‘ريم الأتاسي: سوريون في المنفى 4’
10 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
ينتابني حزن أكثر من عميق، حزن على ما وصلت إليه، أضعت ككثير من السوريين سنين من عمري في انتظار هذه الحرب البائسة أن تنتهي، لكن مع الوقت كانت أحلامنا تنحسر وتنتهي إلى منحى آخر والحرب لم تنتهي.
عانيت كما عانى الكثيرون، فقدت كما فعل كل سوري حر في سوريا، وتجاوزت .. لكن ما لا أستطيع تجاوزه حتى اليوم الألم الذي يلاقيني فيه ابن بلدي كل يوم في المنفى.
من البديهي ألا أنتظر من الغريب أن يمد لي يد العون، ولا يحق لي أن أعتب عليه عندما يتصرف معي بسوء، إنني حتى أتجاوزه دون أن أفكر، لكن الغريب يا أيها السوري بأن كل ذلك الدم لم يعلمك شيء، الغريب أن كل ذلك الكم الهائل من حصد الأرواح لم تعتبر منه، وماتزال حتى يومك هذا تسعى لأن تدمرني.
لهذا الثورة لم تنتصر بعد!
لأن الكذب والخيانة المرتبطة فينا لم نتخلى عنها برغم كل شيء، ما نزال نحمل الضغينة ضد بعضنا البعض، عوضاً عن أن نحملها على من دمر ماضينا وحاضرنا ومايزال يتاجر بمستقبلنا. إنه الوطن الأخضر الكريم نحن من دمرناه بجشعنا وكرهنا وحسدنا!
تذكر أيها السوري أنك هنا ممتنين عليك بكل “يورو” يصرفونه عليك، تذكر بأنك هنا لأنهم من أرادوا لك ذلك ليستعمروا بلدك، ليتاجروا بفكرك وعقائدك كما يريدون، ليزرعوا بأطفالك الفكرة التي تجسدها مخططاتهم.
تذكر أيها السوري قبل أن تحضر لي المكائد بأننا هنا جميعاً تحت نفس السقف، رقم يحركونه كما يريدون على رقعته، تذكر الموت الذي نجاك الله منه علك تصنع شيئاً لحياتك. تذكر بأن الطاغية لم يكن يستهدفني ويستهدفك وحسب، بل كان يسعى لنصل إلى ما نحن عليه اليوم.
أيها السوري سوريا ضاعت بين مؤيد أعمى ومعارض أخرس، بين من علمته حكومة البعث أن يصمت أن يختلس سعر أقلام الحبر .. باعتراف منهم “نحن نكره بعضنا البعض”..
أيها السوري أما حان الوقت حتى تستيقظ من سباتك الطويل، أن تتوقف عن استهدافي، استهداف ابن بلدك الذي هجرته الحرب كما فعلت معك.
أيها السوري نحن في منفى وأي منفى .. فكر جيداً قبل أن تتاجر بي وتذكر بأن كل ما اصابك أصابني وبأن الضربة التي توجعك توجعني .. فكر جيداً .. وتمعن بكلماتي .. أنا لست عدوك يا أخي .. فإما تجاهلني أو ابتعد عني .!