جنيف السوري: نزول أم ثبات موقف وفد المعارضة إزاء الضغوط الأمريكية


تعديلات-على-بيان-الرياض-و-كتلة-العسكر-تضغط-في-هيئة-التفاوض

بات واضحاً أن ما يعوق انعقاد مؤتمر جنيف في موعده المفترض اليوم 25 كانون الثاني/ يناير، هو الخلاف الحاد الذي أحدثته موسكو حول تشكيلة وفد المعارضة، برفضها الشخصيات التي انتقتهم الهيئة العليا للتفاوض ورغبتها باستبدالهم هذا من طرف، إضافة إلى رفضها التمثيل العسكري الذي أحدثه تثقيل الرياض لوفد المعارضة بحركة أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام اللذين لا يزال الجدل يدور حول إدراجهم بقوائم الإرهاب؛ بسبب إصرار موسكو على ذلك.

وفي غضون ذلك، يبدو أن مخرجات الرياض كانت قد وضعت عائقاً أمام روسيا بخصوص مشكلة التمثيل العسكري، وكذلك عدم إشراك حزب الاتحاد الديمقراطي في وفد المعارضة الذي سيواجه وفد النظام السوري بجنيف، ما دفع موسكو إلى تهديد الهيئة العليا للمفاوضات، بضم ممثلين عن المعارضة من طرفها بينهم الأكراد، وفي حال رفض الهيئة، ستشكل موسكو وفداً معارضاً رديفاً وتفرضه على المفاوضات.

ويحاول وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري”، إقناع الهيئة العليا للمفاوضات بـ “استبدال رئيس الوفد العميد المنشق أسعد الزعبي وكبير المفاوضين محمد مصطفى علوش أحد قادة جيش الإسلام بشخصين مدنيين وإضافة شخصيات من القائمة الروسية وأيضاً ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي إلى وفد الهيئة المنبثقة من مؤتمر الرياض”، وهي محاولة وصفها المراقبون بأنها تهدف إلى الضغط على المعارضة السورية للنزول عند الشروط الروسية، وفي هذا يتساءل القاضي “إبراهيم الحاجي”، عن موقف الأمم المتحدة، لا سيما وأن “القرارات الصادرة عنها لم يرد فيها أيّة إشارة حول حق روسيا أو غيرها طلب مثل هذا الطلب”، وفي استغراب بدى خلال حديثه مع شبكة “المصدر” قال “لو أن النظام السوري هو من طلب ذلك الطلب لقلنا طرف مقابل وخصم لنا”.

فيما يعتد المعارض السوري “رياض درار” أن “تغيراً سيطرأ على موقف الهيئة العليا للتفاوض، يحاكي ما نقله إليهم كيري وأيضاً دي مستورا، بمعنى أن الذي سيجري في جنيف هو محادثات وليس مفاوضات، يتم فيها رسم مسار الحل بقبول الأطراف لبعضها والبناء التراكمي حتى بدء الانتخابات التي لن يستبعد منها أحد بما في ذلك الأسد”، وعزا قوله السابق في حديث مع شبكة “المصدر” إلى “موقف المعارضة الضعيف المحكوم بلعبة الفصائل الإرهابية، إذ أن الفصائل الأقوى فيها موسومة بالإرهاب، وهذه لعبة تجعلهم في موقف الدفاع”، مشيراً أن “سياسة الدول الراعية لمسار العملية السياسية في سوريا التي وضعت بيان فيينا أرضية تحرك لها، تسير على هذا المنوال، فمستقبل سوريا الذي وضعته الدول يفترض أن يكون مدنياً علمانياً وهو يخالف توجهات تلك الفصائل”.

ويرى “درار” أن “واقع المعارضة السورية لا زال هشّاً، فمؤتمر الرياض جاء ليرقع بعض الشيء من السلوك السلبي لها والذي اتسم طوال الفترة الماضية – باستثناء العدد القليل منهم – بالاندفاع والنظر إلى أصدقاء سوريا على أنهم فقط مجموعة من المانحين والممولين، عدى عن اختراقهم، حتى باتوا مكشوفين للدول بشكل واسع جداً”، مضيفاً “أن مؤتمر فيينا جاء عقب هذه الهشاشة التي ضعّفت من قدرة المعارضة السياسية على الوقوف بوجه أي قرارات يتم وضعها، ولذا كانت مخرجات فيينا قد وُضعت للتنفيذ، لا للبحث في دلالاتها، وبالتالي فإن رياض حجاب الذي تسلم زمام المبادرة في هذا الوقت في وضع لا يحسد عليه، وقد لا تنفعه الخبرة السياسية وسط واقع المعارضة ذاك”. مؤكداً أن “التنسيق الأمريكي الروسي الذي على ما يبدو سيبقى حتى نهاية عهد أوباما، أضعف موقف المعارضة بشكل كبير، ويضاف إلى هذا الضعف ظهور مجلس سوريا الديمقراطية الذي يمثل يشكل فيه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الغالبية”.

من جانب آخر، وفي وجهة نظر مخالفة عن “درار”، يؤكد المعارض والسياسي السوري “زكوان بعاج” على ضرورة ثبات الهيئة العليا للمفاوضات على موقفها وعدم النزول عند أي ضغوط خارجية، وعزا قوله باعتبار “أن التنازل سيبدأ من اختيار الأعضاء ليصل إلى تفشيل الوفد بأعضاء محسوبين على النظام أكثر من المعارضة كحزب الاتحاد الديمقراطي ومجلس سوريا الديمقراطية الذي يمثله هيثم مناع”.

وفي حال اتخاذ المعارضة هذا الموقف توقع “بعاج” أن “يتم تأجيل موعد مؤتمر جيف، وبالتالي يتم عقده لاحقاً بعد الموافقة على الوفد كما هو وعلى الأكثر قد يتم استبدال بعض الشخصيات”، وفيما يخص موقف المعارضة السورية من الشروط الأمريكية – الروسية بخصوص جيش الإسلام والأكراد، قال “إن الأخير هو مكون رئيسي من مكونات المعارضة السورية المسلحة، لذا مشاركته كانت مهمة، وما اتهام روسيا له بقصف المدنيين إلا مضحك في الوقت الذي تقوم به بقصف السوريين أطفالاً ونساء وشيوخاً، أما حول حقوق الأكراد فهي مصانة في جميع وثائق الثورة السورية وهم وافقوا عليها وقد تم اختيار ممثل عنهم في الوفد المفاوض من ضمن المجلس الوطني الكردي الذي جمع أكثر من 600 ألف توقيع من مناطق الإدارة الذاتية للاعتراف بشرعيته”.


المصدر : الإتحاد برس