ما عسى أن تفعل المعارضة في حلب بعد عزل مدن الشمال؟


12644774_1555690258080897_5739625340732432788_nالمصدر | عبد الوهاب عاصي

مع سيطرة قوات النظام السوري بمساندة الميليشيات الشيعية الأجنبية وتغطية جوية روسية على قرية رتيان في حلب، بات الريف الشمالي مفصولاً إلى جزئين، يشكل القسم العلوي منه جيباً عسكرياً مفتوحاً على تركيا تحاصره قوات النظام السوري من الجنوب والوحدات الكردية من الغرب وتنظيم داعش من الشرق، وفيه كبرى مدن حلب التي تعتبر خزاناً بشرياً وعسكرياً لقوات المعارضة السورية وهي أعزاز، مارع، وتل رفعت. بينما تحول القسم السفلي للريف الشمالي إلى ممر ضيق يصل المعارضة السورية بين مدينة حلب ومناطق نفوذها في الغرب وصولاً إلى محافظة إدلب؛ نظراً لسيطرة القوات الكردية على حي الشيخ مقصود الذي يوفر لها رصد طريق الكاستيلو الاستراتيجي، وبالتالي فإن عودة التوتر مع القوات الكردية في هذه المنطقة يجعل مدينة حلب على مرمى واحد من الحصار.

تحالف مع قوات سوريا الديمقراطية:

وبالعودة إلى الجيب العسكري في أقصى الشمال، أصبح أمام فصائل المعارضة السورية المتواجدة فيه خيارات عدة، في مقدمتها التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية رأس حربة فيها، وفقاً إلى الناشط الإعلامي “حسان كنجو”، فإن مثل هذه الخطوة ربما تمثل انعكاساً لرغبة الإدارة الأمريكية التي قد تقدم ضمانات لتركيا؛ بالشكل الذي يبقى فيه نفوذ القوات الكردية محدوداً في الغرب، على أن تقدم أنقرة دعمها لقوات المعارضة المتواجدة في هذه المناطق، بيد أن مثل هذا الاتفاق قد يحتم على القوات الكردية أن تقدم ضمانات بعدم السماح لقوات النظام بالتقدم أكثر من خلال مناطقها، وبالمقابل تعزز المعارضة من جانبها مناطق التماس معه.

ويعتقد “كنجو” في حديثه مع شبكة “المصدر” أن مثل هكذا تحالف ضمن الاعتبارات المذكورة أعلاه، سيكون بغرض مواجهة تنظيم داعش، وهو يتماشى مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية في منبج بالشرق، ما يعني أن الجيب العسكري سيكون بمثابة نقطة انطلاق واسعة ضد تنظيم داعش. ومن جانب آخر فإن التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية، سيبعد مدينة حلب عن أي حصار يذكر، ويصبح طريق الكاستيلو مفتوحاً.

هدنة مع تنظيم داعش:

مع أن غرفة عمليات فتح حلب، أصدرت بياناً رسمياً، نفت فيه جميع المعلومات التي تتحدث عن عقدها هدنة مع تنظيم داعش، بيد أن مثل هذا الاقتراح الذي بدأ تداوله سواءً بشكل رسمي عبر دعوات أطلقها التنظيم إلى فصائل حلب، أو بشكل غير رسمي من خلال أصوات من المعارضة السورية سواءً الإعلامية أو المدنية.

وتم اقتراح الهدنة على شكلين، الأول عبر تسليم مناطق الريف الشمالي للتنظيم والانسحاب منها، بعد أن يؤمن داعش للفصائل الطريق من الشمال باتجاه المدينة؛ مثلما حصل حينما قام التنظيم بتأمين انسحاب الفصائل من الرقة إلى حلب، وبالتالي تقوم قوات المعارضة بتأمين خطوط الإمداد والمواجهة العسكرية في ريف حلب الغربي وصولاً لإدلب، ولفت الناشرون على مواقع التواصل أن مثل هذه الهدنة ستجعل تركيا بموقف حرج لا سيما وأن حدودها ستصبح تحت سيطرة القوات الكردية والتنظيم. وبخصوص الشكل الثاني من الهدنة، فكان من خلال إجراء اتفاق مع التنظيم والعمل سوياً؛ وهذا الاقتراح قُدم من قبل التنظيم. فيما يبدو أن فصائل المعارضة تفضل عدم إجراء أي اتفاق معه لما يصفوه بقولهم “لا يؤمن له جانب”.

اقتحام أحياء مدينة حلب الغربية:

سارع النظام السوري عقب سيطرته على رتيان، إلى إغلاق معبر بستان القصر، ما دفع النشطاء إلى التحذير من قيامه بفرض حصار على مدينة حلب، من خلال شنه لهجوم واسع على حي الشيخ مقصود الذي يطل بجزء منه على مناطق النظام في مدينة حلب، ما يعني رصده لطريق الكاستيلو. بيد أن هذا الاحتمال يعني فتح معركة ضد الوحدات الكردية ليس فقط في حلب بل بكافة المناطق وعزا نشطاء هذا المقترح إلى تصريحات “بشار الجعفري” التي دعا فيها الأكراد الذين يعملون على إقامة حكم ذاتي في مناطق تواجدهم إلى “التخلص من أوهامها” وتناول “حبة بنادول” لمساعدتها على ذلك. كما يوجد احتمال آخر هو أن يقوم النظام السوري بعقد اتفاقية مع الوحدات الكردية يقوم من خلالها بالتقدم في حي الشيخ مقصود تمهيداً لحصار مدينة حلب. لكن هذا من شأنه أن يجعل القوات الكردية أمام معركة مفتوحة مع فصائل المعارضة بكافة المناطق.

تأثر مسار العملية السياسية في جنيف3:

اعتبر الصحفي السوري “محمد إقبال بللو” في اتصال مع “المصدر” أن ما يجري في حلب بمثابة “مرحلة ما قبل الحل السياسي الدموية والتي من المفترض أن تستمر ستة أشهر”، مستبعداً أن تفرض قوات النظام حصاراً على حلب، وأن ما يجري هو بهدف الضغط على المعارضة السياسي خلال عملية التفاوض القادمة، لا سيما وأن روسيا تركز على إعادة إنتاج قوة النظام، وهذا يعني أن الحل السياسي الروسي يجب أن يكون بدون شروط مسبقة للمعارضة.

ويعتقد أن ما حدث في حلب مؤخراً، يهدف إلى جعل الذين فضلوا الحل العسكري على السياسي في جنيف، ينادوا باستمرار المفاوضات واستئنافها، بهدف المخاوف التي بدأت تساورهم بالإضافة إلى إنهاء الأزمة الإنسانية الجديدة التي أحدثها تقدم النظام، وهذا ما تفعله روسيا “إنه الحل السياسي الروسي”.

“فالمجتمع الدولي يسكت على الإجرام الروسي والايراني والأسدي”، بحسب بللو”؛ لأنه قرر الحفاظ والإبقاء بقاء النظام السوري بغض النظر عن شخصية بشار ومصيره، معتبراً أن مجلس الأمن الدولي هو المكان الذي يصدر قرارات بقتل أطفال سورية؛ إذ أن امتناعه عن إصدار قرارات حقيقية تمنع قتلهم هو بحد ذاته قرار بقتلهم ودرس لكل الشعوب التي تفكر بالتحرر. مؤكداً، أنه “على يقين ان رحيل بشار الأسد لا يحتاج مفاوضات وكذلك توقف القصف الروسي، فاتصال من البيت الأبيض كاف لتنحية الأسد وإيقاف العدوان الروسي”.

ما عسى أن تفعل المعارضة في حلب بعد عزل مدن الشمال؟ المصدر.


المصدر : الإتحاد برس