‘مصر: الغضب من «تجاوزات الشرطة» يتسع’

26 فبراير، 2016

بينما يستعد آلاف الأطباء في مصر لتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقار المستشفيات في عموم البلاد، اليوم (السبت)، تضامنا مع زميل لهم تعرض لاعتداء من عناصر شرطية الشهر الماضي، حاصر مئات الغاضبين مبنى مديرية أمن القاهرة مساء أول من أمس، في مشهد أعاد إلى الأذهان ما حدث قبل خمس سنوات، حينما حاصر الآلاف مباني وزارة الداخلية يوم «جمعة الغضب» إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ومبنى المديرية نفسه. وأعلنت وزارة الداخلية عن القبض على أمين الشرطة المتهم في الحادث.

وقال شهود عيان إن عدة أقسام في وسط القاهرة أعلنت حالة التأهب، خوفا من هجوم انتقامي للأهالي الغاضبين. وتعكس تلك المشاهد مدى الغضب والخطر الذي باتت تمثله «تجاوزات أفراد الشرطة»، بحسب مراقبين.

وشيع آلاف المواطنين جثمان الشاب محمد عادل الذي قتل أمس على يد رقيب الشرطة، من مسجد السيدة نفسية (جنوب القاهرة)، ورددوا هتافات ضد وزارة الداخلية.كما تظاهروا مجددا أمام مبنى مديرية الأمن عقب تشييع جثمان الشاب.

والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، في مدينة شرم الشيخ، فيما بدا أول رد رسمي على الحادث. وعقب اللقاء أصدرت الرئاسة بيانا قالت فيه إن الرئيس وجه بضرورة إدخال تشريعات وسن قوانين جديدة لضبط الأداء الأمني في الشارع.

وقال مسؤولون في «الطب الشرعي إن المجني عليه (السائق القتيل) تلقى طلقة نارية في الرأس أدت إلى كسر الجمجمة ونزيف بالمخ وتهشم الجزء الخلفي من رأسه بالكامل.

وتقول قيادات وزارة الداخلية إن تلك التجاوزات تمثل «حالات فردية» ولا تعبر عن سياسة الوزارة، الأمر الذي يثير شكوكا بشأن ما إذا كانت تلك القيادات قادرة على السيطرة على عناصرها أم لا؟ وهو السؤال الذي يطرحه المراقبون.

وينذر التزايد الملاحظ في وقائع تجاوزات عناصر الشرطة بردود فعل عنيفة، في بلد يكافح لإنعاش اقتصاده عبر «إجراءات مؤلمة»، وهو التعبير الذي استخدمه رئيس الوزراء شريف إسماعيل قبل أيام.

وقالت وزارة الداخلية، أمس، إن الهدوء عاد في وقت مبكر من يوم الجمعة بمحيط مديرية أمن القاهرة، بعد انصراف محتجين من أمام المديرية، إثر مقتل سائق على يد رقيب شرطة بمنطقة الدرب الأحمر.

من جانبه، قال اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام والعلاقات، إنه «لا تفريط في حق أي مواطن يتم التجاوز بحقه من قبل أي رجل شرطة»، مشددا على أنه «لا تهاون مع المخطئ، سواء كان الخطأ خلال فترة العمل أو الراحة».

وأضاف اللواء عبد الكريم، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس، أن وزارة الداخلية لا تحمى أي ضابط أو فرد شرطة يخالف القانون، مشيرا إلى أن كل من يخالفون القانون تتم إحالتهم على الفور إلى النيابة العامة.

وعن ملابسات الحادث، أوضحت الداخلية، في بيان لها أمس، أن المديرية تلقت بلاغا بوقوع مشاجرة بمنطقة الدرب الأحمر بين رقيب شرطة من قوة شرطة النقل والمواصلات وسائق، بسبب خلاف على قيمة تحميل بضاعة، لافتة إلى أن أنصار السائق تجمعوا على أثر المشاجرة «ما دعا رقيب الشرطة إلى إطلاق عيار ناري من سلاحه أصاب السائق وتوفى متأثرا بإصابته».

وأضافت الوزارة أن أنصار المجني عليه «تعدوا على رقيب الشرطة بالضرب، ما أسفر عن إصابته، ونقله إلى المستشفى والتحفظ عليه».

وأشارت إلى أنه عقب الحادث «تجمع عدد من الأهالي بمحيط مديرية أمن القاهرة، وتم استدعاء أهالي القتيل وإطلاعهم على الإجراءات التي اتخذت تجاه المتهم والتحفظ عليه، فانصرف المتجمهرون عقب ذلك».

وفي مطلع الأسبوع الماضي، احتشد آلاف الأطباء خلال جمعية عمومية طارئة بمقر نقابة الأطباء (دار الحكمة) بوسط القاهرة، لبحث الرد على تجاوزات أمناء الشرطة، بعد أن تعرض طبيب للضرب على يد أمناء شرطة، من أجل إجباره على كتابة تقرير طبي يجافي الحقيقة.

وأقرت الجمعية العمومية للأطباء خطوات تصعيدية إن لم تتم محاسبة المعتدين، ومن بين تلك الخطوات تنظيم وقفات احتجاجية في عموم البلاد مقرر لها اليوم السبت أمام المستشفيات الحكومة والجامعية.

وظاهرة تجاوزات أمناء الشرطة في مصر سابقة على ثورة 25 يناير، ويقول مراقبون إنها من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الثورة، التي اختار الداعون لها اليوم الذي تحتفل فيه الشرطة بعيدها كل عام. وعبر المخرج الراحل يوسف شاهين عن الظاهرة من خلال فيلم «هي فوضى» الذي شاركه فيه المخرج خالد يوسف، وهو عضو في البرلمان الجديد. ويتناول العمل تجاوزات أمناء الشرطة من خلال شخصية «حاتم»، الذي بات يمثل رمزا لهذه الظاهرة.

وخلال الجمعية العمومية للأطباء، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي رفعت شعارات من بينها «حاتم لازم (لا بد) يتحاكم»، في إشارة إلى الحالات التي سبق أن أفلت فيها عناصر الشرطة من العقاب.

المصدر: الشرق الأوسط