‘أحمد أميري يكتب: التشيّع للنظام الإيراني’
28 يناير، 2016
أحمد أميري
لا تخفي حركة «الصابرين» عقيدتها الدينية، فهي تعلن عبر موقعها أنها على «عقيدة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وآل بيته الطاهرين عليهم السلام، وأصحابه المنتجبين رضوان الله تعالى عليهم»، وهي نفسها العقيدة الدينية للنظام الإيراني.
وتشير التقارير إلى أن «الصابرين» وُلدت في غزة على يد منشقين عن «الجهاد الإسلامي»، وتموّل أنشطتها من أموال الإيرانيين التي كانت توزّع هناك على «حماس» و«الجهاد»، لكن الملالي رأوا أنه حان الوقت لتخرج نسخة طبق الأصل عن «حزب الله» في غزة، بعد أن سبحت «حماس» مبتعدةً عن المركب الإيراني في بحر الدماء السورية، ثم وقفت مع الشرعية ضد الانقلاب الحوثي، وكذلك «الجهاد» التي رغم أنها أبدت الوفاء لولي النعمة، وعمّدت يديها في الدم السوري مساندةً الأسد، لكنها لم تعلن مناهضتها لحملة «عاصفة الحزم».
وحركة «الصابرين» ثمرة من ثمرات نشر التشيّع في المجتمعات السُّنية، تلك الاستراتيجية التي طالما تم تحويل عنوانها من الاختراق الإيراني للدول العربية إلى عنوان «كلنا مسلمون سُنة وشيعة»، وهي من العناوين التي وصفها الإمام علي بأنها «كلمة حقٍ يُراد بها باطل».
كلنا مسلمون، هذا أمر مفروغٌ منه، لكن التشيّع الإيراني لا يعني تقديم المرء علياً على غيره من الصحابة والتشيّع له، أو التجمّع وتذاكر ما حلّ بسيد شباب أهل الجنة في كربلاء، وإنما يعني تحوّل الأشخاص في وجدانهم وأفكارهم نحو النظام الإيراني، ثم تلبّسهم بالهوية الخمينية، والذي قد يكون البوابة لتقديمهم المصالح الإيرانية على مصالح دولهم، وتمدّد النفوذ الإيراني عبرهم، وتسهيل أنشطته داخل مجتمعاتهم.
يحدث هذا لأن النظام الإيراني نجح في أمرين اثنين، الأول اختطاف التشيّع واحتكار الحديث عنه والزجّ بزعاماته ضمن من تفترض موالاتهم، خصوصاً أن أنشطة التشييع تمارس من قبل أجهزته، وأنه يُحكم سيطرته على الكثير من الحوزات الشيعية، والأحزاب الشيعية، والإعلام الشيعي، والكتاب الشيعي، ويخنق في الوقت نفسه أي صوت شيعي يعارضه، إلى درجة أنه لم يسلم من هذا التضييق حتى بعض المراجع الشيعية.
أما الأمر الثاني الذي نجح فيه فهو أنه استطاع تسويق التشيّع على شكل باقة تضم مجموعة من القنوات، لا يمكنك إلا أن تأخذها كلها، وإحدى قنوات الباقة هي القبول بالزعامة الخمينية واعتبارها مرجعاً في الدين والدنيا، بدليل أنه يندر أن تجد متشيعاً جديداً ممن يعلنون عن أنفسهم ثم لا يميل نحو النظام الإيراني بشكل أو بآخر، بينما التشيّع الحقيقي هو موالاة علي وأولاده ولا أحد غيرهم.
خلاف العرب مع إيران ليس حول أحداث وقعت قبل 14 قرناً، وإنما مع النظام الإيراني الذي يتمدّد عبر أذرعه في الدول العربية، وإحدى أذرعه تتمثل في نشر التشيّع له ولطموحاته في الهيمنة على المنطقة.
حركة «الصابرين» ما كانت لتظهر في غزة لولا أن الأرضية قد تهيأت لها على مرّ السنوات بفضل التنظيمات الفلسطينية التي ضعفت أمام الإغراء الإيراني، وهي أول من سيدفع الثمن على شكل انشقاقات في صفوفها والمزيد من التشرذم والتشظي، طائفياً هذه المرة، لتتقاتل فيما بينها إلى أن يقضي بعضها على بعض.
المصدر: الإتحاد