طارق حميد يكتب: أعداؤنا أنفسهم.. وأخطاؤنا نفسها!



طارق حميد

منذ الثورة الخمينية الشريرة وأعداء المعتدلين من عقلاء المنطقة هم نفس الأعداء، فكرًيا، وسياسًيا، وأنظمة، وأحزاًبا، وقيادات، وإن اختلفت التكتيكات، ولم يحدث ذلك بعد الثورة الخمينية وحسب، بل وحتى أعقاب غزو صدام حسين للكويت. الأعداء بالمواقف، وتهديد مصالحنا، هم نفس الأعداء؛ الإخوان المسلمون، ومن ضمنهم حماس، والبعث، وعلي عبد الله صالح، والجماعات الراديكالية، والحركية، وكذلك «حزب الله»، وقبل تأسيسه رسمًيا، وكذبة محاربة إسرائيل، حيث يتناسى الحزب مطولاً أن هناك أرًضا محتلة اسمها الجولان! ونقول قبل تأسيس «حزب الله» رسمًيا، لأنه، أي الحزب، أول من دشن العمليات الانتحارية في المنطقة، وبالثمانينات في لبنان حتى قبل «القاعدة»، و«داعش». والأعداء هم نفس الأعداء بحالة نظام بشار الأسد الإجرامي، ومنذ تسلمه السلطة، وعكس والده الذي كان عدًوا عاقلاً.

عداء نفس الأعداء، لكن الغريب هو أن أخطاءنا هي نفس الأخطاء.. نغضب، نقاطع، ثم نصالح وننسى! وتدور الدائرة ثم نلدغ من نفس الجحر. حدث ذلك مع الإسلام الحركي حين لم نتعلم من الإرهاب بمصر في التسعينات حتى صدمنا بـ«القاعدة». وتسامحنا مع من وقف ضد أمننا عند احتلال الكويت، ثم وجدناهم أعداءنا بكل أزمة، ويكفي تأمل القصة اليمنية! وبالنسبة لإيران أشغلنا البعض بإيران الإصلاحية والمتشددة، وبحالة «حزب الله» تناسى البعض أنه كانت هناك قوائم تخوين وضعت بعد حرب 2006 لكل من ينتقد الحزب، وروج لها خليجًيا، ومن سعوديين يهاجمون حسن نصر الله والحزب الآن، وكانت تسمى بقوائم العار، والمتصهينين، فقط لأنهم انتقدوا مغامرات الحزب، وكذبة الممانعة والمقاومة. وأتذكر هنا، وللتاريخ، إبان كنت رئيس تحرير هذه الصحيفة وأنافح عن فكرة المعتدلين، كان يقول لي بعض الساسة والإعلاميين العرب إنه لا ينبغي الحديث عن معتدلين وغير معتدلين، أو تكذيب فكرة المقاومة والممانعة، وقال لي أحد من يقدمون أنفسهم الآن كمفكرين استراتيجيين: «ألا تريد أن تبيع صحيفتك؟ خف شوي، وماشي الشارع»! هذا للتاريخ، حسًنا ما هو المطلوب؟ المطلوب، وبصراحة، أنه حان الوقت، وتحديًدا خليجًيا، لمأسسة ذاكرتنا، وسياساتنا، ومنهجنا. آن الأوان لتكون لدينا أدوات لترسيخ الذاكرة المؤسساتية، صحيح أن من حق السياسي أن يناور، لكن انطلاًقا من تقييم صارم.. تريد أن تهادن؟ افعل، لكن ليس أحزاًبا، وآيديولوجيا. تريد تحقيق هدف أكبر؟ تذكر أنه عدوك، وسينقلب عليك، وهذا ما حدث، مثلاً، مع الأسد، وخصوًصا بعد محاولة احتوائه بعد قتل رفيق الحريري. اغضب، لكن لا تنكفئ. ولذا فلا بد من آلية ورؤية واضحة تضمن توافر أدوات تردع من تسّول له نفسه المساس بأمننا، ووجود حقيقي عبر دعم العقلاء، ونفوذ على الأرض، وتحت كل غطاء ومبرر، وبكل مكان. لا بد من عمل مؤسسي، وتقييم صارم، ومنهج سياسي واضح الرؤية والاستراتيجية، وتحديًدا خليجًيا، فلا يعقل أن نلدغ من نفس الجحر عدة مرات!.

المصدر: الشرق الأوسط

أخبار سوريا ميكرو سيريا