Written by
MICRO SYRIA ميكروسيريا
on
on
المعارضة السورية تعترض على مذكرة وقف إطلاق النار
اعترضت الهيئة العليا للمفاوضات على بيان وقف الأعمال العدائية الذي أعلنته الولايات المتحدة وروسيا، وتساءلت كيف تكون موسكو طرفاً مشاركاً لواشنطن في ضمان تنفيذ الهدنة والتحقق من الالتزام بشروطها، وهي في الوقت نفسه طرفا أساسيا في العمليات العدائية؟ وطالبت بوجود جهة محايدة تحظى بالمصداقية وصاحبة ولاية في تحديد المسؤولين عن خرق شروط الهدنة، وإيجاد وتفعيل آلية واضحة للإبلاغ عن خروقات الهدنة. |
بهية مارديني: إيلاف
درست الهيئة العليا للمفاوضات، التي اجتمعت في الرياض، البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية حول وقف الأعمال العدائية “الهدنة المؤقتة” .
وأعلنت الهيئة في مذكرة أرسلتها الى الأطراف المعنية، وتلقت “ايلاف” نسخة منها، أنها تثمن وتنظر بإيجابية “لكل جهد يهدف إلى توقف قتل وقصف المدنيين السوريين والجرائم التي ترتكبها قوات النظام والميليشيات الطائفية المتحالفة معه، وما تقوم به القوات الروسية من قصف عشوائي يستهدف المدنيين”.
ورأت الهيئة “أن هدنة موقتة لمدة أسبوعين تشكل فرصة للتحقق من مدى جدية الطرف الآخر بالالتزام ببنود الاتفاقية، وقد وضعت الهيئة جملة من الملاحظات لتأكيد ضمان نجاح الهدنة لأن تطبيق بنود النص المطروح مرهون بتنفيذ المتطلبات الجادة والفعالة لتحقيق الحماية اللازمة للمدنيين السوريين، وتهيئة الظروف المناسبة للسير في عملية سياسية تحقق تطلعات السوريين كما نص عليها بيان جنيف لعام 2012”.
كما رأت الهيئة “ضرورة الأخذ بهذه الملاحظات قبل تنفيذ الهدنة لضمان مشاركة سائر الأطراف بها، وزيادة فرص تحقيقها على الأرض”.
وكانت أبرز تلك الملاحظات “أنه من المستغرب أن تكون روسيا الاتحادية طرفاً مشاركاً للولايات المتحدة في ضمان تنفيذ الهدنة والتحقق من الالتزام بشروطها وفرض إجراءات الامتثال، وهي في الوقت نفسه طرف أساسي في العمليات العدائية، حيث يتعين تنفيذ ذلك من خلال لجنة قوامها من دول مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وينبغي إلزام روسيا بالدخول ضمن بنود الهدنة والتعهد بوقف عملياتها العسكرية وشبه العسكرية على الأراضي السورية”.
وأكدت الهيئة العليا للمفاوضات “تجاهل الوثيقة دور روسيا وإيران في شن العمليات العدائية وما ترتكبه من انتهاكات في حق الشعب السوري من خلال قصف المناطق الآهلة بالسكان واستخدام أسلحة الحصار والتجويع ضد المدنيين وارتكاب جرائم التهجير القسري، ولكي تكون الهدنة فاعلة وقابلة للتطبيق فإنه لا بد من النص على وقف كافة الأعمال العدائية التي تشن على الأراضي السورية من قبل القوى الخارجية، مع ذكر الدول التي تشارك بصورة فعلية وهي (روسيا وإيران) في استهداف المعارضة، وأن تلزمهما الوثيقة بوقف هذه العمليات العدائية باعتبارها طرفاً أساسياً في القتال لصالح النظام”.
واعتبرت الهيئة أن “إعلان وقف اطلاق النار” مضى “إلى شرعنة العمليات الروسية من خلال تخويلها بالاستمرار في استهداف “الجماعات الإرهابية” -وفق تصنيف الأمم المتحدة- كما منحت قوات النظام الصفة نفسها من خلال السماح لها بالاستمرار في العمليات ضد الجماعات المذكورة، وتترك لهما حرية تفسير تصنيفات الأمم المتحدة بالطريقة المضللة التي دأبوا على التذرع بها لاستهداف المعارضة، حيث يصر النظام والاتحاد الروسي على اعتبار سائر قوى المعارضة جماعات إرهابية، كما أن هذا البند يتيح لهما الاستمرار بالنسق الإجرامي لعمليات القصف الجوي” .
وأضافت “لا يمنح اعلان وقف اطلاق النار” قوى المعارضة الميزات التي منحتها لقوات النظام التي تم اعتبارها “قوة شرعية” يسمح لها بالاستمرار في العمليات العسكرية، حيث تتجاهل الوثيقة حاجة المعارضة للدفاع عن نفسها من اعتداءات الجماعات الإرهابية التي تستهدف المعارضة أكثر من استهدافها للنظام، ويتعين منع النظام من القيام بأية عمليات قتالية نظراً لسجله الحافل بارتكاب جرائم الحرب”.
ولفتت الهيئة الى أن البند الثاني من المادة الأولى من “اتفاق وقف اطلاق النار” نص على تعهد الفصائل بالامتناع عن قتال جيش النظام أو أية قوى حليفة له، وهذا أمر خطير إذ إنه يمنح الميلشيات الإرهابية التابعة لإيران الشرعية التي تفتقدها، ولا يتيح للمعارضة حق الدفاع عن نفسها من تعديات هذه الميلشيات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية بصورة غير قانونية والتي لا يصح منحها الشرعية أو تضمينها في نص وثيقة تحمل صفة الإلزام القانوني.
و اعتبرت الهيئة العليا في مذكرتها أنه “ينتج عن الخلل أعلاه عدم تحديد الآلية التي سيتم من خلالها إعلان الالتزام بالهدنة وشروطها من قبل الميليشيات الطائفية ومجموعات المرتزقة المرتبطة بإيران أكثر من ارتباطها بالنظام، إذ إنه من الضروري أن يتم هذا الإعلان بشكل واضح في الوقت المحدد من قبل الأطراف المذكورة سابقاً للتأكد من التزام هذه الأطراف بالهدنة”.
ولفتت الهيئة أنه” لم يتضمن اعلان وقف اطلاق النار “تحديداً واضحاً للأراضي التي لن تشملها الهدنة بسبب السيطرة عليها من قبل التنظيمات المصنفة كمنظمات إرهابية بحسب قرارات مجلس الأمن، بل ترك هذا الأمر لتحدده الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية الذي اعتُبر طرفاً راعياً للهدنة رغم أنه الطرف الأساسي في شن العمليات العدائية، وبالتالي فإنه يتعين تحديد هذه الأراضي قبل سريان الهدنة للتأكد من التزام القوات الروسية والإيرانية وقوات النظام بشروط الهدنة، وأن لا تستمر في قصف المناطق الآهلة بالسكان تحت ذريعة استهداف “الجماعات الإرهابية” وهو الأمر الذي دأبت عليه منذ بداية حملتها العدائية”.
كما لم يتضمن اعلان وقف اطلاق النار أية إشارة “لضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني في حماية المدنيين السوريين ولا سيما اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين بها وذلك في معرض الحرب على التنظيمات الإرهابية، وضرورة إعمال قاعدة التمييز بين المقاتلين والمدنيين واعتبار استهداف المدنيين خرقاً لشروط الهدنة”.
حول الملحق بالاعلان والهدنة
ورأت الهيئة العليا للمفاوضات أن الفقرة الأولى من البندين 1و2 من شروط الهدنة “الملحق” تعني بشكل واضح لا لبس فيه، التنفيذ المباشر والفوري غير المشروط للفقرات 12 و13 و14 من القرار 2254 /2015، وتعتبر الهيئة أن عدم تنفيذها طبقاً لما نص عليه القرار 2254 في بدء سريان هذه الهدنة يعتبر عدم التزام بشروطها. وأكدت الهيئة أنه من الضروري تحديد إطار زمني واضح ومحدد لسريان هذه الهدنة المؤقتة أو انتهائها.
ورأت الهيئة أيضا “ضرورة تحديد إطار زمني مدته أسبوعان قابلة للتجديد رهنا بنجاح الهدنة وتنفيذ البنود 12و13و14 من قرار مجلس الامن 2254/ 2015 والمضي قدما بالعملية السياسية وطالبت إيجاد وتفعيل آلية واضحة لإجراءات فرض الامتثال وضمان عدم خرق الهدنة من قبل روسيا وإيران وقوات النظام والميليشيات المتحالفة معه و إيجاد وتفعيل آلية واضحة موثوق بها ومحايدة تحدد إجراءات الرصد والتحقق من تنفيذ شروط ومتطلبات هذه الهدنة من قبل جميع الأطراف”.
وقالت الهيئة إنه “لا بد من وجود جهة محايدة تحظى بالمصداقية وصاحبة ولاية في تحديد المسؤولين عن خرق شروط الهدنة وطالبت ايضا إيجاد وتفعيل آلية واضحة للإبلاغ عن خروقات الهدنة من قبل الأطراف المشاركة فيها، والمدد الزمنية اللازمة للتعامل مع هذه الخروقات”.
وذكرت الهيئة أنه لم يتضمن “اعلان وقف اطلاق النار” تحديداً للعواقب المترتبة على خرق النظام والميليشيات المتحالفة معه والقوات الروسية والإيرانية للالتزامات المنصوص عنها في الهدنة، بينما نجد أن مثل هذه العواقب ترد بشكل ضمني ضد قوات المعارضة حيث ذكرت الوثيقة أن خرق الهدنة سيؤدي لرفع الحماية عن الطرف الذي يقوم بهذا الخرق ما يعني استثناؤه من سريان الهدنة وهو ما سيسمح للقوات الروسية أو لقوات النظام باستهدافه تحت هذه الذريعة، بينما لا وجود لأية جهة يمكنها أن تقوم بمثل ذلك في حال قام النظام أو الميلشيات الحليفة له بمثل هذا الخرق.
وحضت الهيئة على “ضرورة تثبيت مواقع القوى والوسائط منذ بدء سريان الهدنة، بل استخدم البيان عبارة “عدم السعي لكسب أراض”، وهي عبارة لا تعني شيئاً على مستوى الالتزام القانوني، ومن الضروري أن تتضمن الهدنة التزاماً واضحاً بمنع النظام من تحريك قواته أو زيادة وسائطه النارية في المناطق التي يسيطر عليها اعتبارا من تاريخ بدء سريان الهدنة.”
كما لم تتضمن الوثيقة أي نص يحول دون استغلال القوات الروسية وقوات النظام والميليشيا المتحالفة معه لذريعة محاربة داعش والقاعدة في ضرب قوات المعارضة.
خلافات جديدة
من جانب آخر، وفي اشارة الى خلافات في الهيئة العليا للمفاوضات على خلفية كيفية ادارة الملفات تقاطرت تصريحات بعض اعضاء الهيئة العليا مما يشير عن عدم رضاهم عما يجري.
وقال حسام حافظ عضو الهيئة العليا للمفاوضات: “منذ فترة طويلة وأنا اكتب أن علوم السياسة هي أعمق العلوم الانسانية و أن الجزء المتعلق منها بالشؤون الدولية والعلاقات الخارجية في عالمنا المعاصر هو الأكثر تعقيدا والأكثر حاجة للتعمق والتخصص فكيف ان ارتبط ببحر العلوم القانونية والقانونية الدولية.”.
وتساءل على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” فكيف ان تم التعاطي معه بمنطق الأبيض والأسود والتسطيح وبمنطق خلط الدولي بالداخلي أو بالشعبي وحتى بالشخصي فكيف ان وجد البعض أن الهروب والبقاء على شاطىء العموميات خارج أي تفاصيل هو الحل.”.
ثم تساءل “كيف ان أصررت على الخروج بإرادتك من المطبخ، الوحيد المتاح لك ألا يعني أنك ستأكل ما سيقدمه غيرك؟ هذا ان افترضنا جدلا انه سيقدم لك شيئا يؤكل أو حتى أنه مهتم اصلا بجوعك”.
واستطرد أن “مخططات وقف اطلاق النار …الوجبات الجاهزة نموذجا”.
فيما ردّ معاذ الخطيب وهو عضو الهيئة العليا للمفاوضات أيضا “صدقت دكتور حسام وعندما نضيع نحن الفرص رغم توفرها فلا بد بعدها من أن تتدخل كل الايدي لوضع القطار في سكتها هي”.
من جانبه، قال لؤي حسين عضو الهيئة “قررت روسيا وأميركا البدء بتنفيذ وقف إطلاق النار بات اسمها الهدنة الروسية الأميركية؛ هذا مع علمنا أنه لا يوجد قتال بين البلدين، ولكن هذا إثبات صريح ومطلق أن الشأن الأعلى هو شأن الدولتين الأكبر، وليس شأن حتى دول الإقليم، فكيف إذن حال المعارضة والفصائل”.
وأضاف: “أنا لا أقول هذا تشفيا من ادعاءات جوفاء تتبجح بها المعارضة و”الثوار” وحتى النظام، بل إريد القول: “على قد بساطنا منمد إجرينا” لكي نحافظ على أقصى الحدود التي يمكن أن نصل إليها”.
وزاد “تبجح المعارضة اليوم بقبولها المبدئي بالهدنة كلام يستحق السخرية. لأن أوباما وبوتين لم ينتظرا موقفها، فهما يتحدثان مع من يملك السلاح على الأرض، أي إيران والسعودية وغيرهما”.
وقال “علينا العمل على إظهار قادة حقيقين للبلاد، فكفى سوريا الأسد وصغاره في المعارضة والفصائل. نريد رجالا صادقين أمناء على بلادهم ومواطنيهم. يعملون على الأرض وليس على وسائل الإعلام سوريا الآن أمام لحظة تاريخية وتحتاج إلى صناع تاريخ”.