د. موسى شتيوي يكتب: الفرصة الأخيرة


د. موسى شتيوي يكتب: الفرصة الأخيرة - مدار اليوم
آخر الأخبار


د. موسى شتيوي

من المفترض أن يُشكل الاتفاق الأميركي-الروسي في حال نجاحه، خطوة مهمة في تهيئة الظروف المناسبة لاستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السورية، والتي تم تأجيلها حتى إتمام هذا الاتفاق.
الاتفاق الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 27 الشهر الحالي، ينص على وقف الأعمال العدائية بين الحكومة والمعارضة السورية المسلحة، باستثناء التنظيمات المصنفة كتنظيمات إرهابية، مثل “داعش” و”النصرة”. كذلك، نص الاتفاق على ألاّ ينطبق أيضاً على أي طرف لا يقبل الاتفاق. والحديث هنا عن التنظيمات أو المعارضة المسلحة وليس المعارضة السياسية. وبالطبع، هذا البند يُساعد في تجاوز قضية تصنيف التنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية.
الاتفاق يؤشر أيضاً إلى أن الملف السوري أصبح حصرياً بيد الدول العظمى، وبخاصة الولايات المتحدة وروسيا، والأمم المتحدة كمرجعية، ولم يعد هناك دور حاسم للقوى الإقليمية التي أثبتت التجربة أنها لم تكن قادرة على أن تخرج من دائرة الصراع الوجودي مع بعضها بعضا. وهذا لا يعني إلغاء دور هذه القوى كلياً، وإنما يعني أن ملف مستقبل سورية خرج عن سيطرة الدول الإقليمية أو حتى القوى السورية نفسها.
لكن الذي يعرف خريطة التنظيمات المسلحة ووجودها الجغرافي، وتداخلها مع بعضها بعضا وتداخلها مع قوات النظام، يُدرك أن إنجاح الاتفاق على أرض الواقع لن يكون عملية سهلة. وبالتالي، ستكون احتمالية نجاح وقف إطلاق النار في سورية ضعيفة جداً.
من الواضح أيضاً، أن أميركا وروسيا لن تسمحا بالعودة إلى الحالة السابقة من استمرار العنف والقتل والتشريد، لاسيما أن هناك قناعة راسخة لديهما بأن مسألة الحسم العسكري لأي طرف من الأطراف غير واردة، ولا بد من إنهاء الأزمة السورية بأقصر وقت ممكن. وجاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنه في حال فشل وقف إطلاق النار، فإن هناك خططا بديلة في جعبة الولايات المتحدة (لم تنضج بعد)، وأنه سيكون من الصعب الإبقاء على سورية موحدة؛ أي أن تقسيم سورية سيكون الحل البديل في حال الفشل في إيجاد حلّ سياسي للأزمة.
لقد كان سيناريو تقسيم سورية موجوداً على الطاولة دائماً، لكن قد لا تكون تمت مناقشته. إلا أنه يبدو الآن كمن سيخرج لدائرة النقاش بين القوى الفاعلة. وروسيا، على لسان وزير خارجيتها، أبدت استغرابها من تصريح الوزير الأميركي، ونفت علمها بهذه الخطة البديلة.
من جانب آخر، وبالعودة لمدة أشهر سابقة، فقد صرح بشار الأسد أنه لن يكون قادراً على استعادة السيطرة على كل سورية، وهذا أيضاً قد يفسر الاستراتيجية الروسية بالتركيز على مساعدة النظام في إحكام سيطرته على المناطق الحيوية، وبخاصة المدن الكبرى، أو ما اصطلح على تسميته “سورية المفيدة”.
بعد خمس سنوات من الصراع في سورية وعليها، بات من الواضح أن المجتمع الدولي عازم وحازم على إنهاء الأزمة هناك. والاتفاق على وقف إطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ يوم السبت المقبل، يمثل خطوة جادة في هذا الاتجاه. لكنه قد يكون الفرصة الأخيرة لإيجاد حل سلمي يحافظ على سورية دولة موحدة، ومن الواضح أن سورية الموحدة ليست الخيار الوحيد، إذ يُطل خيار التقسيم بوصفه بديلاً بدأ الحديث عنه الآن.  الأيام والأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل سورية، فلننتظر.

المصدر: الغد

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ارسل عبر الواتس ابعبد الرحمن الراشد ماذا حدث لـ«مصحف بوتين» الذي أهداه ...

أخبار سوريا ميكرو سيريا