أربع مناطق كونفدرالية: هذا ما اقترحه مسؤولون أمريكيون للحل في سوريا


أربع مناطق كونفدرالية: هذا ما اقترحه مسؤولون أمريكيون للحل في سورياالمصدر | عبد الوهاب عاصي

قبيل صدور القرار الأممي 2254 وبيان ميونخ مؤخراً، أصدرت مؤسسة راند البحثية الأمريكية، والمعروف عنها قربها من دوائر صنع القرار، في شهر كانون الأول من عام 2015، دراسة بعنوان “خطة سلام من أجل سوريا”، ركزت فيها على ضرورة إعادة رسم أهداف المجموعة الدولية لدعم سوريا، التي عليها أن تعمل على تأمين وقف إطلاق النار ومن ثم إجراء مزيد من المفاوضات حول شكل الدولة السورية المستقبلية.

ويجب إنشاء ثلاثة مناطق آمنة في سوريا، وفقاً للمناطق المسيطر عليها، فتكون المنطقة الأولى بالغرب مكان سيطرة النظام، والثانية في المنطقة الشمالية والشرقية مكان سيطرة الأكراد، وثالثة، غير متصلة في الشمال والجنوب مكان سيطرة ما يعرف بالمعارضة المعتدلة، وبتشكيل هذه المناطق التي يفترض أن تتم بعد انسحابات لأطراف على حساب أطراف أخرى ومن ثم يحصل فيها وقف لإطلاق النار يستثني النصرة وداعش وفقاً لاتفاق دولي بين أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا؛ وذلك عبر وكلائهم، وبتشكيل هذه المناطق تتكون منطقة رابعة هي منطقة سيطرة تنظيم داعش وسط وشرق سوريا، ويتم استهداف هذه المنطقة من الجميع، بما فيهم قوات دولية.

وسوريا ذاهبة، ضمن المعطيات السابقة إلى نظام دولة فدرالية أو كونفدرالية؛ وفقاً للباحثين الذين أعدوا الدراسة، فقد يتم ذلك بعد وقف إطلاق النار، حيث ستقوم الأمم المتحدة بجمع كافة الفصائل السورية بعد موافقتها على الخطة من أجل البدء بالتفاوض حول مستقبل الدولة الموحدة. غير أن الدراسة أشارت بالوقت نفسه إلى أن إعادة توحيد سورية سيستغرق وقتاً، “إذا ما كان ذلك ممكن اصلاً”.

وبحسب مركز إدراك للدراسات والاستشارات الذي قام بترجمة هذا المقترح المقدم من مؤسسة راند الأمريكية، فإن الخطة المقترحة جرى تقديمها ودراستها داخل أروقة وزارة الخارجية الأمريكية وهي أقرب للتطبيق أو التبني من قبل الولايات المتحدة، حيث ستلقي بثقلها لتنفيذها؛ كون مركز راند معروف بقربه من دوائر صنع القرار الأمريكي وتداخله معها.

ويرى مركز إدراك أيضاً أن أمريكا من جهتها تحقق أكثر من هدف في هذا المقترح، فهي تضمن تواجداً حيوياً لها في مناطق الأكراد. وضمنت أيضاً إشغال القوى الإقليمية (إيران وتركيا) بالاهتمام بحفظ الخطة الأمريكية في سوريا، عدا عن احتوائها لروسيا وهو ما يمكن أن يتمخض عنه اتفاقات أخرى تجري بين الدولتين لاحقاً.

كما يعتبر أن “هذه الخطة لا تثمل تغيراً فعلياً فيما يتعلق بالخطوط العريضة للرؤية الأمريكية للحل في سوريا، فمنذ بداية الثورة جرى حديث مطول حول هذه التفاصيل ويبدو أن أمريكا حتى بعد 5 سنوات من القتال لم تغير الكثير من قناعاتها حول من وصفتهم الخطة بسكان سوريا من العرب السنة”.

بالإضافة لاعتباره بأن “الخطة أشارت إلى صعوبة تطبيق هذا المقترح، وأشارت أيضاً إلى أن خروقات بالجملة ستحدث في حال فرض أي هدنة، عدا عن إشارتها لوظيفة القوات الدولية المتواجدة في المناطق السورية الأربعة، والتي منها منع مقاتلي المعارضة من شن أي هجمات ضد النظام، وهو ما قد يعني أيضاً احتمالية لجوء بعض المتحمسين أو غير المقتنعين بهذه الخطة إلى تشكيل قوة مقاومة لتنفيذها أو ربما الذهاب إلى الخيار الأسوأ وهو الانضمام إلى صفوف داعش إذ تبدو داعش على أنها الخيار الأمثل لمحاربة ما سيتم وصفه في حينه بالمؤامرة الغربية على سوريا”.

وقام بإعداد هذه الورقة العلمية كل من جيمس دوّبنز الرئيس الفخري لوحدة الأمن والسياسة في راند، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الامريكي وفيليب غوردون: زميل أقدم في مجلس العلاقات الخارجية، وشرق إفريقيا ومنطقة الخليج (2015-2013). ومساعد لوزير الخارجية للشؤون الاوروبية والأوراسية (2013-2009) وجيفيري مارتيني: محلل للشرق الأوسط في راند وقضى عام 2014 في وزارة الخارجية في لجنة النزاعات وعمليات توطيد الاستقرار.

ومؤخراً، توصلت المجموعة الدولية لدعم سوريا، إلى خطة في ميونخ تقتضي لوقف ما أسمته العمليات العدائية بدلاً من الوقف الشامل لإطلاق النار، وهي أشبه بالهدن المؤقتة، ويبدو أن هذا الاتفاق يشبه إلى حد بعيد الطرح الذي قدمته الدراسة، كما أن توسع الحديث عن تدخل تركي وسعودي (سني) شمال سوريا ضد تنظيم داعش وبتوافق مع قوات التحالف الدولي وحلف شمال الأطلسي، أيضاً يشبه ما لمحت له الدراسة بمشاركة قوات دولية لقتال التنظيم بحيث تبقى هذه المناطق تحت إشراف هذه القوات، وقد علل الكاتب السياسي “عبد الوهاب بدرخان” في حديث صحفي له هذا التدخل القادم بقوله “إن السعودية تريد أن تمنع مهاجمة مناطق سنية فيها داعش من قبل قوات شيعية وعلوية، فهم لا يريدون أن يمنحوا نظام الأسد وحلفاءه فرصة محاربة تنظيم داعش في المناطق السنية”.

كما اعتقد بدرخان أن “التدخل العربي يمكن أن يؤثر على السيناريوهات التي تتداول حول التقسيم، والفدرلة؛ إذ في بال إيران بشكل خاص وروسيا أن الوضع في سوريا لن يعود إلى ما كان عليه، ويريدون التحكم بالصيغة المقبلة لشكل سوريا، فوجود دور عربي ضد داعش يعطي فرصة أيضاً للمحافظة على عروبة سوريا ووحدتها”.

أربع مناطق كونفدرالية: هذا ما اقترحه مسؤولون أمريكيون للحل في سوريا المصدر.


المصدر : الإتحاد برس