اسرائيل اليوم :uFEFFسوريا: بوتين يستمر في أخذ الكوبونات
16 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
جاء الشهر الاخير بالكثير من الراحة لبوتين، الرئيس الروسي وحلفاؤه بشار الاسد وقادة حزب الله وإيران. الحرب التدميرية ضد المتمردين السوريين ومن يؤيدوهم تسير حتى الآن بشكل جيد. استطاعت مليشيات الاسد ومقاتلو حرس الثورة الإيراني السيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية في شمال سوريا حول مدينة حلب وفي الجنوب حول مدينة درعا.
السكان السوريون يدفعون ثمن نجاح بوتين والاسد. عدد القتلى حسب التقديرات هو نصف مليون انسان، أي ضعف ما كان حسب الافتراض. يضاف اليهم 8 ملايين لاجيء، ثلث سكان الدولة، الذين وجدوا ملجأ خارج حدودها. الهجمات الحالية لروسيا وإيران قد تضيف 2 ـ 3 ملايين سوري لدائرة اللجوء.
التدخل الروسي ـ الإيراني في سوريا الذي بدأ في ايلول الماضي، كبح تمدد المتمردين الذين كانوا قبل اشهر معدودة على مشارف دمشق. هذا التدخل سمح للنظام السوري أن يزيد من سيطرته «على سوريا الصغيرة» التي بقيت في حوزته، وهي منطقة ضيقة تمتد من دمشق في الشمال إلى مدينة حلب وإلى الشاطيء العلوي الذي هو معقل النظام وجنوبا إلى المدينة الحدودية الجنوبية درعا.
الآن يتوجه الائتلاف الروسي الإيراني إلى المرحلة التالية ـ القضاء على تواجد المتمردين في غرب سوريا حتى لا يستطيعوا العودة وتهديد نظام بشار. من هنا تنبع أهمية مدينة حلب، وهي المدينة الثانية في حجمها في الدولة والتي توجد قرب الحدود التركية. كانت هذه المدينة في السنوات الاخيرة منقسمة وتتوزع السيطرة فيها بين المتمردين وبين النظام. وقد نجح النظام السوري الآن في حصارها من كل الاتجاهات حيث قام بفصل المتمردين الموجودين فيها عن حليفتهم تركيا. ويستعد الآن للسيطرة عليها ومن هناك يتوجه إلى الغرب إلى مقاطعة ادلب التي ما زالت توجد تحت سيطرة المتمردين وهي تشكل نقطة انطلاق للهجوم على الشاطيء العلوي. وفي السياق يوسع النظام السوري سيطرته ايضا في جنوب الدولة باتجاه درعا. وعلى المهداف توجد هضبة الجولان السورية التي سيطر عليها المتمردون قبل سنتين.
اذا استمر النظام السوري في انجازاته فقد يعيد السيطرة على غرب سوريا بالكامل. ومن هناك التوجه شرقا في محاولة لأخذ المناطق السورية التي سيطر عليها داعش قبل سنة. هذا السيناريو متفائل جدا بالنسبة لبشار وحلفائه وتحقيقه ما زال أمرا بعيدا. لكن بشار الاسد الذي قمنا بتأبينه منذ وقت يتبين أنه الاكثر بقاء من الجميع، بالطبع بمساعدة بوتين وإيران.
إن نجاح بوتين هو فشل أوباما. والمرونة التي تظهرها الولايات المتحدة في سوريا ومناطق اخرى في الشرق الاوسط هي التي مكنت بوتين من فعل ما يشاء وهندسة سوريا من جديد. لم تعد الدولة التي فيها أقلية علوية (10 في المئة) تسيطر على اغلبية سنية كبيرة ومتمردة. سوريا الجديدة نصف سكانها تقريبا تحولوا إلى لاجئين ومن بقي يعانون من الصدمة ومستعدون للقبول بالتوازن الديمغرافي الجديد حيث اصبح العلويون والاقليات الاخرى نصف سكان سوريا الجديدة.
لقد عرفت الحرب في سوريا تحولات حادة ولا سيما تبخر التنبؤات. لكن بغض النظر عن الدمار في سوريا فان بوتين في هذه الاثناء هو المنتصر الأكبر.
القدس العربي
المركز الصحفي السوري