مصالحة هشّة بين المسيحيين والأكراد في شمال سورية
22 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2016
وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
قال سكان من مدينة القامشلي في شمال شرق سورية إن النظام السوري بدأ يخسر القليل المتبقي له من رصيد في الشارع المسيحي عموماً في تلك المنطقة، بعد وقوفه “موقف المتفرج” من أحداث دموية عصفت بهذه المدينة الواقعة تحت سيطرته وكان المسيحيون أبرز ضحاياها.
وقالت مصادر أهلية من المدينة لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن النظام “التزم موقف المتفرج من الاشتباكات التي جرت بين قوات الحماية السريانية الآشورية المسيحية (سوتورو ـ مكتب الحماية) من جهة، وقوات (الأسايش) الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، الذي يعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، والتي هاجمت الحواجز الأمنية التي أقامتها الـ (سوتورو) في منطقة ذات غالبية مسيحية وسط القامشلي في 12 من الشهر الجاري. وكادت أن تجر المدينة إلى فتنة عرقية مفتوحة، وصمت النظام ترك تساؤلات وشكوكاً كثيرة لدى القلة المسيحية المتبقية الموالية له حول مصداقيته فيما يخص مزاعمه بالدفاع عن المسيحيين”، حس وصفها.
وثمة شعور عام لدى قيادة وقواعد الـ (سوتورو) المقرب من النظام، بأن ضباط هذا النظام في مدينة القامشلي “خذلوهم”، وبعضهم لا يُبرئ ضباط أمن النظام في القامشلي من هجوم قوات (الأسايش) الكردية على قوات الـ (سوتورو) ذلك اليوم.
ويؤكد مسيحيون في المدينة أن قوات النظام المرابطة على بعد مئات الأمتار من منطقة الاشتباكات لم تتدخل و”بقيت متفرجة”، مما أثار شكوكاً في “الأهداف الحقيقية” لبقاء سلطات النظام في القامشلي، ورسّخ قناعة بأن الأمن الذي يتحدث عنه النظام في تلك المنطقة هو أمنه فقط وليس أمن الوطن والمواطن. كما يتهم أولئك قوات النظام بأنها وقفت موقف المتفرج أيضاً عندما هاجم تنظيم الدولة قرى مسيحية في ريف الحسكة على ضفاف نهر الخابور، وكذلك الأمر عندما سيطرت قوات كردية على بعض القرى وهجّرت سكانها.
وفي هذا السياق قال المعارض الآشوري السوري سليمان يوسف لوكالة (آكي) “كان هجوم قوات (الأسايش) الكردية على قوات الـ (سوتورو) ابتزازياً وغير مبرر، وسيترك آثاراً سلبية وخطيرة على العلاقة (الكردية ـ الآشورية ـ الأرمنية)، والتي هي أصلاً غير جيدة ومازالت أسيرة التراكمات التاريخية السلبية”، وفق تأكيده.
وحاول النظام التدخّل بعد أيام لإنهاء الخلاف والمصالحة بين الطرفين، لكنّ كثيرين يؤكدون أن هذه المصالحة هشّة وستنفجر المواجهات من جديد مع أول خلاف بسيط بينهما.
وقال يوسف “هذه المصالحة التي قام بها البطريرك السرياني أفرام كريم بين قيادة السوتورو وقيادة الأسايش لم يتحمس لها الشارع المسيحي، خاصة وأنها جرت بحضور أحد ضباط أمن النظام الذي يُعرف بضابط ارتباط بين قوات النظام والميليشيات المحلية الموالية في القامشلي، وهي بمثابة تقبيل لحى”، على حد توصيفه.
وأضاف “من المتوقع أن تستمر التصادمات في الشارع بين قوى الميليشيات المتنافسة على الأرض سواء أكانت كردية أم آشورية وسريانية أم عربية أم حكومية، طالما تعارضت الأجندات وتناقضت الأهداف، وطالما استمرت الممارسات الابتزازية من قبل سلطات الأمر الواقع التابعة لما يسمى بالإدارة الذاتية الكردية بحق المكونات غير الكردية وبحق الأكراد الرافضين الانخراط في هذه الإدارة”.
ويُطالب مسيحيو المنطقة الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في منطقة الجزيرة السورية بوقف سوق الشبان المسيحيين لـ”التجنيد القسري” في قوات الحماية الكردية، وعدم التدخل في شؤون المدارس السريانية الآشورية والأرمنية الخاصة، وعدم فرض التعليم باللغة الكردية، وعدم شمول قرار مصادرة ممتلكات المغتربين والمهاجرين الصادر عن الإدارة الكردية ممتلكات المسيحيين.
لكن يوسف استبعد أن يتجاوب القائمون على الإدارة الذاتية الكردية مع هذه الطلبات، وقال “من غير المتوقع أن تستجيب سلطات الإدارة الكردية لهذه المطالب، لهذا ستبقى الخلافات قائمة، ولا فرصة لنجاح وصمود المصالحة التي عُقدت برعاية بطريرك سرياني ضعيف، ونظام غير صادق”، وفق تقديره.