محمد إقبال بلو: حتى الإفراط في التفاؤل غير جيد.. قليل منه ينعش


محمد إقبال بلو: حتى الإفراط في التفاؤل غير جيد.. قليل منه ينعشالاتحاد برس

يتفاءل معظم السوريين اليوم بالتدخل العسكري الجديد الذي بدأ بشكل خجول عبر قصف الطيران التركي لبعض المواقع العسكرية التابعة للنظام السوري، كما يرى البعض أن القصف التركي لمواقع القوات الكردية يأتي رداً على تقدم تلك القوات وسيطرتها على مواقع جديدة كان يسيطر عليها الجيش الحر.

حالة التفاؤل هذه حق من حقوق كل سوري عاني الموت يومياً عبر سنوات خمس، لكن التفاؤل العقلاني الذي لا يشعرك بالصدمة فيما بعد هو المطلوب، إذ أن أية قوة عسكرية عربية أو غير عربية تدخل المعركة اليوم وبعد خمس سنوات لم يتوقف خلالها قتل السوريين، لا بد أن يكون لها أهدافها غير المعلنة، ولا بد أنها قد رتبت بطريقة متقنة الصياغة بعد تفاهمات دولية واسعة تمت في ميونخ أو ما قبل ميونخ.

ورغم أن هذا التدخل التركي والسعودي قد بدأ عملياً إلا ان الدائرة ستتوسع وستشترك دول أخرى في المعركة التي قد تؤدي في نهايتها إلى إسقاط النظام جزئياً، أو إلى رحيل بشار الأسد، لكن هذه القوى نفسها هي التي ستقوم بتكريس التقسيم المتفق عليه دولياً والذي أصبح أمراً واقعاً لا محالة، ووظيفة هذه القوى العسكرية التي ظهرت أخيراً في الساحة السورية تتعلق برسم الحدود وضمان عدم تجاوز الخطوط الحدودية “الحمراء” من قبل أية جهة ترغب بالتوسع في مناطق سيطرتها، ستفرض القوة العسكرية الجديدة المواقع على الجميع وستوزع الحصص بالشكل الذي ارتأته الدول كلها بعد اجتماعات علنية وسرية عدة تمت خلال الشهور الماضية.

بعد تطبيق خطة التقسيم المعتمدة من قبلهم، سيكون وقف إطلاق النار الحقيقي، وغالباً لن يكون هنالك وقف لإطلاق النار قبل ذلك، لأن الأمر يتطلب قوات عسكرية خارجية على الأرض لتضبط الموضوع، وهذه القوات لن تتواجد بشكل عشوائي، بل غن وجودها متعلق بالأقاليم الجديدة وجنسية القوة العسكرية التي ستكون وصية عليها حين إعلان وقف إطلاق النار، والتي ستكون ضامنة لتنفيذه أيضاً.

إقليمان لا بد من قيامهما، فالأمور توضحت تماماً، وهما الإقليم العلوي والإقليم الكردي، وعملياً فإن هذين الإقليمين أصبحا أمراً واقعاً، وعلى الرغم من محاولة القوى التي تسعى لتوسيع هذين الإقليمين إلا أن الحدود الحقيقية لهما لن تكون إلى بموافقات دولية “روسية وأمريكية وتركية والسعودية” فروسيا تسعى لاستمرار نفوذها في المنطقة العلوية ولا بد لذلك الاستمرار من حماية تلك المنطقة وترسيمها جغرافياً، كما أن تركية تعلم تماماً أن الإقليم الكردي أصبح واقعاً، لكنها تسعى أيضاً إلى ترسيمه جغرافياً بالشكل الذي لا يضر بمصالحها السياسية، أما الإقليم السني الذي من المفترض أن يكون سنياً بحتاً ولا يحتوي على أي تنوع طائفي أو عرقي، فهو الذي ستقوم برسم حدوده القوات السعودية التي سيكون تدخلها البري حتمياً لتحقيق ذلك، لأمرين هما ترسيم الحدود وضمان وقف إطلاق النار وترتيب الإقليم وتهيئته للمرحلة الجديدة.

سينتهي الأمر برحيل بشار الأسد عن سورية لأنه لم يعد مقبولاً حتى بالنسبة للعلوين، وغالباً لن يكون له أي دور في الإقليم الجديد، كما أن وقف إطلاق النار سيفرض حقيقة وسيتم تطبيقه بنجاح، سيتوقف الموت وقد يعود ملايين السوريين إلى ديارهم ليبدأوا ببناء ما تم تدميره، لكن سوريا الحرة الموحدة والتي من المفترض أن تكون وطناً لجميع السوريين، أصبحت حلماً لا أكثر.

محمد إقبال بلو: حتى الإفراط في التفاؤل غير جيد.. قليل منه ينعش الاتحاد برس.