المعتدلون في إيران يواجهون تحدياً كبيراً في الانتخابات المقبلة


الخميس 18 فبراير / شباط 2016

يتجه الإيرانيون لانتخابات ترسم مستقبل الجمهورية لفترة لا تقل عن عشر سنوات عندما يتنافس المرشحون المتشددون والمعتدلون الأسبوع المقبل في انتخابات لاختيار أعضاء البرلمان والهيئة التي ستتولى اختيار الزعيم الأعلى المقبل للبلاد.

ويأمل حلفاء الرئيس “حسن روحاني” أن يكتسبوا نفوذاً غير أن المهمة الملقاة على عاتقهم صعبة بسبب تحركات المتشددين لقطع الطريق على المرشحين المعتدلين وعدم تحقق ما وعد به “روحاني” نفسه من إصلاحات.

وقد أدى الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه العام الماضي إلى رفع عقوبات دولية معوقة كانت مفروضة على إيران الأمر الذي أطلق الآمال في تحسن الوضع الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة لكثير من الإيرانيين.

لكن إمكانية الانفتاح على العالم وكذلك تزايد شعبية “روحاني” أزعج المتشددين من أنصار الزعيم الأعلى “آية الله علي خامنئي” وصعد الخلافات السياسية داخل هياكل السلطة المعقدة في إيران.

وقد شطب مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المتشددون ويتولى فحص المرشحين والقوانين الآلاف ممن تقدموا بطلبات الترشح وكان أغلب هؤلاء من المعتدلين ومنعهم من خوض الانتخابات البرلمانية التي تجري في 26 فبراير/ شباط.

كما منع ما يقرب من 80 في المئة من المرشحين المتقدمين لخوض انتخابات مجلس الخبراء التي تجري في اليوم نفسه لانتخاب من سيتولون اختيار خليفة “خامنئي” البالغ من العمر 76 عاما.

ويدقق المجلس في فحص المرشحين لعضوية البرلمان بناء على ولائهم للدستور الإيراني وللقيادات الدينية.

ويريد المعتدلون أن تكون لهم كلمة مسموعة في اختيار خليفة “خامنئي” من خلال الفوز بمزيد من المقاعد في مجلس الخبراء الذي سيظل أعضاؤه المنتخبون وعددهم 88 عضواً في المجلس حتى عام 2024.

وقال محلل في طهران مشترطاً عدم الكشف عن هويته “خامنئي 76 عاماً وعنده مشاكل طبية. وسترسم انتخابات مجلس الخبراء مستقبل إيران لأن المجلس التالي عليه اختيار الزعيم المقبل.”

وفي خطوة ربما كانت تهدف إلى الحفاظ على هيمنة المتشددين على مجلس الخبراء وافق مجلس صيانة الدستور على 166 مرشحاً فقط من بين 801 تقدموا بأوراقهم.

وقال “خامنئي”: “انتخابات المجلس (الخبراء) في غاية الأهمية (…) فهم سيختارون الزعيم الأعلى عند الضرورة (…) ومن ثم فإن العدو في غاية الحساسية إزاء المجلس.”

ومن بين من رفض ترشحهم لخوض انتخابات مجلس الخبراء “حسن الخميني” حليف “روحاني” وحفيد “آية الله روح الله الخميني” الزعيم الراحل لثورة 1979 الإيرانية.

وللزعيم الأعلى نفوذ كبير وسلطة دستورية على الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية في نظام الحكم وكذلك الجيش والإعلام.

وقال المحلل “بوجود عدد أكبر من المعتدلين في المجلس من الممكن أن يكون على رأس إيران على الأقل زعيم أقل تشدداً بعد خامنئي أو حتى مجلس قيادة معتدل يقود البلاد.”

وكان الرئيس السابق “أكبر هاشمي رفسنجاني” أغضب المتشددين في ديسمبر/ كانون الأول عندما قال إن مجلس الخبراء سيكون مستعداً لاختيار “مجلس قيادة إذا اقتضت الضرورة” بدلاً من زعيم أعلى واحد يحكم مدى الحياة.

و”روحاني” و”رفسنجاني” من أعضاء مجلس الخبراء وسيشاركان من جديد في انتخابات الأسبوع المقبل.

ويجيز الدستور الإيراني اختيار “مجلس قيادة” انتقالي إلى أن يستقر الرأي في مجلس الخبراء على زعيم أعلى. لكن محللين قالوا إن “رفسنجاني” ينادي بمجلس دائم وهي فكرة يرفضها بشدة حلفاء “خامنئي” من المتشددين.

ولن يكون لنتيجة الانتخابات البرلمانية أثر كبير على السياسة الخارجية في إيران. لكنها ستعزز نفوذ الفئة المنتصرة في الانتخابات الرئاسية التي تجري العام المقبل.

وقال مسؤول إيراني رفيع إنه إذا كان المعتدلون يسيطرون على البرلمان “فلن يتحدى ما وعد به روحاني من إصلاحات مثلما فعل البرلمان الحالي. وسيفيد التناغم بين الهيئتين التنفيذية والتشريعية المسؤولين على خدمة الناس بشكل أفضل.”

ويأمل المعتدلون أن تترجم الفوائد الاقتصادية والسياسية للاتفاق النووي إلى أصوات لحلفاء “روحاني” في الانتخابات.

وقال المحلل السياسي “حامد فرحوشيان” إن “فقدان السيطرة على البرلمان سيكون صفعة سياسية قوية للمتشددين الذين لن يكون لهم سيطرة حينئذ إلا على القضاء من بين الفروع الثلاثة (للسلطة) في إيران.”

ويعين “خامنئي” رئيس هيئة القضاء التي شنت حملة تضييق على النشطاء والصحفيين في الأشهر الأخيرة بهدف تسليط الضوء على حدود “روحاني” في توسيع نطاق الحريات الاجتماعية.

المصدر : رويترز