مراجعون للقنصلية التركية في ستوكهولم: يوزعون الابتسامات لغيرنا بينما يخاطبوننا نحن بأصابع اليد


يوزعون الابتسامات لغيرنا بينما يخاطبوننا نحن بأصابع اليد

حتى لحظة إعداد هذه المتابعة الصحفية، ومن ثم نشرها، لم يكن قد وصلنا بعد أي رد من جانب مسؤولي السفارة التركية في ستوكهولم، الذين حاولنا التواصل معهم بشأن القضية المراد تسليط الضوء عليها في تحقيقنا هذا، لكثرة ما سمعا وما قد وصلنا من رسائل واتصالات، تحمل العديد من الشكاوى على “المعاملة السيئة” التي تعرض ويتعرض لها الكثير من المراجعين من حملة الجنسيتين السورية والفلسطينية السورية، عند تقديمهم لطلب الفيزا لزيارة تركيا والتي فرضت على السوريين مؤخرا، وهي مطلوبة أيضا ممن يحمل مجرد وثيقة سفر سويدية.

أغلب المراجعين يودون الاجتماع بعائلاتهم

ما استوقفنا أكثر عند سماعنا ومراجعتنا لهذه الشكاوى، هو أن معظم من يقدم على الفيزا التركية، يكون الغرض من ذلك هو الذهاب لرؤية أهله هناك لاسيما من السوريين، الهاربين من رحى الحرب الدائرة في بلدهم، وممن يكون لديهم موعد محدد لإجراء مقابلة لم شمل في السفارة السويدية في أنقرة أو قنصليتها في اسطنبول، والعديد منهم لم يستطيعوا اللحاق بوقت تواجد أهلهم وعائلاتهم أثناء حلول موعد هذه المقابلات.

والملفت أيضاً عند الحديث مع هؤلاء الأشخاص، أنهم جميعا يحملون شكاوى متشابهة المضمون، وعلى ذات الشخص المسؤول في السفارة التركية، الذي يلخصون معاملته لهم بأنها “ازدراء” وهذا ما جعلنا نتساءل، هل المشكلة في الشخص المسؤول نفسه في السفارة التركية؟ أم في آلية عمل قسم التأشيرات في السفارة؟ أم في المراجعين أنفسهم؟

معاملة لا تليق بمستوى الإنسان من جهات تمثل دولة لدى دولة أخرى

ونحن وبانتظار أي إجابة من قبل السفارة، نورد بعضا من هذه الشكاوى خلال كلامنا مع عدد من أصحابها، واذ نحترم طلب هؤلاء بعدم ذكر أسماءهم كاملة، خوفاً كما يعتقدون على أن يؤثر ذلك على طلباتهم الحالية أو اللاحقة للفيز، لاسيما أن المسؤول عنها كما يبدو ومنذ فترة ليست بالقصيرة، هو ذات الشخص الذي اتفق الجميع على أنه يتصرف معهم ومع طلباتهم بطريقة غير مقبولة. وبطريقة لا تليق بمعاملة البشر، خاصة أنها صادرة عن ممثلية دولة لدى دولة أخرى.

يقول عبد الرحمن وهو سوري مقيم في السويد منذ سنتين، ويحمل وثيقة سفر سويدية، لقد رفض مسؤول السفارة طلبي ثلاث مرات، حتى قبلها في المرة الرابعة. ويضيف أنه في كل مرة يقدم الطلب، يرده له من تحت زجاج النافذة الذي يفصل بينه وبين المراجعين، وعندما أحاول معرفة ما حصل يكون جواب الموظف بأصابع يده فقط، حيث يشير له إلى مراجعة الأوراق حتى أنه وفي أول مقابلة لعبد الرحمن في السفارة لم يكن وقتها يجيد التحدث بالسويدية ولا الإنكليزية، فطلب منه الموظف حينها أن يجلب معه مترجم وهذا أمر لا تطلبه السفارة على الإطلاق.

وعند سؤالنا له عما إذا كانت طبيعة هذه المعاملة هي ذاتها التي تنطبق على مراجعين آخرين؟! فأكد أنه حسب ما رأى وما سمع من كثيرين فإنه من تعرض لها بالتحديد، هم من السوريين وربما الفلسطينيين أيضا، ويذكر لنا جملة باتت مشهورة من كثرة تداولها، قالها هذا الموظف لأحد المراجعين السوريين (أنت غير مرغوب بك في تركيا)

رد له طلبه من دون أن يقول له أي كلمة

ربما قد تكون أوراق عبد الرحمن المطلوبة للحصول على فيزا، غير مكتملة وهذا ما تسبب برفض طلبه أكثر من مرة، لكن ماذا عن أحمد الفلسطيني الأصل المقيم في يوتيبوري، والذي قال لنا في هذا الخصوص، لقد راجعت الأوراق والوثائق المطلوبة على موقع السفارة الإلكتروني أكثر من مرة، وحضرتها جميعا سواء من شهادة الراتب، وعقد العمل، وكشف الحساب البنكي، وحجز الطيران وإلى ما هنالك من طلبات، وبعد خمس ساعات من قيادتي السيارة من يوتيبوري إلى ستوكهولم، قدمت الطلب أيضا إلى ذات الموظف الذي كان رفاق أحمد كما يقول قد حذروه منه، فهو معروف عنه أنه يرفض الكثير من الطلبات، ويدقق على الوثائق، مضيفاً أنه كان حذرا بأن يكون طلبه كاملا من دون نقصان أي ورقة.
لكن أحمد تفاجئ بعد تقديمه الطلب بثواني، برده إليه من النافذة، التي أغلقها الموظف، بدون أن ينبس ببنت شفة، وعند محاولته السؤال عما حصل، كانت إجابته أيضا باستخدام أصابع يده، بأن يراجع الأوراق، ويضيف لقد كانت كل الأوراق المطلوبة متوفرة لكن الموظف بعد انتظار طويل، ومحاولات عدة، تحدث إليه وطلب منه أن يجلب ورقة أخرى تتعلق بتفاصيل راتبه، مع أن هذا الطلب ليس ضرورياً في حال توفر شهادة الراتب وعقد العمل من الجهة التي يعمل لديها. ويتابع أحمد قائلاً، خمس ساعات من السفر تنتهي بدون أي فائدة، بسبب مزاج موظف، والذي وفقا لأحمد لاحظه، يعامل حملة الجنسيات الأخرى بطريقة لائقة، ويقول أحمد مستهزئا: كان يقوم بتوزيع الابتسامات يمنةً وشمالاً عليهم، في حين كان ينظر نحوي من طرف عينيه فقط خلال تقديمي للطلب وهذا ليس كلامي فقط، بل كلام أصدقاء لي من سوريين وفلسطينيين، تعرضوا لمواقف مشابهة

هل هو تصرف فردي؟

ربما ما حصل مع أحمد ليس أسوء مما حدث مع الطالب السوري الفلسطيني قبل حوالي سنتين، والذي اكتفى بأن يذكر أسم عائلته أبو قوطة، حيث أكد لنا أنه راسل السفارة عبر الإيميل، وعرّفهم بأنه طالب يريد أن يقضي إجازة في تركيا، سائلاً عن الأوراق التي يحتاجها، وبالفعل حصل على قائمة الوثائق المطلوبة، أبو قوطة قام بتحضيرها وتجهيزها. ويضيف لقد تغيبت يومها عن المدرسة، وقطعت تذكرة قطار من يوتيبوري إلى ستوكهولم وهي مكلفة كما يعرف الجميع في السويد، ومع ذلك أتفاجئ من الموظف المختص رفضه للطلب.

أبو قوطة وصف لنا الموظف، وهو ما يتطابق مع وصف ملامح وهيئة الموظف نفسه الذي تعامل مع البقية، حيث رد له الطلب، من دون أن يحرك ساكنا. ويقول أبو قوطة لقد أخبرته أنني أتيت من يوتيبوري وقطعت كل هذه المسافة لترفض لي الطلب وأنا أوراقي كاملة كما طلبتموها؟! فما كان من الموظف أن يرد عليه سوى بالقول، هناك أشخاص يأتون من مالمو وأرفض طلبهم. ويتابع دفعني هذا الموقف والتصرف إلى مراسلة السفارة بذات اللحظة عبر الأيميل معبراً عن إستياءه بسبب تزويدها له بمعلومات غير كافية عن الأوراق المطلوبة كما كان يظن، ليأتيه رد بعد نصف ساعة من قبلهم بأن يعود إذا استطاع إلى السفارة بالحال، وأن يعرف عن أسمه لحظة الوصول إلى هناك. وفعلا هذا ما قام به، حيث استقبله موظف آخر من داخل السفارة وأخذ منه أوراقه، وألمح له بأن تأشيرته ستكون جاهزة خلال أيام وسيتم أرسالها له بالبريد.

ما قاله لنا أبو قوطة في ختام حديثه إلينا، يدفعنا من جديد للتساؤل، هل المشكلة تكمن بالموظف المسؤول عن استقبال طلبات الفيز نفسه أم ماذا؟ سؤال لايزال برسم الإجابة والتوضيح من السفارة التركية في ستوكهولم، ونحن هنا نكتفي بسرد هذه المواقف، لأن البقية متشابهة، وتحمل ذات المضمون وذات الشكوى من ذات الشخص، وما على الرسول إلاّ البلاغ

مراجعون للقنصلية التركية في ستوكهولم: يوزعون الابتسامات لغيرنا بينما يخاطبوننا نحن بأصابع اليد المصدر.


المصدر : الإتحاد برس