هل تندلع الحرب بين تركيا وروسيا؟


بدلاً من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المعلن في مدينة ميونيخ الألمانية يوم الجمعة الماضي زادت روسيا وقوات نظام الرئيس بشار الأسد من عنف غاراتها في كافة أنحاء سوريا، ضمن هجوم شامل شاركت فيه قوات إيرانية ولبنانية وعراقية، وفي تنسيق واضح مع «وحدات الحماية الشعبية» الكردية.

إضافة إلى استكمال حصار بعض المدن والبلدات، وتأمين الجبهة الجنوبية مع الأردن، فإن الهدف الأكبر يتمثّل بحصار مدينة حلب والسيطرة على الحدود السورية ـ التركية لقطع الإمدادات عن المعارضة السورية المسلحة، وتهجير مئات آلاف السوريين للضغط على تركيّا والعالم، بحيث يترجم «الحل السياسي» الذي تطالب به الأمم المتحدة ودول العالم، إلى رضوخ المعارضة السياسية السورية لأجندة روسيا وإيران في سوريا، كنتيجة منطقية لسحق المعارضة المسلحة.

تركيّا، من جهتها، حذّرت بلسان كبار سياسييها أنها لن تسمح بهذا السيناريو بالحصول، وبدأت منذ خمسة أيّام بقصف مدفعيّ للقوات الكرديّة التي استطاعت، رغم القصف التركي، وبفضل التغطية الجويّة الروسية، من السيطرة على بلدة تل رفعت الاستراتيجية وتتأهب لدخول بلدة مارع في ريف حلب الشمالي.

في موازاة التصعيد الروسي ـ التركيّ أرسلت المملكة العربية السعودية رسالة واضحة إلى روسيا وإيران بإعلانها عن ضرورة التدخّل البرّي لقوّات عربية في سوريا، من خلال تنظيمها مناورات «رعد الشمال» التي ستجري قريبا وتشارك فيها 20 دولة إسلامية، بما فيها مصر وباكستان والمغرب وعمان وقطر والأردن وغيرها، كما أعلنت عن إرسال طائرات حربية إلى قاعدة أنجرليك التركية، وعن وجود طائرات أخرى في قاعدة قونية للتدريب.

التحرّك، تركيّاً كان أم سعودياً، تمّ ربطه بقرار لـ«التحالف الدولي» بالتدخل البرّي، وهو أمر غير مرجّح، في ضوء الموقف الأمريكي «الغامض»، على حد وصف رئيس وزراء فرنسا لوران فابيوس، ولكنّ ذلك لم يوقف أنقرة عن قصف «وحدات الحماية» وقوات النظام السوري، وعن الإعلان الصريح أنها لن تسمح بسقوط مدينة أعزاز الحدودية، وبالتهديد بـ«ردّ عنيف جدا»، إذا حصل ذلك.

التصريحات التركية كلّها تؤكد أن مصالح أنقرة وأمنها باتا مهددين، وبأنها ستتصرف بقوّة لحمايتهما، لكنّها، من جهة أخرى، تؤكد أنها لن تدخل الحرب من دون موافقة «التحالف الدولي» على ذلك، فكيف ستجابه أنقرة موسكو من دون أن يتحوّل الصراع بينهما إلى حرب مباشرة؟

هذا ما وضحه نائب رئيس الحكومة التركية يالجين أكدوغان، الذي قال يوم الأحد الماضي «الجمهورية التركية ليست الدولة التي من الممكن أن تبقى على الحياد تجاه ما يحصل حولها. كل شخص يعرف أن إيران وروسيا تمتلكان ميليشيات في سوريا، ولكن لا أحد يقول إن روسيا وإيران هما في حالة حرب»، وهو ما يمكن ترجمته بأن التدخل التركي (والسعودي؟) قد يكون بعمليات محدودة للقوات الخاصة للبلدين في سوريا، كما يمكن أن يكون تدخلا محدودا لتأمين منطقة آمنة للمعارضة السورية المدعومة من تركيا والتحالف العربي تقوم منها بتنفيذ عمليات ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وكذلك ضدّ القوّات التي تهدد مصالح وأمن تركيا، بما فيها القوات الكردية أو قوات النظام السوري.

أحد الأخطار الماثلة والآنية، ربما، بالنسبة للمسؤولين الأتراك هو إمكانية توحّد قوات «الحماية الكردية» في سوريا مع قوات «حزب العمال الكردستاني» في تركيا، وهو أمر، إذا حصل، سيكون سابقة تاريخية، بل إنه سيعيد فتح أوراق الحرب العالمية الأولى التي كانت روسيا في بدايتها جزءاً من قوّات «الحلفاء» وكانت جائزتها الموعودة من تلك الحرب… السيطرة على إسطنبول!

القدس العربي


المركز الصحفي السوري