٣٤ عاماً على مجزرة حماة… وتستمر المجازر
5 فبراير، 2016
حذيفة العبد:
في الثاني من شهر شباط، لكن قبل 34 عاماً، بدأت قوات النظام السوري استهدافها لمدينة حماة، في هجوم استمرّ لمدة 27 يوماً، وشمل سلسلة متواصلة من المجازر في مختلف أحياء المدينة، أسفرت عن مقتل 30 ألف شخص على الأقل، وفقاً لتقديرات اللجنة السورية لحقوق الإنسان، منهم نحو عشرة آلاف شخص لم يُعرف مصيرهم إلى الآن.
ما ألفه كل السوريين منذ عام 2011، لم يكونوا يتصوروا مطلع ثمانينيات القرن الماضي أن تصل وحشيةٌ إلى هذا الحدّ، من رئيسٍ قدم نفسه حينها على أنه الباقي إلى الأبد، وبإرادة شعبه، ليأتي بعد حافظ الأسد وشقيقه رفعت، خليفتهم وسليلهم بشار ليكمل الإجرام ذاته، ولكن على رقعة سوريا بأكملها وبأرقامٍ للضحايا، قد تصل إلى عشرة أضعاف من قتلهم (الأسد الأب).
مجزرة 1982 في حماة، لم تختلف كثيراً عن مئات المجازر، لكنها ارتكبت حينها بصمت، بينما جرائم القرن الحادي والعشرين، ترتكب أمام عدساتٍ ثلاثية الأبعاد أحياناً، ومع ذلك النتيجة ذاتها، مع أرقام مضروبة بعشرة أضعافٍ من القتلى، ومثلهم من المعتقلين، وبمئات الأضعاف من المهجرين من بلادٍ لم يعد يقطنها سوى نصف سكانها.
تشابهت السيناريوهات، قصف وخراب وقتل وذبح ثم اعتقال والموت في أقبية التعذيب، لا شيء تغير سوى أن جيلاً كان يسمع أهله وهم يتهامسون عن إجرام حافظ الأسد في حماة، بات يصرخ ألماً من مجازر وريثه في سوريا التي أرادها الوريث الشاب مزرعةً لعائلته.
حافظ الأسد لم يرتكب مجزرةً في حماة، كما لم يستخدم وريثه براميل متفجرة، ولا يوجد شيءٌ اسمه براميل متفجرة، ولأنه لم يعد هناك مدينة اسمها (حماة) حينها، لم تعترف حكومة حافظ الأسد بعشرات المجازر في المدينة، وبالتالي فقد بقي الضحايا دون تعويض عن خسائرهم المادية، كما بقيت آلاف الأسر وحتى اليوم تجهل مصير أبناءٍ ضاقت بهم مهاجع سجن تدمر، فكانت محكمته الميدانية تقتل المئات أسبوعياً تخفيفاً من الازدحام في سجنٍ طالما اعتبره السوريون مملكةً للرعب.
وعلى عكس مجازر القرن الحادي والعشرين، التي وجدت من يعدّ ضحاياها -ولو بأرقام مقربة- لم يجد ضحايا الـ 82 من يعدّهم حتى الآن، فجميع الشهود ماتوا، لكن بعض الجهات الحقوقية حاولت أن تضع أرقاماً تقريبية لأعداد الضحايا، مع هامش خطأ قد يصل إلى الضعف أحياناً، وخرجت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بهذه الإحصائيات:
4/2/1982: مجزرة حماة الجديدة جنوب الملعب البلدي (1500 ضحية).
6/2/1982: سلسلة مجازر حي سوق الشجرة (50 ضحية)، ومجزرة دكان أحمد المسقع الحلبية (75 ضحية)، ومجزرة حي البياض (50 ضحية).
8/2/1982: سلسلة مجازر حي الدباغة، وكانت حصيلتها كالتالي: السوق الطويل 8 ضحايا، في دكان عبد الرزاق الريس 35 ضحية، في دكان عبد المعين مفتاح 20 ضحية، من آل دبور 6 ضحايا، من آل مغيزيل 4 ضحايا، من آل القرن 3 ضحايا.
8/2/1982: سلسلة مجازر حي الباشورة، وكانت حصيلتها كالتالي: من آل الدباغ 11 ضحية، من بيت السيدة آمين 5 ضحايا، من آل موسى 21 ضحية، من آل القياسة 3 ضحايا، من آل العظم ضحيتان، من بناية الدكتور مشنوق 39 ضحية، من آل الصمصام 13 ضحية، من آل كيلاني 4 ضحايا. وفي مجزرة جامع الخانكان عدد كبير من الضحايا لم يُعرف معظمهم.
12/2/1982: مجزرة آل المصري في حي العصيدة (40 ضحية).
13/2/1982: مجزرة آل الصحن في حي الدباغة (60 ضحية).
13/2/1982: مجزرة زقاق آل الزكار في الشمالية (6 ضحايا).
23/2/1982: مجزرة آل شيخ عثمان في حي البارودية (25 ضحية).
26/2/1982: مجزرة الجامع الجديد في جحي الفراية (16 ضحية).
مجازر بحقّ الآلاف، أدار المجتمع الدولي لها ظهره وكأنها حصلت في كوكبٍ آخر، فالجاني بقي رئيساً لبلدٍ حكمها بالحديد والنار حتى حان أجله، وسلم راية الإجرام لوريثه الذي يرحب كل العالم به، مديراً ظهره لجرائم يرتكبها كل يوم منذ سنوات خمس، وفي أحسن الأحوال، حاول المجتمع الدولي سلب بشار الأسد أداةً من أدوات القتل، وأطلق يده بكل الأدوات الأخرى، ضدّ شعبٍ كل طموحاته أن يعيش في دولة، لا مزرعةً لبشار الأسد وعائلته.