الحل السياسي الذي تريده موسكو من مفاوضات جنيف3


Lavrov_Russia_SANA_dec-2014المصدر | عبد الوهاب عاصي

كان من المفترض أن تبدأ محادثات السلام السوري بين النظام والمعارضة في جنيف، مع تطبيق لشروط بناء الثقة التي طلبتها الهيئة العليا للمفاوضات قبيل إبلاغها المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا قبولها حضور المفاوضات، والمحددة بالبنود (12) (13) من قرار مجلس الأمن رقم 2254. بيد استمرار النظام السوري في عملياته العسكرية ضد قوات المعارضة بريف حلب الشمالي المترافق بإسناد جوي روسي واسع النطاق، أدى إلى تعليق المبعوث الأممي المفاوضات إلى 25 من الشهر الجاري.

ففي الوقت الذي اعتبر فيه المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “ستيفان دي مستورا” أن “سبب توقف المباحثات الحالية هو عدم تحقيق مطالب المعارضة الإنسانية ورفض النظام السوري ربط المباحثات بالتطورات الجارية على الأرض”. أكد مسؤول أممي أن دي ميستورا، علّق المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة بسبب التصعيد العسكري الروسي الذي يهدف إلى ما أسماه “إذلال” المعارضة. وأيضاً من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري إن تعليق محادثات جنيف جاء جزئيا بسبب استمرار القصف الروسي الذي يعيق إيصال المساعدات للسوريين، مضيفاً أن “الغارات الجوية الروسية حول حلب ركزت على معارضي النظام السوري”.

ويبدو أن موسكو تصر على عدم تطبيق فقرتي قرار مجلس الأمن 2245؛ حيث تعتبر أن “الغارات الروسية في سوريا لن تتوقف قبل الحاق الهزيمة بداعش والنصرة”، وهذا إعلان صريح عن عدم تطبيق وقف إطلاق النار، عدا قولها بأن “التسوية في سوريا تتطلب بدء المحادثات في جنيف من دون طرح أي شروط مسبقة”، وهذا مخالف تماماً لتصريح نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، منذ أيام بأن “موسكو مستعدة للتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا”.

ويؤكد الأكاديمي السوري الدكتور “عماد الدين الخطيب” أن روسيا تسعى من خلال مفاوضات جنيف3، إلى تحقيق تقدم وانتصار لقوات النظام؛ بهدف استعادة بعض المناطق التي خرجت عن سيطرتهم والتي في مقدمتها حلب وأيضاً إدلب، لا سيما وأنه موسكو صعدت من وتيرة استهدافها لمناطق المعارضة في ظل انطلاق المباحثات.

ويعتقد رئيس حزب التضامن، أن “روسيا لن توقف قصفها لحين تحقيق ذلك الانتصار، وحينئذ ستترك مناطق داعش لقوى التحالف الغربي في الرقة ودير الزور إلا إذا حصل هناك تغير نوعي للموقف التركي السعودي بتقديم سلاح متطور للمعارضة مضاد للطائرات الروسية فعندها فقط تتغير قواعد اللعبة والاشتباك”، مشدداً أن “موسكو تريد حلّاً سياسياً على قاعدة التفوق العسكري فالخاسر على الارض لا يستطيع ولا يحق له إملاء أي شروط وخير دليل خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية فأذعنت لشروط الحلفاء ومثلها اليابان”.

وفيما كان هدف التدخل الروسي منع سقوط النظام السوري، دفعت مجموعة عمل سوريا لإنهاء الصراع ضمن تسوية سياسية تقودها الأمم المتحدة في جنيف، كانت روسيا قد وضعت مدة ستة أشهر كسقف للمفاوضات؛ كي تعطي نفسها وحليفها الإيراني مزيداً من الوقت من أجل تنفيذ في إضعاف قوة المعارضة العسكرية على الأرض لصالح النظام السوري، بحسب الباحث السياسي “ميسرة بكور”.

ويضيف بكور في حديث مع شبكة المصدر، أن القوة الجوية الواسعة التي توفرها موسكو للنظام والميليشيات المقاتلة إلى جانبه هي أحد أبرز الأسباب في التمدد على حساب مناطق المعارضة لا سيما في محافظة حلب ودرعا، مؤكداً أن إغلاق تركيا والأردن حدودها ساهم بشكل غير مباشر في تحقيق هذه الاستراتيجية.

ويستدرك الباحث السياسي ما ذكره بتأكيده أن روسيا على يقين تام بأن الأسد لن يحكم سوريا كما كانت، وكل ما فعلته للآن هو رسم حدود دولته كخطة بديلة، كالذي فعلته أمريكا في شمال العراق وشمال وشرق سوريا حيث ترسم حدود الدولة الكردية المزعومة. وبالتي يتضح أن روسيا كانت تريد الاستثمار في عامل الوقت في المفاوضات من أجل الحسم العسكري فقط، وهذا ما قاله وزير خارجية أمريكا جون كيري وكذلك الوزير البريطاني فيليب هاموند.

الحل السياسي الذي تريده موسكو من مفاوضات جنيف3 المصدر.


المصدر : الإتحاد برس