‘مصطفى خليفة : بشار الأسد يحمل قدراً كبيراً من الاحتقار للشعب السوري لأن والده كان يعلمه وإخوته كيف يحتقرون الناس ويذلونهم’

27 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2016
3 minutes

مصطفى خليفة

أذكر أنني وصديقي في السجن كنا نراقب بذهول حركات أحد الجلادين، وما يرتسم على وجهه من حقد وانتشاء وسعادة في الساحة أثناء تعذيب السجين، ثم التفت صديقي نحوي وقال: طوال عمرنا ونحن نناضل في سبيل الشعب السوري، فهل هذا الجلاد هو أحد الذين كنا نناضل في سبيلهم؟.. ما أريد قوله أنه كانت هناك حالة كبيرة جداًَ من الألم والقهر والمعاناة والإذلال، حالة تجعلنا نقترب من حد الفصام، ويبدو أن كل ممارسات النظام السوري خارج وداخل السجن هي إذلال الإنسان بكل معنى الكلمة، وتحطيمه من الداخل، وإيصاله إلى حد التفكير بأنه حشرة لا أكثر ولا أقل، هذا الكم من الإذلال الذي تجرعناه على مدى 15 سنة كان لابد أن ينفجر، فانفجر عند بعض الناس بالانتحار، مثل شخصية وسيم في الرواية، وهو شخص حقيقي تماسك 15 سنة داخل السجن، وبعد خروجه بعدة أيام انتحر، ذلك أن انفجاره الداخلي أدى إلى فعل احتجاجي من هذا النوع، ولو كان وسيم شخصية انتحارية لانتحر أيام السجن تحت وطأة التعذيب والمعاناة، كما جنَّ البعض، ومن حسن حظي أن انفجاري كان عن طريق الرواية، حيث حاولت تفريغ ما في داخلي.

 

 

بشار الأسد يحمل قدراً كبيراً من الاحتقار للشعب السوري، وقد يكون هذا بسبب نشأته، لأن والده كان يعلمه وإخوته كيف يحتقرون الناس ويذلونهم، والاحتقار عندهم طبع، ومرة سمعت شخصين في المستشفى كانا يتحدثان عن عائلة الرئيس، وأثارا موضوع الاحتقار، فقال أحدهما محاولاً إثبات أن بشار أفضل من ماهر: “صحيح إنو بشار بيحتقر الناس، بس ماهر بيحتقرن وبيكرهن”، إن ما لفت انتباهي في الخطاب انعدام اللباقة، ففي الوقت الذي كان فيه شهداء درعا في الشوارع، ودماءهم لم تجف، كان هو ممتلئاً سعادة وفرحاً وسروراً بالتصفيق الذي صدر عن أعضاء مجلس الشعب، وكنت أتمنى أن يظهر قليلاً من اللياقة واللباقة الاجتماعية، وأن يأخذ موقف رجل دولة مسؤول ويظهر الحزن، سيما وأننا في سوريا تربينا على مراعاة مشاعر بعضنا، وخصوصاً في حضرة الموت الذي له هيبته واحترامه.