ريم الأتاسي: أيها السوري لم تعد مغترباً .. لقد أصبحت منفياً.


 

 

أيها السوري استيقظ، فأنت لم تعد مغترباً، لقد أصبحت مع الأسف منفياً، أصبحت رقم يأتي من دولة يرتبط اسمها بالموت، سوريا لم تعد الأمان، سوريا أصبحت منتشرة بكل أصقاع العالم، توزع جرحها بين محاولة عديمة الفائدة لعلاجه، ومحاولات لترميم التشوه الذي حمله كل سوري غادر وطنه ولم يفقد ما تبقى من أجزاء روحه في البحر.

أيها السوري .. ماذا أنت اليوم، أنت نقطة يحاولون طمس معالمها، فاستيقظ قبل أن يفوت الأوان، تذكر بأنك كنت ذات يوم إنسان له هوية وأرض، له ممتلكات وأحلام كانت قد توقفت منذ خمس سنوات على أمل أن يحل الصراع، صراع بدأ بينك وبين أخيك بين مؤيد لحكومة أثبتت جدارتها في نفي أبناء دولتها، ومعارضة أثبتت عدم كفائتها.

أيها السوري استيقظ قبل أن يفوت الأوان، وتستيقظ ذات يوم لتجد نفسك شبحاً لم يكن له ماض ومستقبله رهين بورقة. تذكر بأن هناك في الماض الغابر أرض حاوطها الياسمين كانت تدعى سوريا، أرض ولدت عليها وترعرعت بها، زرعت بكل شارع فيها ذكرى، إنه وطنك سوريا .. وطنك الذي لم يبق منه شيء سوى الدمار. لا تحاول أن تتجرد من هويتك فلم يكن يوماً لقب “سوري” يحمل أحد على الخجل، فلا تشوه صورتنا بأرض لم ترى بصيص الحضارة سوى بعد أن لفظتها العرب وتخلت عنها لأجل بئر من النفط وبرميل من القطران ..

أيها السوري إن سوريا تبكي .. وتبكي .. وهم يخرونك بالعودة إما لتركيا أو لبنان، إنهم ينفون وطنك، يطعمونك كل يوم سماً يدعى النسيان، يذكرونك كل ما اخطأت بأن هذا الخطأ هو ما حزمته معك من أرضك، فحاول ألا تخطأ بحق سوريا وبحقنا.

أيها السوري أنت هنا لأنك أحببت الحياة أن تعطيك فرصة، أحببت لأولادك أن يعيشوا بعيداً عن الموت والظلم والانتهاك، فلا تكن طماعاً في أحلامك، وتذكر بأن أمك سوريا لم تربيك على الغطرسة والشناعة، تذكر بأنك أتيت من أرض الميعاد، أرض المقدسات، أرض الديانات .. أرض الأخلاق..

أيها السوري أأسف لقولي بأنك مع الوقت لم تعد مغترباً .. لقد أصبحت منفياً.