الخطة “ب”.. نهاية الأسد أم نهاية سوريا الموحدة؟


شهدت الهدنة في سوريا خروقات للنظام وغارة للطيران الروسي؛ ما دفع بالمعارضة السورية إلى التحذير من انهيار الهدنة، بسبب تلك الخروقات.

ومع وجود مؤشرات عديدة تؤكد صعوبة تثبيت الهدنة السورية المبنية على اتفاق هش قسري فرضته روسيا والولايات المتحدة، يتصاعد الحديث عن الخطة “ب” البديلة في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار.

وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، تحدث عن خطة بديلة إذا اتضح أن النظام السوري وحلفاءه غير جادين، مشيراً إلى أن “الحل السلمي والمفاوضات تعتبر الخيار الأفضل والأسرع لإنهاء الصراع السوري”، مشدداً على “أن الخيار يعود للأسد إذا ما أراد الرحيل بموجب الخيار السلمي أو الحل العسكري” وفق تعبيره.

لكن في المقابل، هناك من ذهب إلى أن الخطة “ب” ستشمل عملية “تقسيم” سوريا، إذ عبر وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن اعتقاده بأن “تقسيم سوريا” قد يكون هو الحل المنظور والوحيد، وذلك في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار الذي سعى له كيري ولافروف بشكل كبير.

كيري قال في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، قبل أيام، إنه يصعب الإبقاء على سوريا موحدة، وذلك إذا استغرق القتال في البلاد مدة أطول، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أمريكي رفيع عن تقسيم سوريا، وأن سوريا الموحدة لم تعد موجودة، وأنها ستبقى من الآن فصاعداً مكونة من “كانتونات تحكمها حركات تمرد طائفية متناحرة”.

– السيناريو الأفغاني

الدكتور باسل الحاج جاسم، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، اعتبر أن الهدنة جاءت لذر الرماد في العيون، أكثر منها لتطبق على أرض الواقع.

وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “يمكن استنتاج ذلك من التصريحات التي تشير إلى موت الهدنة قبل ولادتها، ولا سيما القادمة من واشنطن بالاستعداد لخطة بديلة وعلى لسان كيري”، مبيناً: “وحدها موسكو ولأن رياح الهدنة تسير بما تشتهيه سفنها، توحي للجميع أن الحل بات أقرب من أي وقت مضى”.

imgid176571_958321_large

وتابع: “معارضة موسكو ونفيها لوجود أي خطة بديلة، في حال انهيار الهدنة، ربما يكون لمصلحة الأطراف الأخرى، الشيء الذي يجعلها تأخذ زمام المبادرة بمفردها، وتشير كل التحركات والتصريحات إلى أن الخطة البديلة قادمة لا محالة”.

وأشار الحاج جاسم إلى أن الوضع في سوريا سيكون أمام خيارين؛ الأول “حرب عصابات على الطريقة الأفغانية، تخوضها كتائب المعارضة المسلحة ضد تنظيم الدولة، بدعم تركي عربي دولي، وضد الأسد والمليشيات العرقية والطائفية الموالية له، وبدعم عربي تركي، وهذا ما تم التلميح له من المسؤولين الأتراك، بتذكير روسيا بهزيمتها المذلة في أفغانستان”.

أما الحل الثاني بحسب ما قال فهو “ما جاء على لسان عادل جبير، وزير الخارجية السعودي، حين أشار إلى أن تزويد المعارضة السورية المعتدلة بمضاد طيران، أمر ممكن، وأعاد إلى الأذهان السيناريو الأفغاني”، مبيناً أنه سيكون “رسالة أمريكية أيضاً لموسكو، مع الأخذ بعين الاعتبار استمرار القصف التركي لإبعاد مقاتلي مليشيات صالح مسلم عن المناطق الحدودية”.

أما الخيار الآخر، فهو “تحرك تركي كالبرق إلى مناطق الشمال السورية، بغطاء جوي عربي في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية”.

– “سوريا المفيدة”

لكن مراقبين عبروا عن خشيتهم من أن يؤثر التدخل السعودي في سوريا إلى جانب تركيا على وجودهم في اليمن، لا سيما إن قامت المملكة بتسليم الثوار “مضادات طيران” لمجابهة الطيران الروسي، حيث قد يقوم الروس بخطوة مماثلة مع الحوثيين في اليمن.

كما عبر مراقبون عن خشيتهم من حصول صدام “روسي-تركي” إذا ما تدخلت تركيا في سوريا، لا سيما في ظل عدم وجود رغبة أمريكية بدخولها على خط الصراع في سوريا، وإعلان السعودية وتركيا عدم تدخلهما هناك دون واشنطن.

أمام هذه المعضلة سيكون من الصعب الاتفاق على سوريا موحدة، وسيكون هناك حلان إما الذهاب إلى مفاوضات لاستنزاف الوقت، الأمر الذي ترفضه واشنطن، وتصر على خيارين لا ثالث لهما، وإما “الحل السياسي أو التقسيم”.

هنا يبرز الخيار الثاني، أمام تعنت نظام الأسد وحليفه الروسي، ليعود مفهوم “سوريا المفيدة” مرة أخرى للواجهة، والذي أطلقه محللون وخبراء قبل سنوات، وأحياه زعيم النظام السوري، بشار الأسد، عندما برر اضطرار قواته للانسحاب من بعض المناطق، مرجعاً ذلك إلى نقص الطاقات البشرية، وفيما لا تزيد مساحة المناطق التي يتشبث بالسيطرة عليها عن 25% من مجمل مساحة البلاد.

ويُعد الشريط الساحلي أحد مناطق ما بات يعرف بـ”سوريا المفيدة”، وهي المنطقة التي تمتد من دمشق إلى القلمون وحمص وحماة، وصولاً إلى طرطوس واللاذقية وحتى الحدود التركية.

لكن إيجاد كيان “سوريا المفيدة” لن يكون مفيداً فقط لنظام الأسد، بل ستكون روسيا هي “الرابح الأكبر” من هكذا “دويلة”، بحسب ما قال الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس.

وأضاف أبو دياب في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “إن إيجاد كانتون سوريا المفيدة سوف يؤمن النفوذ الروسي على البحر المتوسط، على اعتبار سوريا البلد العربي الأخير الحليف لروسيا في الشرق الأوسط، فضلاً عن الحفاظ على حليف روسيا بشار الأسد، والحفاظ على منظومة الجيش الحليف التاريخي القديم للاتحاد السوفييتي ووريثه روسيا”.

وبين أبو دياب “أن روسيا سوف تستغل هذا الكانتون لإقامة قواعد عسكرية على الحدود مع تركيا، لإقامة توازن مع النفوذ الأمريكي في أوكرانيا”.

21875932451_544f638ff8_o

وتعتبر هذه المنطقة “قلب” سوريا الحيوي من ناحية استراتيجية، فضلاً عن كونها الأكثر كثافة ديموغرافية، والأكثر حيوية، ولا يبدو أن هناك قدراً كبيراً للصراع على المناطق الصحراوية في الشرق، والمناطق الزراعية في إدلب وريف حلب؛ ما يعني أن سوريا تعيش مرحلة “تقسيم غير معلن”.

ويرى مراقبون أن سيطرة النظام على المنطقة الواقعة من الزبداني حتى شمال اللاذقية، سيجعل من المناطق الشرقية والشمالية والغربية بلا معنى استراتيجي؛ لأنها ستتبع تلقائياً العراق والأردن وتركيا، كما ستعاني من الفقر والتهميش لافتقارها إلى الموارد الأساسية الغنية عدا الزراعة.

لكن النظام سيعاني في الوقت نفسه من أزمة “ديموغرافية”؛ بسبب التدفق الكبير للنازحين “السنة” من المناطق التي تشهد معارك وغارات عنيفة؛ لأنه يسعى إلى أن تكون دويلته ذات أغلبية “علوية”، وفي أسوأ الأحوال ذات تناسب “طائفي” قريب.

الخليج أونلاين


المركز الصحفي السوري