتلقفا هذه الهدية ببهجةٍ وسرور. بل أنّ ملائكتهما في مجلس النواب لاذت بالصمت. حتى كتلة الوفاء للمقاومة أجّلت اجتماعها المقرر أمس ولم تصدر أيّ بيان ولم تبرق لزميلتها كتلة التغيير والإصلاح مهنئة، بعد انجازها في كسب تأييد القوات اللبنانية للعماد عون. ذلك أنّ الجميع يعلم أنّ قدرة الرمزين المذكورين على جمع ما يمكن أن يتفلت من حلف الممانعة حاسمة ولا جدال فيها.

قد يكون هذا الكلام مستعجلاً في الإيحاء بأنّ حماسة الممانعة للعماد ميشال عون رئيساً غير متوفرة. فثمّة أكثر من أسبوعين يفصلنا عن موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 8 شباط المقبل، ويقتضي الأمر التمهل في استنتاج المواقف أو استقراء الوجوم على وجوه الكثيرين من عتات الممانعة وأتباعهم. وإلى هؤلاء فإنّ تيار المستقبل ليس أقلّ وجوماً من قيام حليفه الدكتور سمير جعجع بترشيح عون، لكن ثمّة نقطة إيجابية عبرت عنها كتلة المستقبل وعدد من مسؤولي هذا التيار هو في استعدادهم المستمر في المشاركة بجلسة 8 شباط، بمعنى أنّ تيار المستقبل لم يرفع حتى الآن سيف تعطيل النصاب، بل يُبدي إصراراً على المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة.

وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في جلسة 8 شباط، وربما قبل، تبقى الأعين مركّزة على الموقف الذي سيعلنه حزب الله ومدى الحماسة والحزم الذي سيعتمدهما في مواجهة اسقاط مرشحه، لا سيما أنّ دوائره الإعلامية تركز كثيراً على الفيتو السعودي على الجنرال عون، بحيث أنّها تناقلت هذه “الخبرية” بشكل واسع عبر منابرها المتنوعة، والتي خلاصتها أنّ السعودية ترفض عون ومستاءة من ترشيح جعجع له مع عدم التفات هذه المنابر إلى بقية الخبرية، غير المؤكدة، أي تأييد السعودية للمرشح فرنجية.

وفي محاولة لاستقراء المشهد الأولي لمواقف القوى المختلفة في الطرف السني والشيعي والدرزي حيال المرشحين عون وفرنجية، ثمة خيط جامع يمكن ملاحظته بين مختلف الفرقاء، وتحديداً تيار المستقبل وحزب الله والرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط&8230; يمكن نسب هذا الخيط، بحسب سياسي مسيحي مخضرم، وكل لأسبابه، “إلى عدم حماسة هذه القوى للإتيان برئيس قوي بالمعنى الذي ينتقل فيه موقع رئاسة الجمهورية من نماذج رؤساء بعد الطائف إلى نموذج رئيس مختلف من جهة قوة التمثيل السياسي والنيابي والشعبي”. هذا التقاطع بين القوى الإسلامية، على اختلافها وتناقضها، يقوم بالضرورة ضمن منطق المحاصصة الذي يحكم البلاد، على انتزاع بعض ما اكتسبته هذه القوى بفعل تنامي قوتها وتوسع نفوذها، مع تراجع مسيحي سياسي وديمغرافي، وبفعل الدعم الخارجي من زمن الوصاية السورية إلى ما بعدها. وبالتالي “فإنّ الإتيان برئيسٍ للجمهورية بمواصفات تنتمي إلى قوة التمثيل المسيحي، في ظلّ استمرار منطق المحاصصة، هو بالضرورة لن يكون له الأثر الإيجابي على نفوذ القوى المسلمة”.

باختصار يريد حزب الله رئيساً يستطيع أن يمننه على طول ولايته بأنّه هو من جاء به رئيساً وساهم في انتخابه ولا يريد رئيساً لا يستطيع المزاودة عليه في المواقف الاستراتيجية والوطنية. وتيار المستقبل يريد أن يضمن ما تبقى له من نفوذ في الدولة ومؤسساتها بعدما ضمر هذا الحضور بفعل سطوة حزب الله من جهة وبفعل تراجعه المضطرد على مستوى الشارع السني. فيما الرئيس نبيه بري لا يريد رئيساً يصدق أنّه إذ يتقدم عليه في الجلوس على المقعد الأول، أنّه يتقدم عليه في الامساك بمفاصل السلطة والموقع الذي رفع مداميكه داخل كل السلطات. أما جنبلاط فحكايته مع الرؤساء الموارنة طويلة، لا سيما في لحظة سياسية يستشعر قلق أن يكون موقعه السياسي والنيابي عرضة لرئيس نهم. الجميع يريد رئيساً لا ينافس على الجبنة الانتخابية، رئيساً يعبر عن الطائف، بما هو هزيمة لفكرة الرئيس القوي.

المصدر: جنوبية