مدينة الرستن حصار خانق يخلق مأساة في حياة المواطنيين
12 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
ضمن سياسته في استخدام المدنيين كإحدى أدوات صراعه مع القوى والفصائل المسلحة المناوئة له، يحاصر النظام السوري أكثر من مئة ألف سوري في مدينة الرستن في الريف الشمالي لمدينة حمص وسط سورية، في ظل ظروف إنسانية سيئة للغاية، جراء نقص المواد الغذائية والطبية.
وتعرف مدينة الرستن بأنها أول مدينة تحررت من النظام أواخر 2012 فضلاً عن كونها مدينة وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس اليد اليمنى للرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي كان له دور كبير في تسليم الحكم لابنه بشار الأسد.
وكان طلاس قد غادر البلاد هو وأبناؤه وبينهم فراس أحد ضباط الحرس الجمهوري وعضو اللجنة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي، في ظل الأحداث الدامية التي تشهدها البلاد.
لم يجد رجل أربعيني في مدينة الرستن شمالي حمص حلا سوا الانتحار شنقا، بعدما عجز عن إطعام أطفاله، أو الخروج من المدينة التي تحاصرها قوات النظام منذ أربعة أعوام.
وفُجعت عائلة الرجل عندما وجدت جثته متدلية من حبل معلق في سقف منزله، وبحسب شهود عيان فإن آخر ما رآه الرجل كان طفليه وهما يأكلان من أحد مكبات القمامة.
قصة ذلك الرجل كانت إحدى مشاهد الموت التي ما تزال مستمرة في ريف حمص الشمالي وسط سوريا، الذي يشهد حصارا خانقا تفرضه قوات النظام والمليشيات الطائفية المساندة لها منذ أربعة أعوام، وقد اشتد الحصار مؤخرا واتسعت رقعته الجغرافية لتشمل مدن وبلدات: الرستن وتلبيسة والحولة وقراها والزعفرانة والغجر، مقطعا أوصال المنطقة بطرق مغلقة أو خطرة يستحيل المرور منها.
وتحاصر قوات النظام والمليشيات الطائفية بلدات ريف حمص الشمالي وتمنع عنها أبسط مقومات الحياة، بهدف إجبار سكان تلك المناطق على مصالحة ومهادنة تؤدي إلى تفريغ هذه المناطق من سكانها، ولا سيما أن المنطقة شهدت تهجير مئات العائلات من أحياء حمص القديمة إلى الريف الشمالي، في خطة للتغيير الديمغرافي الطائفي بدأها نظام الأسد بشكل ممنهج منذ تطبيقه سياسة الهدن في مدينة حمص خلال العامين الماضيين، بحسب ما يقول ناشطون وسياسيون معارضون.
وقال خالد -ناشط إعلامي في الرستن- إن النظام يحاصر ريف حمص الشمالي بأكمله من جميع جهاته، وكان يعمل على السماح للهلال الأحمر بالدخول إلى هناك “للضغط على الأهالي للقبول بالتسويات عن طريق محاربة المدنيين في لقمة العيش واحتياجاتهم، لكن الأهالي تصدوا لهذا القرار باللجوء لوسائل بديلة تغنيهم إلى حد ما عن المساعدات الخارجية عن طريق زراعة ما تبقى من الأراضي الترابية المتواجدة ضمن المدينة”.
وإن حلول فصل الشتاء الذي حمل بطياته الأمطار والثلوج زاد من مفاقمة الأهالي المحاصرين، بسبب موجات الصقيع التي تشتهر بها محافظة حمص، حيث سببت بوفات العديد من الأشخاص لعدم توفر المحروقات والأغطية، بالإضافة إلى القصف الذي يتبعه النظام للضغط على المدنيين المحاصرين منذ سنوات.
من جانبه يشير رئيس المجلس المحلي في الرستن مصطفى الحسين، إلى تعذر إدخال المساعدات إلى المدينة منذ بداية عام 2016، بسبب رفض حواجز النظام المنتشرة في محيط الرستن السماح بدخولها المدينة.
بدوره يؤكد بصير أيوب، مدير إحدى الجمعيات الإغاثية العاملة في الرستن، أن جميع محاولات إدخال مادة الدقيق (الطحين) للمدينة باءت بالفشل، مما أدى إلى توقف عمل الأفران منذ بداية العام، خاصة مع ندرة جميع المشتقات النفطية.
ويناشد سكان الرستن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تحمل مسؤلياتهم للتدخل وإنقاذ المحاصرين الذين يقطع النظام عنهم كل مقومات الحياة، بالإضافة إلى القصف الذي يعتمده لكسر إرادة سكان المدينة التي تحوي آلاف النازحين من المناطق المجاورة.
المركز الصحفي السوري- وكالات
المركز الصحفي السوري