قصة فتاة من حمص: هاجرت الأسرة وبقيت وحيدة أمام خيارين: إما الزواج أو الانتحار


00

القدس العربي – محمد إقبال بلو

عبر برنامج الهاتف المحمول «واتس آب» قالت «منال» لـ «القدس العربي» إنها «عالقة وحيدة في مناطق النظام بأحياء حمص المدينة، والتي لا يحكمها قانون ولا يسودها إلا قانون مزاجية الشبيحة ورغباتهم وجشعهم في مختلف الأصعدة والجوانب الأخلاقية»، بحسب الفتاة التي حكت قصتها.
منال تبلغ من العمر 29 عاماً، هرب أخواها قبل أن تقوم قوات النظام السوري بتجنيدهما وزجهما في معركة لن يكونا خلالها سوى مقتولين، كنتيجة حتمية لكل شاب سوري أرغمه النظام السوري على القتال في صفوفه وزجه في الجبهات بدون أي تدريب ليقتل لا لشيء آخر، على حد قول منال.
تقول الفتاة «كنا نعيش هنا أنا ووالدتي وأختي الصغيرة، بينما أبي الذي هجر أمي منذ سنوات طويلة اصطحب شقيقيّ معه وهاجر الجميع إلى ألمانيا منذ عام تقريباً، لم أشعر بما هو قادم من معاناة ووحدة بل وخطر حقيقي محدق، إلا بعد أن بدأ والدي بتجهيز أوراق لم الشمل لاستقدام والدتي وأختي ذات التسعة أعوام إلى ألمانيا».
وتضيف «على الرغم من أنه قد هجر والدتي منذ أربع سنوات وطلقها شرعياً، إلا أنه لم يطلقها رسمياً، فوجد أن قيامه بمعاملة لم الشمل سيكون مفيداً لهما كما أنه من الممكن إنقاذ الطفلة سعاد أيضاً، وبالفعل وعبر لبنان سافرت والدتي وأختي إلى ألمانيا بعد إجراءات طويلة، وبقيت وحدي هنا في حمص».
لكن منال لا ترى في سلوك أبيها أو أمها وما قاما به من عملية لم شملهما أية قيمة أخلاقية، بل تفسر الموضوع على أنه موضوع مصلحي من قبل الطرفين لا أكثر، فهي تدرك أن أحدهما لا يحب الآخر ولا يأبه به، وشرحت بالتفصيل: «والدي ووالدتي ليسا منفصلين فقط بل يكرها بعضهما جداً، ولم ألحظ يوماً حتى قبل انفصالهما أية مودة أو احترام متبادلين، لكن كلاهما وجد أن من مصلحته القيام بذلك، من دون الأخذ بعين الاعتبار ما سيحل بي مطلقاً».
وتكمل «والدي درس الموضوع جيداً، ووجد أن استقدام والدتي وأختي الصغيرة، سيؤدي لأن يصبح عدد أفراد العائلة مع شقيقيّ – على الرغم من أن سنهما فوق السن القانوني – خمسة، وبذلك ستحصل العائلة في ألمانيا على مبلغ جيد من المساعدات، يكفي نصفه فقط للإنفاق على الأسرة، أما في حين كان وحيداً فإن ما سيحصل عليه بالكاد يكفيه لوحده، ونتيجة حساباته هذه والتي لم يخفها عنا أصلاً، وجد أن لم الشمل أمر مربح بالنسبة له، وحسب حساباته في ثلاثة أعوام كم سيجمع باعتبار أنه يتوقع أن تتم إعادته بعد السنوات الثلاث، هذا والدي وأنا أعرفه تماماً».
أما عن الأم فتقول «أما والدتي فلا يهمها شيء سوى راحتها وتوفر ما تحتاجه من أساسيات وكماليات، نحن أسرة غير متماسكة، وكل يفكر في نفسه منذ أن كنا صغاراً كانت الأسرة على هذا النحو، بسبب حالة عدم الاستقرار التي ولدت نتيجة خلافات والدي ووالدتي المستمرة، الكل لم يفكر بي وبقيت أنا وحيدة هنا في منزلنا وكأنني الحارس الخاص بالعائلة».
تفكر الفتاة في مخرج مما هي فيه، وبحسب ما أخبرت «القدس العربي» به أنها تجد الحل الوحيد بالزواج، ولكن أين الشبان؟ كلهم أصبحوا ضمن قوات النظام، عدا أولئك الذين تركوا البلاد وغادروها، وتؤكد «منال» أن كثيرين من الشبان «الشبيحة» يبتسمون لها ويحاولون التقرب منها لكنها لا تتصور نفسها أن تكون «زوجة شبيح»، إلا أنها شرحت أيضاً «يتقرب مني عناصر اللجان الشعبية عندما أخرج لجلب احتياجات المنزل، وفي إحدى المرات ونتيجة شعوري بالحاجة لرجل يقف إلى جانبي، تجاوبت مع أحدهم وبالفعل كان الشاب لطيفاً، لكنني وبعد لقاءين في مكان عام فقط، وجدت أن الشاب يريدني ولكن لا يريدني كزوجة، بل كعشيقة يمضي وقته معها ويرميها عندما يشعر بالملل، فانسحبت بهدوء ولطـف، لأن أي تصـرف قد يـودي بـي إن أراد الانتـقام».
يرسل أخوة منال بعض المال كل شهر لها لتنفق على نفسها، وعلى الرغم من المبالغ البسيطة التي يرسلونها ويتذمرون لدى قيامهم بذلك، إلا أنها تتدبر أمرها بما يصل إليها، لكنها لا تجد في ذلك حلاً لمشكلتها، ولازالت تقول إن الحل هو الزواج، وقد يكون الموت حلاً أحياناً من وجهة نظرها، إذ أنها أخبرت «القدس العربي» أن فكرة الانتحار بدأت تراودها مؤخراً.

قصة فتاة من حمص: هاجرت الأسرة وبقيت وحيدة أمام خيارين: إما الزواج أو الانتحار المصدر.


المصدر : الإتحاد برس