جبهة النصرة تحترم الهدنة رغم رفضها لها


رغم أن جبهة النصرة- جناح تنظيم القاعدة في سوريا- رفضت المسعى الدولي لوقف الصراع المستمر منذ ما يقرب من خمسة أعوام.. يلتزم مقاتلوها الهدوء حرصا على عدم إفساد الاتفاق الهش الذي حد من الحرب وإن لم يوقفها بالكامل.

وجبهة النصرة- مثلها مثل تنظيم الدولة الإسلامية- مستبعدة من اتفاق وقف العمليات القتالية الأمريكي الروسي الذي قبلته حكومة الرئيس بشار الأسد ومعظم الجماعات المعارضة له.

وفي اليوم السابق على سريان الاتفاق قال أبو محمد الجولاني زعيم النصرة في تسجيل صوتي إنه يجب تكثيف الهجمات معبرا عن اعتقاده بأن السبيل الوحيد للخلاص من النظام هو القتال لا الهدنة.

إلا أن مقاتلي النصرة يلتزمون الهدوء منذ سريان الهدنة وتخلوا عن بعض محاكمهم الإسلامية وقللوا من وجودهم عند نقاط التفتيش.

وقال فادي أحمد المتحدث باسم جماعة معارضة تنشط بمنطقة في اللاذقية تعمل فيها النصرة وفصائل أخرى “ما عم نشوفهم. تحركاتهم قليلة حتى إن بعضهم انسحبوا إلى ريف إدلب.”

وأرجع ذلك إلى احتمال الرغبة في قدر من الهدوء مشيرا إلى أن جماعته ليست على اتصال بالنصرة.

وقال مقاتلون في النصرة اتصلت بهم رويترز وتحدثوا شريطة عدم توضيح هويتهم إن رفض الجولاني للهدنة كان مقصودا به إسداء النصح لمقاتلي المعارضة الآخرين وليس أوامر لأتباعه بشن هجمات على الفور.

وقالوا إن مقاتلي النصرة ما زالوا على يقين من أن الهدنة ستنهار لكنهم يلتزمون الهدوء حتى لا يحملهم السوريون العاديون مسؤولية تجدد إطلاق النار.

وقال مقاتل من النصرة في بلدة بشمال سوريا لجبهته وجود فيها مع فصائل مقاتلة أخرى “لم نقم بأي عمليات أو أي هجوم لأننا نحترم قرار الأخوة في الفصائل الثانية الالتزام بالاتفاق مع أننا متأكدون أن النظام لن يلتزم بها وهو لم يلتزم بها أصلا ولكن نحن بانتظار إعلان انتهائها رسميا.”

وتوقع مقاتل آخر في النصرة أن تتعاون الجبهة بشكل أوثق مع فصائل أخرى فور انتهاء الهدنة التي قال إنها ستنهار حتما.

وقال “لا نريد أن يتم إلقاء اللوم علينا بأننا من قمنا بخرقها. إننا متأكدون أن النظام سيقوم بذلك.”

وقال مصدر آخر قريب من النصرة إن من ضمن الأسباب الأخرى التي دفعت الجبهة للحد من نشاطها هو الانتكاسات العسكرية التي منيت بها المعارضة وجعلت من الصعب تنفيذ هجمات. وأرغمت هجمات الجيش السوري مدعومة بالضربات الجوية الروسية كثيرا من مقاتلي المعارضة على اتخاذ مواقع دفاعية.

وعلى النقيض من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على معظم أراضي شرق سوريا في مناطق بعيدة عن تلك التي يشملها اتفاق وقف الأعمال القتالية.. ينتشر مقاتلو النصرة عبر غرب سوريا إلى جانب فصائل معارضة أخرى قبلت الاتفاق.

وتقول جماعات معارضة أخرى كثيرة إنها تخشى أن تستخدم دمشق أو حلفاؤها الروس أي دليل على وجود جبهة النصرة ذريعة لاستئناف القتال.

وكانت جبهة النصرة يوما أقوى جماعة إسلامية تقاتل الأسد. إلا أن نفوذها تقلص بعض الشيء بعد أن اختلفت مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن الخلافة واعتبر أن تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن لم يعد متشددا بشكل كاف.

وأضعف الخلاف مع الدولة الإسلامية جبهة النصرة ودفع الكثير من قادتها للعمل السري. غير أن مقاتليها لا يزالون قوة يعتد بها في غرب سوريا حيث يشتبكون من آن لآخر مع مقاتلي فصائل أخرى وحيث سحقوا جماعات كانت مدعومة من الغرب.

وتقول جماعات تعمل تحت مظلة الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب إن التزام النصرة بالجهاد العالمي يتعارض مع مصلحة سوريا الوطنية. وبات رفض القاعدة على الملأ ضروريا لأي جماعة تأمل في تلقي دعم دولي.

وباءت مساعي تشجيع جبهة النصرة على قطع صلاتها بالقاعدة بالفشل حتى الآن. وتقول مصادر في المعارضة السورية المسلحة إنه في حين أن الجماعة تضم عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب فإنها تحاول أن تبدو فصيلا سوريا أكثر من ذي قبل.

وقال قائد مجموعة إسلامية منافسة طلب عدم ذكر اسمه “إننا نعمل على أن ينفصلوا (عن القاعدة) ونأمل أن ينفصلوا. وفي حال قام السوريون في جبهة النصرة بالانفصال عن القاعدة فإنهم بذلك يقومون بأكبر خدمة للثورة ولبلدهم.”

وقال إن هدوء القتال أعطى المقاتلين فرصة “لترتيب البيت من الداخل”.

رويترز


المركز الصحفي السوري