‘المنطقة الآمنة: محاولة تركية للاستفادة من حشود اللاجئين والوجود العسكري السعودي’
7 فبراير، 2016
المصدر | عبد الوهاب عاصي
باتت مدن أعزاز وتل رفعت ومارع شمال حلب، بمثابة جيب عسكري معزول؛ تهدده قوات النظام من الجنوب وداعش من الشرق ووحدات الحماية الكردية من الغرب، ويضع هذا الواقع أنقرة أمام خيارات ضيقة على الصعيدين العسكري والإنساني، لا سيما في ظل مخاوف الأخيرة من تقدم القوات الكردية باتجاه أعزاز بهدف السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تركيا هذا من طرف، واحتمال تقدم داعش من طرف آخر. ولذا أصبح الحديث عن تدخل تركي في تحديد مصير هذه المنطقة التي دفع النظام السوري بسيطرته الأخيرة على رتيان إلى تشكيلها، أكثر واقعية وضرورة لسياسات أنقرة القومية وفقاً لمراقبين.
يعتبر المعارض والسياسي السوري “ناصر محمد العربي” أن تحرك النظام الأخير في حلب وبدعم من موسكو، جعل أنقرة أمام خيار ضيق بالتدخل في الشمال السوري، لا سيما على صعيد إعادة طرح تطبيق المنطقة الآمنة مجدداً، فغالباً مثل هذا القرار بالوقت الراهن سيكون بغرض منع الوحدات الكردية من توظيف موقف المعارضة الضعيف في هذه المدن، لصالح تقدمهم وسيطرتهم على كامل الشريط الحدودي معها.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن منذ أيام، أن موقف واشنطن من إقامة منطقة آمنة شمال سوريا أصبح أكثر ليونة، ويرى المعارض السوري “جميل عمار” أن أنقرة تسعى للاستفادة من الأزمة الحالية للاجئين السوريين الذين احتشدوا على الحدود معها، بمحاولة الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل القبول بإقامة المنطقة الآمنة.
ويعتقد “عمار” أن واشنطن ستجد نفسها مكرهة على القبول بهذه المنطقة؛ نتيجة الضغط الأوروبي الذي نتج عنه تعنت تركيا بعدم إدخال اللاجئين إلى أراضيها، فعلى أنقرة أن تفي بتعهداتها للاتحاد الأوروبي بعدم استقبال السوريين بلا تأشيرات والحد من استقبال اللاجئين الذين بدورهم يعبرون من خلالها نحو بلدان الاتحاد.
وتصب مساعي تركيا في إقامة منطقة آمنة بغرض منع القوات الكردية من عبور نهر الفرات غرباً، فعزل مدن شمال حلب تجعل من السهل عليها القيام بذلك أكثر من ذي قبل، ووفقاً للمعارض السوري “عمار” إن تجاهلت تركيا التحرك الكردي في هذه المنطقة بهذا التوقيت، فستكون قريباً أمام مواجهة حركات الانفصال الكردية، معتبراً أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد مثل روسيا سياسة الحكم الذاتي للأكراد بعد السيطرة على كامل الشريط الحدودي، وقد يشار في ذلك إلى افتتاح موسكو ممثلية لهم على أراضيها، وكذلك القاعدة شبه العسكرية الأمريكية في مطار رميلان، التي جاءت لتدعيم قوة الوحدات الكردية التي أثبتت أنها الشريك الجدي على الأرض لمقاتلة داعش.
وشهدت الحدود السورية التركية في الأيام الماضية حشوداً كبيرة من المدنيين الذين وصلت أعدادهم وفق التقديرات إلى 150 ألف نازح؛ نتيجة للمعارك الجارية في ريف حلب الشمالي بين قوات المعارضة والنظام الذي توفر روسيا لها تغطية جوية واسعة النطاق.
ويؤكد “ناصر العربي” أن المسار الوحيد المتبقي أمام أنقرة لمنع تمدد القوات الكردية، هو إقامة هذه المنطقة، ومن ثم دعم فصائل المعارضة للتقدم باتجاه مناطق تنظيم داعش، وبناءً عليه يعتبر “عمار” أن وجود قوات عربية سعودية إلى جانب الجيش التركي على الحدود ينصب في محاربة التنظيم ودعم فصائل المعارضة السورية بوجه التنظيم؛ ما يعني إعادة بعض القوة العسكرية لها وهذا ما يجب أن ينعكس على مسار العملية السياسية، عدا عن كون الرياض تدعم المخاوف التركية من استيلاء الأكراد؛ لأنه مقدمة لتقسيم سوريا وقيام دويلة علوية تحت سلطة النظام.
وشاع مؤخراً، أن أكثر ما يحبط المعارضة السورية هو موقف تركيا التي تكتفي بإطلاق التصريحات فيما هي عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الدعم العسكري والدبلوماسي للمعارضة، بيد أن تحرك النظام السوري وخلفه روسيا شمال حلب، على ما يبدو جعل تركيا تدفع بالسعودية قدماً من أجل التدخل في سوريا؛ بغرض تحقيق الأهداف التي عجزت عن تحقيقها بمفردها؛ وخاصة ما تعلق بفرض منطقة عازلة شمال سوريا، ومنع الأكراد من تحقيق مكاسب سياسية من الصراع.
المنطقة الآمنة: محاولة تركية للاستفادة من حشود اللاجئين والوجود العسكري السعودي المصدر.
المصدر : الإتحاد برس