قصة الناجية الوحيدة من قصفٍ روسي لمستشفى معرة النعمان
23 فبراير، 2016
عبد الرزاق الصبيح:
“سمعنا صوتاً لم نسمعه في حياتنا، ولم نتوقع بهذه القوة، وفجأة لم نشاهد إلاّ كتل الركام فوق رؤوسنا، غابت الإنارة فجأة، وغابت الغرفة التي كنّا نعدّ العدّة فيها من أجل عملية جراحية لأحد المرضى في القسم الكائن تحت الأرض بطابق واحد” هذا ما قالته لـ “ ” الناجية الوحيدة من غارة روسية على مستشفى “أطباء بلا حدود” قبل أيام في مدينة معرة النعمان.
قالتها الممرضة الناجية رفيف الحرامي، وانهمرت بالبكاء على رفاق كانوا لها بالأمس، واليوم أصبحوا تحت التراب. تسببت الغارات بكسور في أطراف رفيف العلوية، بالإضافة إلى كسر خفيف في الجمجمة.
ابنة مدينة معرة النعمان، وابنة السادسة والعشرين، والأم لطفلتين، كانت دخلت الوظيفة مؤخراَ قبل شهرين براتب متواضع، لا يتجاوز السبعين دولاراَ.
صوتها المبحوح كان عاملاَ لفرق الدفاع المدني، كي تبذل مزيداَ من الجهد والوقت لإخراجها، عمل شاق لفرق الدفاع المدني والتي قدمت من معرة النعمان ومن سراقب ومن جبل الزاوية ومن كفرنبل، واستخدمت كل الأدوات البسيطة التي بحوزتها.
وأمضت رفيف أكثر من سبع ساعات وهي تحت الركام، وكان المشفى الذي يتبع لمنظمة أطباء بلا حدود ركام على ركام.
طائرة حربيّة روسيّة كانت شنت غارتين جويّتين على المستشفى جنوب معرة النعمان، صباح يوم الاثنين الماضي، في الخامس عشر من شهر شباط الجاري، وكانت الغارتان الروّسيتين بالقنابل الفراغية، بفارق زمني بسيط.
“محمد الريمي” أحد الممرضين الناجين أيضاَ من قصف مشفى أطباء بلا حدود، وفي حديثه لـ “ ” قال: كنت قد نزلت للتو من الطابق الثاني، في مستشفى أطباء بلا حدود، من أجل قفل دراجتي النارية، وكان اليوم الأول لي في هذه المستشفى، وكان أحد زملائي ينادي (تعال نشرب الشاي) فقلت له انتظرني لدقيقتين، سوف أقفل الدرّاجة وأحضر إليك.
وأضاف الريمي: ما إن وصلت لباحة المستشفى الخارجية حتى سمعت صوتاَ كاد يخطف سمعي، وماهي إلا ثوانٍ وإذ أنا على بعد أكثر من ثلاثين متراَ عن المستشفى، ويناديني أحد عناصر فرق الدفاع المدني، هل أنت حي؟.. هل أنت حي؟. أجبت بنصف كلمات لا أستطيع الحركة، فحملني سريعاَ واتجه إلى سيارته واتجهت بسرعة إلى المشفى الوطني القريب، وما إن وصلنا حتى سمعنا شخصاَ ينادي عبر الأجهزة اللاسلكية، “هناك طائرة حربية تابعة لنظام الأسد تحلق فوق المشفى”.
ويتابع الممرض الريمي في شهادته على قصف المستشفيات: كنت قد نمت على السرير في الطابق الأول للتو، ولا أستطيع الحركة، وماهي إلاّ لحظات حتى سمعت صوتاَ يشبه الصوت السابق، عندها أدركت أنه الموت لامحالة سوف أموت، ووقعت على الأرض.
كانت الغارة هذه المرّة، لطائرة حربيّة تابعة لنظام بشار الأسد استهدفت المستشفى الوطني الذي تم نقل بعض المصابين الذين كانوا خارج مشفى أطباء بلا حدود.
وصل عدد الضحايا في مشفى أطباء بلا حدود والوطني إلى سبعة وعشرين وكان منهم طبيب وثمانية ممرضين، والباقي من المدنيين.
تم استهداف المستشفيين على الرغم من أن أقرب نقطة اشتباك بين كتائب الثوّار، وقوّات الأسد تبعد أكثر، من خمسين كيلو متراَ عن هذه المشافي.
وكان رئيس الائتلاف الوطني أحمد قوجة قد وجّه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي اعتبر فيها أنّ الغارات الروسيّة على المدنيين متعمدة وتأتي ضمن خطّة مبيتة منهم.
هذا الحدث العظيم دفع ناشطي معرة النعمان وحقوقييها، إلى تنظيم وقفة تضامنية مع ضحايا العدوان الروسي، على مشفى أطباء بلا حدود وعلى المجازر التي ترتكبها الطائرات الحربية الرّوسية، أمس الأحد، في الحادي والعشرين من شهر شباط / 21 فبراير/.
عبّر الناشطون في هذه الوقفة عن الاستنكار، لاستهداف منشآت صحية انسانية، حيث أن مشفى أطباء بلا حدود، والمشفى الوطني في معرة النعمان، يقدمان الخدمة لأكثر من مئتي ألف مدني في ريف ادلب.
وفي حديثه لـ “ ” قال أحمد الجربان مدير شبكة أحبار المعرة الآن: خرجنا اليوم كفعاليات ثورية في مدينة معرة النعمان، بوقفة تضامنية مع عوائل الضحايا، وطالبنا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بمحاسبة مرتكبي مجزرة مشفى أطباء بلا حدود والمجازر الأخرى التي ترتكبها الطائرات الحربية الروسية في مناطق كثيرة من سوريا.
تم إغلاق العديد من المشافي والنقاط الطبية في ريف ادلب بعد الاستهداف الأخير للمشافي في معرة النعمان، وتم نشر بيان لمديرية صحة ادلب الحرّة، طالبت فيه بإغلاق المشافي والمؤسسات الصحية التابعة لها في ريف ادلب، بسبب الغارات الروسية.