ريم الأتاسي: الحب في المنفى


أي حب هذا الذي يودون منا أن نحتفل فيه، أقلب نظري فيما حولي لا أجد سوى البغض والعداء، هل انقرض الحب؟! .. في سوريا لا يموت الحب لكنهم من يقتلون المشاعر في قلوبنا، أما في المنفى فأرانا نبيع ما تبقى من أرواحنا لنحصل على القليل من الحرية المزعومة التي نعيش فيها رغم أننا بأسر بلا جدران.

لونوا صفحاتهم باللون الأحمر يعاتبون الحب، وهم لم يعرفوا يوماً عنواناً له، وأولئك الذين يدعون الحب إنما يخبئون وجوههم خلف أصابعهم، لكن حتى لو أرحت كفك اتجاه الشمس لا يمكنك أن تخفي نورها، ستظل ساطعة وستظل موجودة رغم من ينكرها!

التحول الذي يصيبنا في المنفى ليس وليد اليوم أو البارحة، لقد جئنا فيه معنا، جئنا فيه بقلوبنا محملين بحقد دفين، بطائفية حاولنا كثيراً أن نتخطى مفهومها، لكنه الجهل يا أعزائي، الجهل الذي يتغلغل حتى العظام فينا، نعيد ونزيد وكأننا لم نتعلم من درس الموت شيئاً.

يغرهم شبابهم وكأنهم خالدين، يعتقدون بأن بعض القوة التي يتمتعون بها ستردع الموت عنهم، يجولون في عقولهم الفارغة، هل تخلينا عن أوطاننا ربما فعلنا، لقد بدأنا شيئاً فشيئاً نعتاد الحرب كأنها جزء لا يتجزء من تاريخ مدينتنا ..

وحوش تحولنا .. باتت الدماء لوحة لا نتمتع دون أن نمر عليها كل يوم، أصبح خبر استشهاد الشباب خبراً يوضع آخر الأخبار، سجلاً ممحياً .. ووقعنا في فخ عبودية الأنا حتى القوانين الإلهية لم تعد ترهبنا، فعن أي حب تريدون مني أن أتحدث؟!

الحب الذي بات أسطورة .. السلام الذي بات لعنة على السوريين، يخافون أن يسمعوا فيه، السلام الذي لم يقدسوا له يوماً لأنهم لم يضعوه في أجندة أعمالهم الشيطانية.

دمروا حجارتها الطاهرة، واليوم باتوا يدمرون آخر ما بقي فينا من تاريخ، لكنني واحدة من الأناس الذين لن يتسوا هذا التاريخ، وسيظل حبي قائماً حتى الأبد لكل ذكرى عشتها على أرضي .. أرض سوريا التي اقتلعوا منها جذور الياسمين .. لكن يحتاجون حتى يبيدوا هذا الحب أن يبيدونا .. وهذا ضرب من المستحيل، فمن سيرفع معي يده لنقيم يوماً للحب لسوريا، أو ربما يوماً بلا دماء .. ندعوه بيننا وبين أنفسنا يوم السلام!

فعن أي حب أحكي .. عن حب بات مكسور الخواطر .. حب في المنفى!