أسوأ سيناريوهات انهيار سد الموصل.. الطوفان سيدمر مدناً خلال 4 ساعات وسيخلِّف مليون قتيل


حذر مهندسون مشاركون في بناء سد الموصل بالعراق، أكبر سد بالبلاد، من إمكانية انهياره دون سابق إنذار، ما قد يسفر عن مصرع نحو مليون شخص.

وذكر تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الخميس، أن هناك مخاوف جسيمة من إمكانية انهيار السد في المستقبل القريب، حيث إن ذوبان جليد الشتاء يضع هيكل السد المتضرر بالفعل تحت ضغوط أكبر.

ونقلت صحيفة “الإندبندنت” عن كبير المهندسين السابق بالسد، نصرة أدامو، قوله: “السد في حالة خطيرة للغاية الآن”.

وأضاف أدامو: “سوف تؤدي الفيضانات القادمة خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان إلى ارتفاع مستوى المياه إلى معدلات مثيرة للقلق، بما يزيد من حجم المخاطر ويجعل السد غير مستقر”.

وتابع بقوله: “أشعر بأن السد سوف ينهار في المستقبل، ولكن لا أحد يستطيع أن يحدد ما إذا كان ذلك سيحدث غداً أو خلال الشهر القادم أو ربما بعد عام، حيث لا نعرف تحديد حجم التلفيات التي تصيب أساساته”.

ما كان ينبغي بناؤه

السد، المعروف سابقاً باسم سد صدام، يقع على نهر دجلة وهو أكبر سدود العراق.

ويعيش نحو 500 ألف إلى مليون ونصف المليون عراقي في المناطق الأكثر تعرضاً للمخاطر في حالة انهيار السد، بينما يتضرر 6 ملايين آخرين جراء مياه الفيضانات.

واستطرد كبير المهندسين السابق بالسد بقوله: “يتمثل أحد سبل الحد من معدل التحلل ومخاطر انهيار السد في خفض مستوى المياه بالمستودع إلى أدنى مستوياته”.

وأشار إلى أنه “لا يمكن القيام بذلك في الوقت الحالي؛ نظراً لتعطل البوابة عند المنفذ السفلي، والتي يتم من خلالها خفض مستوى المياه بالمستودع منذ عام 2013. ولم يتم إجراء أية محاولات لإصلاحها”.

وكان أدامو وصف السد في وقت سابق بـ”الكابوس”، مشيراً إلى أنه “ما كان ينبغي بناؤه في الأساس”.

وأوضح أدامو أن حالة السد قد تراجعت إلى هذا الحد بسبب بنائه على أساس قابل للتحلل في المياه.

تنظيم داعش

وخلال مراحل التخطيط، كان من المعتقد أنه يمكن حقن الأساسات بمزيج من الإسمنت، وهو الإجراء المعروف باسم التجصيص.

وذكر أدامو أن ذلك أمر بالغ الصعوبة أثناء عملية التشييد ولم يكن هناك أي بديل سوى إجراء عمليات الصيانة بالحقن على مدار الثلاثين عاماً الماضية.

وقد تم بالفعل حقن أكثر من 95 ألف طن من المواد في أساسات السد فيما بين عام 1986 حتى سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) على السد في أغسطس/آب 2014.

وتوقفت أعمال الحقن في ظل سيطرة داعش بسبب قيام التنظيم “بسلب وتدمير معظم معدات الحقن”، وفرار معظم العاملين من المنطقة.

ويتعين على الحكومة بذل قصارى جهدها لاستئناف عمليات الحقن المكثفة وإصلاح البوابة السفلية بأسرع ما يمكن، بحسب ما ذكره أدامو الذي أقر بأنه لا يعرف ما إذا كان من الممكن إنقاذ السد، حيث إن حجم التلفيات غير معلوم. وفق ما ذكرت هافنتجون بوست عربي.

خطة طوارئ

الحكومة العراقية بات يتعين عليها أن تتوقع ما هو أسوأ، وأن تضع خطة طوارئ كاملة استعداداً لعمليات إجلاء السكان وجهود الإغاثة.

تصريحات أدامو تعكس مخاوف السفارة الأميركية في بغداد، التي أصدرت بياناً الأحد الماضي وسط “مخاوف من أن يواجه السد مخاطر كبيرة وغير مسبوقة جراء إخفاقه”.

يُذكر أن السفارة تتعاون مع الحكومة العراقية بشأن “جهود الإنذار المبكر والمعلومات العامة” حول هيكل السد، وقد طالبت بالإخلاء الفوري لهؤلاء الأكثر عرضة للمخاطر.

وقد أعلنت الحكومة العراقية، بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، أنها قامت بتوقيع عقد مع إحدى شركات المقاولات الإيطالية بقيمة 273 مليون دولار لتدعيم سد الموصل وصيانته على مدار 18 شهراً، في أعقاب المحادثات التي تمت في نيويورك بين وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني والمسؤولين الأميركيين والعراقيين.

وذكرت إيطاليا أنها تخطط لإرسال 450 جندياً من قواتها لحماية موقع السد، ومع ذلك، لم تتضح بعد الفترة الزمنية التي يستغرقها استبدال المعدات التالفة وإعادة تجميع القوى العاملة اللازمة.

سياسات سخيفة

وحذر المهندسون من أن أعداد الوفيات المتوقعة جراء الانهيار المفاجئ للسد يمكن أن تتجاوز الأرقام الرسمية المعلنة، وذكروا أن هناك إمكانية لأن يلقى الكثيرون مصرعهم بسبب حالات الذعر والهلع الجماعي، حيث تضرب موجة الفيضان البالغ ارتفاعها 20 متراً مدينة الموصل ثم تتجه نحو وادي نهر دجلة عبر تكريت وسامراء وصولاً إلى بغداد.

وقد وصف أحد المهندسين العراقيين، الذي يقيم حالياً في أوروبا، سياسة الطوارئ لدى الحكومة والمتمثلة في مطالبة السكان بالابتعاد عن ضفاف النهر لمسافة 6 كيلومترات باعتبارها سياسة “سخيفة”.

وأعرب نادر الأنصاري، أحد المهندسين العراقيين المشاركين في بناء السد أيضاً، عن تخوفه من تزايد معدلات المياه بالمستودعات.

وقال الأنصاري: “مستوى المياه يبلغ حالياً 308 أمتار، ولكنه سيصل إلى 330 متراً. ولم يعد السد كسابق عهدنا به، فقد تزايدت التجاويف أسفله، ولا أعتقد أن السد سيتحمل كل تلك الضغوط”.

وأضاف: “إذا ما انهار السد ستصل المياه إلى الموصل خلال 4 ساعات وتصل إلى بغداد خلال 45 ساعة”.

وذكر الأنصاري أن السفارة الأميركية في بغداد حثت المواطنين الأميركيين على مغادرة الإقليم.

وتم تخطيط سد الموصل خلال الخمسينيات من القرن الماضي، رغم تأجيل بنائه بسبب بعض المشكلات الجيولوجية في تلك المنطقة من نهر دجلة، حيث تتحلل معظم أجزاء التربة جراء تدفق المياه. وقام نظام صدام حسين ببناء السد الذي كان يعد مشروعاً عملاقاً ومتميزاً.

وكان الأنصاري يشغل في ذلك الحين منصب الاستشاري العلمي لوزارة الري العراقية.

المصدر: وطن