‘بيان من اتحاد الديمقراطيين السوريين : بصراحة..كي لا تقع الهزيمة!’

10 فبراير، 2016

 بيان من اتحاد الديمقراطيين السوريين

بصراحة : كي لا تقع الهزيمة!

    ليس التراجع الجاري في كل مكان امام الهجوم الروسي / الايرلني/ الاسدي بالحدث العابر او القليل الاهمية والدلالات . إنه ذروة تطوات سبقته، وواحد مما يسمونه “الاحداث الكاشفة” ، التي تبين حقيقة ما هو قائم في الواقع من مكونات وسياسات ، وما اخذته الثورة بحسبانها ، وهو قليل ، او اهملته ، وهو كثير وخطير ، وما صدقت في قوله ، أو نشرته حولها من اكاذيب وانصاف حقائق .

  ولأن التراجع الراهن ليس حدثا عابرا ، بل هو حدث كان منتظرا ، فقذ حذرنا في “اتحاد الديمقراطيين السوريين “مرات كثيرة جدا من استمرار الاوضاع التي قلنا انها ستؤدي حتما إلى وقوعه ، واكدنا دوما ان حدوثه مسألة وقت ، وكتبنا حول ضرورة ان يتم القيام ،على صعيدي التنظيم والرؤى ، السياسة والعسكر ، بكل ما من شأنه قطع الطريق عليه ، وناقشنا احتمالاته المختلفة والاسباب التي تفضي بالضرورة اليه، ان بقيت الثورة خاضعة لشرطين تحكما بمسارها طيلة السنوات الخمس الماضية هما :

 ـ فقدان الرشد السياسي وما ترتب عليه من الافتقار الى برامج وخطط سياسية وتنفيذية، وسيادة التخبط والارتجال في ظل التبعية والارتهان للخارج، وما ادى رليه من اهمال للداخل كميدان لا بد ان تكون لمصالحه وارادته اولوية مطلقة لدى اقدام اي طرف على اتخاذ مواقف ومنظورات يراد بها خدمة الشعب، والحفاظ على الدولة والمجتمع ، وانتصار الثورة كفعل حرية ، ونقل سورية إلى زمن  ديمقراطي لحمته المواطنة وسداه العدالة والمساوة .  

 ـ الانقسام والصراع والاقتتال بين التنظيمات العسكرية، التي حكمتها بنية تنظيمية وبيئة فكرية انتجتها شروط تشكلها ، جعلت معظمها اقرب إلى تشكيلات عصبوية تخضع لامراء حرب منها إلى مؤسسات وادوات عمل وطني تمارس المقاومة ، وتدافع بالقول والفعل عن الشعب وتحميه ، وتلتزم بهدفه الرئيس وبرنامجه الثوري ، كما لخصه في جملة شهيرة هي : “الحرية للشعب السوري الواحد “.

   قابل ضياع الرشد السياسي ميل قوي إلى الفوضي والعمل الكيفي في ميدان العسكرة ، لم يبذل اي جهد منظم لكبحه ، وكيف يكبح، إن كانت الثورة قد افتقرت طيلة اعوامها الخمسة إلى مؤسسات جامعة ومعترف بها ، تقبل كبرى تنظيمات العسكر خيارها التعددي /الديمقراطي الذي تبناه الائتلاف دون ان يخدمه ، لما ساد سلوكه ومواقفه من ارتجال وتخبط ، جعلاه يسهم في ادارة ازمة وطنه اكثر بكثير مما يعمل لانتصار ثورته. وزاد الطين بلة أن غالبية التنظيمات لم ترفض الاعتراف بسلطة الائتلاف والالتزام ببرنامجه السياسي وحسب، بل تبنت مشروعا مذهبيا مناهضا بشدة لمشروع الثورة ، حمل سمات استبدادية تشبه سمات الاستبداد الاسدي وان اختلفت عنها في اللون والتسمية . والآن : كيف يمكن لثورة ان تبلغ الحرية وتنتصر للعدالة والمساواة والكرامة الانسانية ، إذا كانت مجتمعيتها تتراجع امام مشروع مذهبي / ديني، استبدادي وانتقامي،مماثل لاستبداد النظام الذي تريد اطاحته ، يتنافى مع اهدافها وهويتها ويماثل الاسدية في مضمونه، وان اختلف عنها في خطابه الايديولوجي؟. وهل سبق لثورة ان انتصرت بمشروعين متناقضين ، متنافيين ؟.

   لم تأت الهزيمة الحالية من فراغ . وحتى في حال امكن في مقبلات الايام ايقاف الفصائل المسلحة على قدميها لبعض الوقت ، فإن بنيتها الفصائلية وخياراتها المذهبية تجعلها عاجزة عن انجاز ثورة يتناقض هدفها مع هويتها وبرنامجها المذهبي . وبصراحة ، لن ينتظرنا غير الهزيمة، إن بقي الائتلاف على حاله الراهنة : غريبا عن العمل الوطني وعاجزا عن انجاز اية مهمة من مهامه ، ومشاركا في تغييبه ، وظلت الفصائلية كتنظيم والمذهبية كايديولوجيا مسيطرة على الساحة العسكرية .

  كي لا تذهب تضحيات شعبنا سدى ، ويتواصل اجرام النظام ويستمر تدميره لوطننا ، الذي لا يعنيه من امره غير تسلطه عليه ونهبه واضطهاده وتسليمه لاعدائه من اسرائيليين وروس وايرانيين ومرتزقة طائفيين مختلفي الالوان والجنسيات ، وكي يستعيد السوريون رهانات ثورة الحرية الأولى ويتمكنوا من تحقيقها ، تمس حاجتنا الى مراجعة جذرية وعقلانية لمساري الثورة السياسي والعسكري ، ولبنية واداء مؤسساتهما ،على أن تغلب مشروع الحرية على نقيضه: مشروع المذهبية ، الذي تغلغل في صفوف الشعب وحرف الثورة عن مسارها وقوض قواها ، وجعل الاستبداد الديني بديلا للحرية ، والمذهبية بديلا لوحدة الشعب والمجتمع ووحدة الثوار .

   يطالب” اتحاد الديمقراطيين السوريين ” ما بقي من قوى سورية وثورية حية ، وهي كثيرة ومهمشة ، بوضع وتطبيق برنامج اصلاحي شامل ، من المؤسف أن الائتلاف عاجز اليوم ايضا عن ادراك ضرورته، رغم ما اظهرته التراجعات العسكرية والسياسية الراهنة من حاجتنا الى اصلاح شامل لا بد ان يكون ضربا من ثورة داخل الثورة ، ويصير مطلب الديمقراطيين والثوريين السوريين جميعهم إلى اية مدرسة سياسية وطنية انتموا .

 يا وطنيي سورية ، اتحدوا ، اصلحوا  ثورتكم واستعيدوها قبل فوات الأوان !.  

أخبار سوريا ميكرو سيريا