“داعش” يستعيد السيطرة على الشدادي في الحسكة


تمكن تنظيم “الدولة الإسلامية”، مساء الأحد، من استعادة السيطرة على مدينة الشدادي وبعض القرى المحيطة بها جنوب شرقي محافظة الحسكة. وجاء ذلك بعد أقل من 48 ساعة، من سيطرة مليشيا “سوريا الديموقراطية” على الشدادي، ضمن معركة “غضب الخابور” التي أطلقتها في 16 شباط /فبراير 2016، بهدف السيطرة على مناطق واسعة جنوب شرقي الحسكة، بغطاء جوي من طيران “التحالف الدولي”.

وسيطرت “الدولة الإسلامية” على الشدادي ومحيطها، بعدما شن مقاتلوها هجوماً معاكساً على “سوريا الديموقراطية” من محورين: من قرية عدلة جنوب غربي الشدادي، والحريري شرقيها. واستخدمت مليشيات التنظيم، في هجومها المعاكس، الأسلحة الثقيلة من مدفعية ودبابات، إضافة إلى تفجير 3 سيارات مفخخة طالت مواقع تمركز مليشيات “سوريا الديموقراطية”.

الناشط الإعلامي من محافظة الحسكة عبدالله الأحمد، قال لـ”المدن”، إن التنظيم بدأ هجومه بتفجير سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان، استهدفتا مواقع “سوريا الديموقراطية” في قرية عدلة جنوب غربي المدينة. وتلى ذلك تسلل لمجموعات من “قوات النخبة” أو ما يعرف بـ”الانغماسيين” إلى داخل الشدادي، والتي خاضت حرب شوارع، انتهت بسيطرة التنظيم على كامل المدينة، وانسحاب “سوريا الديموقراطية” منها إلى منطقة “الـ47” شمالي المدينة وقرية الفدغمي شرقها.

وأضاف الأحمد أن الاشتباكات لاتزال مستمرة بين الطرفين على أطراف قرية الفدغمي ومنطقة “الـ47″، واستهدف التنظيم نقاط “سوريا الديموقراطية” بسيارتين مفخختين، في محاولة للتقدم واستعادة السيطرة على كامل المنطقة.

وقُتل في المعارك أكثر من 60 مقاتلاً من “الدولة الإسلامية”، بينهم أمير التنظيم في مدينة الشدادي أبو شهاب العراقي، ونائب وزير النفط لدى التنظيم أبو سارة الجزراوي، وعناصر من جنسيات أجنبية. فيما قتل أكثر من 120 عنصراً من “سوريا الديموقراطية” بينهم 35 سقطوا نتيجة غارة لطيران “التحالف الدولي”. وكانت قوات “سوريا الديموقراطية” أكدت تعرض مواقع لها لقصف جوي مجهول الهوية في حقل تشرين النفطي، بحسب بيان صادر عنها.

ونعت قوات “السوتورو” (قوات الأمن السريانية)، إحدى المليشيات المنضوية في”سوريا الديموقراطية”، القائد العسكري لها حورو سكندر، في المعارك مع التنظيم على أطراف مدينة الشدادي.

طيران “التحالف الدولي” الذي يقوم بالتمهيد لـ”سوريا الديموقراطية” شرقي نهر الفرات، كان قد كثّف قصفه الجوي وبالصواريخ الباليستية على مناطق الشدادي وقرى جبل عبد العزيز، منذ 14 شباط/فبراير، ما أوقع مجازر راح ضحيتها مدنيون، وخلّف دماراً كبيراً في المدن والقرى المستهدفة؛ ففي فجر 16 شباط/فبراير، استهدف “التحالف الدولي” مدينة الشدادي، بخمسة صواريخ باليستية سقطت على الفرن الآلي ومحيطه ومبنى البريد، ما أدى لتدمير تلك المواقع، ومقتل 28 مدنياً وإصابة 18 آخرين. بينما استهدفت غارة أخرى سيارة تنقل مدنيين قرب قرية الجاير، وأسفرت عن مقتل عشرة مدنيين، بينهم ستة أفراد من عائلة واحدة.

طائرات “الأباتشي” المشاركة في المعارك ليلاً، دمرت المنازل في القرى التي كانت ضمن خط سير مليشيا “سوريا الديموقراطية” على محور الهول-الشدادي، ما أسفر عن مقتل عائلتين كاملتين، في مجزرة راح ضحيتها 17 مدنياً، في قريتي العمو وغونة.

تعليقاً على هذا الموضوع، قال المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الناصر العايد، لـ”المدن”: “لن يكون تقدم أي قوات برية في مناطق سيطرة داعش أمراً سهلاً، بل لن يكون ممكناً على الاطلاق دون دعم ناري جوي كثيف وفق صيغة الأرض المحروقة”. وأضاف “مقاتلو داعش أقدر من ناحية الكفاءة من أي قوة ميدانية من القوى المحلية الموجودة الآن، ناهيك عن الروح القتالية الانتحارية التي تتصاعد يوماً بعد آخر بفضل الإعداد الديني المكثف للعناصر في شبه عزلة عن العالم، وفي ظروف تنعدم فيها فرص نجاتهم. الأمر الذي يجعلهم يقاتلون بشراسة عدمية تقودها الفكرة الدينية وأمل الفوز بالجنة الذي أصبح أملهم الوحيد”.

وأشار العايد إلى أن عناصر التنظيم وقياداته يلجؤون إلى استدراج خصومهم إلى معارك إلتحامية يصبح تدخّل الطيران فيها صعباً. كما يصبح تراجع خصومهم غير ممكن، فيعملون على استنزافهم في منازلة برية تميل الحظوظ فيها إلى صالحهم. ومع أن هذا التكتيك مرحلي، ولا يمكن إدامته على نحو استراتيجي، إلا أنه يعرقل إلى أمد غير منظور، عمليات إنهاء التنظيم عسكرياً، خاصة في المدن والبلدات والمناطق العمرانية أو التي يوجد فيها انشاءات هندسية أو عمرانية.

وشهدت مدينة الشدادي وقراها حالة نزوح جماعي للأهالي، باتجاه ناحية مركدة جنوبي الحسكة وإلى قرى ريف دير الزور ومحافظة الرقة. وذلك بسبب المعارك والقصف المستمر، وخوفاً من عمليات انتقام من الطرفين، في ظل أوضاع إنسانية ومعيشية سيئة، فكثير من العائلات توجد في العراء تحت المطر وبرد الشتاء.

معركة الشدادي، هي الأهم في محافظة الحسكة، كون المدينة كبرى التجمعات السكانية في ريف الحسكة الجنوبي، وتحتوي أهم خزانات النفط في المنطقة الشرقية من سوريا. كما تتمتع الشدادي بأهمية استراتيجية، من حيث تشكيلها عقدة مواصلات للطرق، التي يسلكها مقاتلو تنظيم “داعش” في التنقل بين محافظات الجزيرة السورية الثلاث؛ الرقة ودير الزور والحسكة. فضلاً عن أن الطريق بين الموصل والرقة، عاصمتي التنظيم في العراق وسوريا، يمر عبر الشدادي.

المصدر: المدن – محمد حسان