دلالات قبول موسكو بالهدنة في سوريا


شكل إعلان موسكو وواشنطن توصلهما إلى اتفاقلوقف إطلاق النار في سوريا نقطة تحول مهمة في مسار الأزمة السورية، كما أن إعلان الرئيس الروسيفلاديمير بوتين بنفسه التزام روسيا به يحمل دلالات على حدوث تحول في الموقف الروسي تجاه الحل العسكري للأزمة السورية.

وأعلن بوتين عن توصله لاتفاق مع نظيره الأميركيباراك أوباما لوقف إطلاق النار في سوريا، يبدأ سريانه بعد منتصف ليلة 27 من الشهر الجاري.

وتعهد بوتين -في مداخلة تلفزيونية أمس الاثنين- بأن بلاده “ستفعل كل ما يلزم” لكي يلتزم النظام السوري بالاتفاق، مطالبا الولايات المتحدة بعمل الشيء نفسه مع المعارضة السورية المسلحة، معتبرا أن الاتفاق يقدم فرصة حقيقية لإنهاء سنوات من إراقة الدماء والعنف.

وأضاف أن واشنطن وموسكو على استعداد لوضع آلية مراقبة فعّالة لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار.

وبشأن شروط الاتفاق، قال بوتين إنه يتعين على كل الجماعات التي تقاتل في سوريا أن تؤكد التزامها بالتهدئة. لكنه لفت إلى أن الاتفاق لا يشمل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات المصنفة عالميا على قائمة “الإرهاب”، وأن الضربات ضدها ستستمر.

“باسانتس: روسيا تأمل أن يسهم موقفها الجديد في سوريا في إيجاد لغة مشتركة مع الولايات المتحدة لحل الأزمة الأوكرانية”

مقومات نجاح
وتعليقا على الاتفاق، عبّر عقيد الاستخبارات الروسي السابق بول باسانتس عن تشكيكه في نجاح الاتفاق، مع أن روسيا وأميركا هما طرفا الاتفاق وهما اللاعبان الأكثر تأثيرا في الصراع السوري.

واعتبر أن قيام  بوتين بالإعلان بنفسه عن الاتفاق محاولة للإيهام بجدية موسكو في إنجاحه، ولكسب موقف أمام الغرب.

وأوضح باسانتس أن هناك عدة عوامل وراء الموقف الروسي المستجد، في مقدمتها تعرض روسيا لضغوط كبيرة من واشنطن لوقف القصف الجوي في سوريا.

وأضاف أن موسكو باتت متخوفة من جدية السعودية وتركيا ودول عربية أخرى في القيام بعملية برية في سوريا، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية غير مضمونة النتائج، واتخاذ الأزمة أبعادا خطيرة.

وأوضح أن روسيا تأمل أن يسهم موقفها الجديد في سوريا في إيجاد لغة مشتركة مع الولايات المتحدة لحل الأزمة الأوكرانية.

ولفت باسانتس إلى أن روسيا باتت تخشى من استمرار تراجع اقتصادها مع ارتفاع كلفة التدخل العسكري في كل من سوريا وأوكرانيا، ولا سيما أن موسكو متخوفة من أن إطالة أمد الحرب وانعكاساتها المستقبلية قد تدفع إلى تنامي المعارضة الداخلية.

مراجعة موقف

من جهته، اعتبر المستشار السياسي في المجلس الفدرالي الروسي السفير باكلانوف أن الاتفاق الروسي الأميركي بشأن سوريا يأتي بعد أكثر من ثلاثة أشهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا، في حين كانت روسيا تأمل في أنها ستنجح في تغيير كفة الحرب بشكل جذري لصالح النظام وتثبيت سلطة بشار الأسدخلال شهر واحد، وهو الأمر الذي دفع موسكو إلى مراجعة موقفها والقبول بوقف إطلاق النار.

كما لفت باكلانوف إلى أن التوجه الروسي الجديد يركز على حل الأزمة الأوكرانية لكونها هي المشكلة الأساسية في علاقة موسكو بالغرب، وحجر العثرة لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

وأضاف أن التدخل الروسي في سوريا كشف لموسكو عن الكثير من التناقضات داخل النظام السوري، وأن المشاكل الداخلية في سوريا أكبر بكثير مما كانت موسكو تتوقعه، لكن هذا لا يعني تخليها عن دعم الأسد وإنما أنها باتت أكثر اقتناعا بجدوى الحل السلمي، خصوصا أن النظام بات يشعر بثقة أكبر كطرف مفاوض.

المصدر: الجزيرة


المركز الصحفي السوري