من يستهدف المسيحيين بالحسكة السورية؟


أمين الفراتي-الجزيرة نت

تعرض حي “الوسطى” ذو الغالبية المسيحية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة السورية (شمال شرق) لتفجيرات عدة مؤخرا، كان أعنفها في أواخر الشهر الفائت حيث قُتل 16 مدنيا، لترتفع أصوات التحذير من مخطط يهدف لتهجير الأقلية المسيحية.

وقالت المنظمة الآثورية الديمقراطية (المسيحية) إن الاستهداف الجديد للحي ليس معزولا عن سابقاته من “الاعتداءات الممنهجة” ضد مسيحيي المنطقة عموما، وضد السريان الآشوريين خصوصا، لترهيبهم وتهجيرهم، معتبرة أن من يقف خلف الهجمات “يستهدف ضرب السلم الأهلي في منطقة الجزيرة السورية، وتفتيت النسيج المجتمعي”.

وليست هناك إحصائيات رسمية لعدد المسيحيين في الحسكة التي يتقاسم السيطرة عليها النظام مع وحدات حماية الشعب الكردية، ولكن عضو المنظمة الآثورية كرم دولي يشير إلى أن نسبة المسحيين في المحافظة قد تبلغ 19%.

وكشف دولي في حديث للجزيرة نت أن عدد المسيحيين في الحسكة كان في عام 2011 نحو 250 ألف نسمة، ثم تقلص إلى 25 ألف نتيجة الهجرة، مضيفا أن “هناك نزيفا بشريا دائما قد يُنهي مكونا أصيلا من مكونات الشعب السوري أعطى لسوريا اسمها”.

ووجه دولي نداء للجهات الدولية المعنية من أجل إنهاء “اقتلاع” هذا المكون من جذوره التي تعود إلى سبعة آلاف سنة، وفق تعبيره.

وحمّل دولي النظام وسلطة “الإدارة الذاتية” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المسؤولية القانونية والأخلاقية بسبب تقاعسهما عن حماية المدنيين، لافتا إلى أن من بقي من المسيحيين في الحسكة يتمركز في القامشلي ويعيش حالة ترقب وحذر.

رحيل مؤقت

ورأى رئيس المجلس السرياني الوطني السوري بسام إسحق أن رحيل المسيحيين عن مناطقهم “مؤقت”، مؤكدا أنهم لم يبيعوا أملاكهم لأحد، وأن هناك نحو خمسين ألف مسيحي في القامشلي وحدها.

وأضاف للجزيرة نت أن هناك مخططا لتهجير مسيحيي الحسكة عبر استهدافهم بالتفجيرات، متهما النظام بممارسة سياسة “ليّ اليد” مع القوى السياسية التي تمثل السريان بالمحافظة، حيث وقعت التفجيرات بعد تشكيل مجلس “سوريا الديمقراطية” الذي شكل تحالفاً واسعاً من عدة قوى منها السريان، وهو أمر أزعج النظام الذي يريد أن تبقى ورقة المسيحيين بيده، حسب رأيه.

واتهمت قوات “الأسايش” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام بالوقوف وراء التفجيرات، ولكن دولي أشار إلى أن بيان الاتهام “غامض لا يرقى إلى مستوى الجريمة”، مضيفا “نريد أدلة وبراهين، ووضع الرأي العام بصورة التحقيقات التي جرت”.

وكان تنظيم الدولة الإسلامية اجتاح في فبراير/شباط الفائت نحو 35 قرية مسيحية في ريف تل تمر، مما أدى إلى نزوح أغلب سكانها، كما احتجز التنظيم مئات المسيحيين، بينهم أطفال، بمعقله الأبرز جنوب الحسكة بمدينة الشدادة قبل أن يطلق أغلبهم على دفعات.

وجهات نظر

من جانب آخر، استبعد المعارض السوري المستقل حمد طلاع وجود خطة ممنهجة لدى النظام أو وحدات حماية الشعب الكردية لتهجير المسيحيين، مضيفا “لكن أعتقد أن هناك خطة لتحجيمهم من قبل أحزاب كردية تفرض سيطرتها”.

واتهم طلاع، وهو من أبناء الحسكة العرب، النظام بالوقوف وراء التفجيرات، معربا عن اعتقاده بأنها تجيء في سياق “تحفيز النظرة الدولية لخطر “السنة” على الأقليات في المنطقة، وخاصة أن المتعهد جاهز للتبني باسم السنة”، في إشارة إلى تنظيم الدولة.

أما الكاتب السوري الكردي أحمدي موسي فأكد أن الكرد لا مصلحة لهم في تهجير المسيحيين، مضيفا أن للمسيحيين الفضل في القامشلي من حيث تطويرها عمرانيا وصناعيا وزراعيا.

كما استبعد موسي أن يسعى النظام لتهجير المسيحيين، مضيفا أن بقاءهم يفيده في الادعاء بأنه حامي الأقليات.

المصدر: الجزيرة نت