كفى – تنازل الولايات المتحدة في سوريا يجب أن يتوقف

14 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
6 minutes

مع قيام الطائرات الروسية بتدمير حلب, واستعداد مئات الآلاف من المدنيين في أكبر مدينة سورية للحصار والتطويق والتجويع والهمجية التي سوف تلي ذلك, فقد حان الوقت  لإعلان الإفلاس الأخلاقي لسياسة أمريكا و الغرب في سوريا.
في الواقع, فقد فات الوقت. الإفلاس الأخلاقي مستمر منذ وقت طويل: خمس سنوات من التصريحات الفارغة بأن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يرحل, والتسليح الضعيف للجماعات المتمردة, والسماح بتجاوز الخط الأحمر المتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية وانعدام الكفاءة في مشاركة عبئ اللاجئين مع أوروبا ووقوع أوروبا تحت وطأة تبعات التقاعس الأوروبي. في هذه الأُثناء, حوالي ربع مليون سوري قتلوا, و7 ملايين شردوا وحولي 5 ملايين أصبحوا لاجئين. من بين اللاجئين هناك 2 مليون طفل.
هذا المسار المنحدر قاد إلى إمكانية حصول حقيقة لا تصدق, تتثمل في أن الدكتاتور السوري ومؤيدوه عديمو الرحمة اقتربوا جدا من حلب, وأن حكومة الولايات المتحدة, وباسم القتال ضد الدولة الإسلامية, تقف على الهامش, في حين أن روسيا والأسد وإيران يدمرون معارضيهم بثمن إنساني باهظ.
لقد حان الوقت لأولئك الذين يهتمون بالمكانة الأخلاقية للولايات المتحدة لأن يقولوا أن هذه السياسية معيبة. إذا سمحت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو بأن يقوم شركاؤهم الغامضون الجدد بتطويق وتجويع شعب حلب, فإنهم سوف يكونوا متواطئين في جرائم حرب. وسوف يتم العثور على بقايا كرامتنا وسط أطلال حلب. القصف العشوائي ضد المدنيين خرق واضح لاتفاقات جنيف. كما هو حال استخدام الحصار لتجويع المدنيين. لسنا بحاجة إلى انتظار دليل على نوايا الأسد وفلاديمير بوتين مع تضييقهم للخناق حول حلب. البراميل المتفجرة تتساقط على طوابير الخبز والمستشفيات في المدينة (وفي كل مكان في سوريا) منذ وقت طويل. التجويع أصبح يستخدم كسلاح منذ وقت طويل ضمن مجموعة الأسد المرعبة.
حلب في حالة طارئة, وتتطلب إجراءات طارئة. ألم نعد قادرين على العمل ضمن حالة طوارئ؟ كما أن ما يحدث يشكل فرصة, وربما تكون الأخيرة, لإنقاذ سوريا. حلب هي سراييفو الجديدة, وسربرنتشا الجديدة, وإذا كان مصيرها في الصراع السوري هو مصير سراييفو وسربرنتشا في الصراع البوسني: فإنها فرصة لكي تتحرك أمريكا بقوة وعلى الغرب أن يقول بصوت واحد “كفى”. يجب التذكر أنه بعد سربرنتشا وبعد سراييفو –وبعد الحملة الجوية التي أوقف فيها الغرب الفظاعات التي كانت ترتكب هناك – اتخذت الولايات المتحدة بعض التدابير التي قادت إلى اتفاقات دايتون وأنهت الحرب في البوسنة.
الحكمة التقليدية هو أنه لا يمكن القيام بشئ في سوريا, ولكن هذه الحكمة خاطئة. هناك طريق يمكن سلوكه لوضع حد للرعب في حلب – وهو طريق واقعي يمكن أن يشرف مثلنا العليا, ويساهم في استعادة مكانتنا الأخلاقية و موقعنا الاستراتيجي. من خلال العمل تحت مظلة الناتو, يمكن للولايات المتحدة أن تستخدم قواعدها البحرية والجوية في المنطقة لإنشاء منطقة حظر طيران تمتد من حلب إلى الحدود التركية وأن توضح للجميع أنها سوف تمنع استمرار قصف المدنيين واللاجئين من قبل أي طرف, بما في ذلك الروس. كما أنه بإمكانها استخدام منطقة الحظر الجوي لفتح ممر تجاه تركيا واستخدام أصولها لإمداد المدينة والنازحين في الداخل في تلك المنطقة بالمساعدات الإنسانية.
وإذا سعى الروس والسوريون إلى منع الحماية الإنسانية وتزويد المدينة بالمساعدات, فإنهم سوف يواجهوا عواقب عسكرية. الجيش الأمريكي على اتصال دائم مع الجيش الروسي من أجل تجنب اشتباك طيرانهم في المجال الجوي السوري, ويمكن أن تخلق الإدارة اتصالا دائما مع القيادة الروسية لضمان بأن مهمة الحماية الإنسانية لا يجب أن تتطور إلى مواجهة بين القوى العظمى. ولكن مواجهة الخطر ليس عذرا لعدم القيام بشئ. سوف يفهم الروس والسوريون مباشرة عواقب تحرك أمريكا وحلف الناتو, وسوف يتعلموا, وبالطريقة الوحيدة التي يبدو أنهم يتعلمون بها, بأنهم لا يمكن أن يحرزوا النصر في الحرب السورية على شروطهم المقيتة. استخدام القوة لحماية المدنيين, وإنشاء قوة جديدة تمنع استخدام الجو من قبل الطاغية السوري والطاغية الروسي,  ربما يمهد الطريق لمفاوضات أكثر قوة وجدية لوضع حد للمذبحة.
هذا ما يجب أن تبدو عليه القيادة الأمريكية في القرن الواحد والعشرين: الجمع بين القوة والدبلوماسية معا, والالتزام الأخلاقي والجرأة الاستراتيجية , في التعامل مع أهداف إنسانية , من شأنه أن يحظى بدعم العالم. عصر التنازل في سوريا يجب أن ينتهي. وإذا لم يكن لدينا رد على ما يحدث في حلب, وإذا لم نقم بكل ما بوسعنا لوقف أقسى معاناة وأكثرها ضررا في عصرنا الحالي, فإن حلب سوف تكون وصمة عار في ضميرنا إلى الأبد.

ترجمة المركز الشرق العربي

المركز الصحفي السوري