روبن رايت يكتب: قناة أوباما الثانية مع إيران


روبن رايت يكتب: قناة أوباما الثانية مع إيران - مدار اليوم
آخر الأخبار


روبن رايت

قبل نحو أربعة عشر شهراً، سمح أوباما بإقامة قناة دبلوماسية أخرى بالغة السرية مع إيران هدفها التفاوض لتحرير الأميركيين الذين اختفوا في إيران أو المحتجزين فيها، وشكلت هذه مناورة دبلوماسية عالية المخاطر، ونشأت هذه المبادرة من المفاوضات النووية التي بدأت عام 2013 بين إيران وست قوى كبرى في العالم، فعلى هامش كل جلسة، كانت ويندي شيرمان كبيرة المفاوضين الأميركيين، تضغط على نظرائها الإيرانيين بشأن قضايا الأميركيين، فكان الإيرانيون يردون بالمطالبة بدورهم بتحرير مواطنيهم المحتجزين في السجون الأميركية لجرائم انتهاك العقوبات.
اكتملت هذه الصفقة مع سير إيران والقوى الست الكبرى نحو يوم تطبيق الصفقة النووية الإيرانية، وستتضح في هذا اليوم النقطة التي تؤكد فيها الأمم المتحدة أن إيران التزمت بشروط تفكيك برنامجها، مما يسمح برفع العقوبات الدولية.
وعملية التحرير هذه أظهرت نهاية قصة مليئة بالاضطرابات أضفى عليها طابعا سياسيا خلال موسم الانتخابات الأميركية، فقد انتقد جمهوريون كثر أوباما لموافقته على صفقة نووية تتيح لإيران استعادة عشرات مليارات الدولارات من عائدات النفط التي جُمدت في مصارف أجنبية بسبب العقوبات، في حين لا يزال عدد من الأميركيين محتجزاً في إيران.
لا شك أن رد فعل المرشحين الرئاسيين الجمهوريين جاء سريعاً وقاسياً، فقد أعلن السيناتور ماركو روبيو: «في الواقع، يكشف لنا هذا كل ما نحتاج إلى معرفته عن النظام الإيراني: يأخذ الرهائن بغية الحصول على تنازلات. وأعتقد أن قدرة النظام على تحقيق هدفه هذا في تعامله مع هذه الإدراة تحولت إلى حافز يشجع حكومات أخرى على القيام بالمثل حول العالم».
لكن المسؤولين الأميركيين ظلوا متفائلين، فقد ذكرت ويندي شيرمان: «كان هذا بأوجه عدة أكثر صعوبة من الصفقة النووية لأن هذه المسألة ترتبط بمواطنين أميركيين، أناس، وألم عائلاتهم، وألم وجودهم اليومي. يسرني أن أراهم يعودون إلى الوطن».
لعل الأكثر شهرة بين الأميركيين المحررين مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جيسون رضائيان المحتجز منذ شهر يوليو عام 2014، دِينَ رضائيان السنة الماضية، إلا أن حكمه لم يُعلن على نحو غريب.
من بين المساجين الأربعة الذين حررتهم إيران أمير حكمتي، جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية، الذي أمضى أطول فترة في السجن، والذي وُلد في أريزونا، وترعرع في ميشيغان، وخدم في العراق، كان يزور جدته في طهران حين اعتقل في شهر أغسطس عام 2011 واتهم بالتجسس: شنّ حرب ضد الله و»إفساد الأرض». نتيجة لذلك حُكم عليه بالإعدام، لكن إعادة المحاكمة نقضت هذا الحكم وخفضت عقوبته إلى عشر سنوات بتهمة «التعاون مع حكومات معادية».
اعتنق القس سعيد عابديني، الذي وُلد في إيران كمسلم، المسيحية، ولا تشكل هذه الأخيرة ديناً محظوراً في إيران، ويتمتع المسيحيون بمقاعد خاصة ونسبية في المجلس، لكن عابديني بدّل دينه، وساهم، حسبما يُقال، في تأسيس كنائس سرية في إيران لآخرين اعتنقوا المسيحية، وتزوج عابديني أميركية، وانتقل إلى الولايات المتحدة، وفي عام 2015 وصفته الجمعية الإنجيلية الأميركية بالقس، لكنه عاد إلى طهران عام 2009، فاعتُقل عام 2012، واتُّهم بتقويض الأمن القومي، وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات.
أما السجين الرابع الذي أُطلق سراحه، فهو نصرة الله خسروي-رودساري، علماً أننا لا نعرف عنه الكثير، فلم تكن الولايات المتحدة على علم باعتقاله إلى أن تلقت إشارة دبلوماسية عنه من الإيرانيين خلال المفاوضات، احتُجز نصرة الله في مرحلة ما من السنة الماضية، وفق المسؤولين الأميركيين.
في قضية منفصلة سُمح لأميركي خامس يُدعى ماثيو تريفيثيك بمغادرة إيران قبل الآخرين، إذ اعتُقل تريفيثيك في مطلع الشهر الماضي بتُهم لم تُعرف، وهو رجل أعمال شاب يدير منظمة أبحاث في تركيا، وكان يشارك في صف مكثف لتعلّم اللغة في طهران.
لكن أميركيين اثنين على الأقل لن يعودا إلى الوطن، حيث اعتُقل سياماك نامازي في شهر أكتوبر، مع أن القضاء لم يؤكد اعتقاله أو التهم الموجهة ضده، فقد أتى هذا المحلل الشاب المتحدر من عائلة إيرانية عريقة إلى الولايات المتحدة وهو صبي، وحصل على جنسية ثانية، وتابع دراسته الجامعية في تافتس، إلا أنه عاد إلى إيران لتأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، وعمل نامازي خلال فترات محددة محللاً في مؤسسات فكرية في واشنطن، بما فيها الصندوق الوطني للديمقراطية، لكنه انتقل للعمل بعد ذلك في دبي كمستشار في مجال الطاقة، وتفادى العودة إلى إيران بعد اعتقال عدد من الأميركيين الإيرانيين، لكنه تلقى إشارات أنه يستطيع زيارة عائلته بأمان، إلا أنه سرعان ما اعتُقل، إذ يقول مسؤول بارز: «نبذل قصارى جهدنا لنحل هذه القضية».
لكن قضية روبرت ليفينسون، عميل متقاعد في مكتب التحقيقات الفدرالي مفقود منذ نحو ثماني سنوات، تُعتبر أكثر تعقيداً، فقد شوهد للمرة الأخيرة في جزيرة كيش الإيرانية عام 2007. أخبر ليفينسون زملاءه أنه يعمل على تحقيق يرتبط بتهريب السجائر، إلا أن صحيفة «واشنطن بوست» أفادت عام 2013 أنه كان متعاقداً مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وأن محللين استخباراتيين غير مخولين إدارة عمليات في الخارج أرسلوه إلى إيران.
في المقابل أفادت وكالة أنباء فارس أن السجناء الإيرانيين السبعة الذين أطلقت الولايات المتحدة سراحهم هم نادر مدانلو، وبهرام مكانيك، وخسرو أفقهي، وآرش قهرمان، وتورج فريدي، ونيما كلستانة، وعلي صابونجي، وقد اتهموا كلهم بانتهاك العقوبات وضوابط التجارة، ولم يُحاكم أي منهم لارتكابه نشاطاً إرهابياً، كما ذكر المسؤولون الأميركيون.
ومهدت عملية إطلاق السراح هذه الدرب أمام خطوة إضافية قد تحل بعض الخلافات المتبقية بين طهران وواشنطن، إلا أن هذه المفاوضات لم تنتهِ بعد، وتأمل إدارة أوباما أيضاً أن تعزز هذه الأحداث الأخيرة التعاون، حين تشارك الولايات المتحدة وإيران في محادثات السلام السورية الجديدة، التي من المفترض أن تنطلق في 25 يناير، علماً أن هذه العملية أكثر تعقيداً من المفاوضات بشأن البرنامج النووي والرهائن.
*«نيويوركر»

المصدر: الجريدة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ارسل عبر الواتس ابأمير طاهري هناك بضع نقاط باتت في منتهى الوضوح ...

أخبار سوريا ميكرو سيريا