أربعة اعتقالات وقدمان صناعيان وما زالت إصبعه على الزناد
6 مارس، 2016
إياس العمر:
لم تثنه اعتقالاته الأربعة من قبل قوات النظام في فترة سلمية الثورة على متابعة سيره في ذاك الطريق، وكان لبتر قدميه الفضل في مشاركته جيش الفتح في معارك تحرير إدلب ومطار أبو الظهور.
لم تزعزع عروض اللجوء في ألمانيا نيته في إكمال ما بدأ، وزاده ثقل طرفاه الصناعيان، رغم ما تسبباه من ألم في ظهره، تمسكاً بمكان رباطه على أطراف بلدة بصر الحرير بريف درعا الشرقي.
يحيى الشوحة، ابن مدينة ازرع في ريف محافظة درعا، شاب ثائر تغلب على العوائق والصعوبات التي واجهته لتحيق هدفه وإكمال طريقه في هذه الثورة. يروي قصته لـ “ ” فبدأها بمرحلة سلمية الثورة قائلاً إنه قرر المشاركة في الثورة السورية منذ انطلاقتها، ودفع ثمن مشاركته في الحراك السلمي، فاعتقل أربع مرات من منذ بداية الثورة وحتى مطلع عام 2013 .
وعن تجربته في المعتقل، قال إنه اعتقل أول مرة في شهر نيسان من عام 2011 عندما كان يقوم بالكتابة على جدار مدرسته في مدينة ازرع، وكانت المدرسة مراقبة من قبل عناصر الأمن الذين قاموا باعتقاله، وزجه في سجن فرع الأمن العسكري لمدة شهر، تنقل في بين درعا ودمشق، ومن ثم أفرج عنه، ثم اعتقل ثانية بداية عام 2012 على إثر مشاجرة مع ابن ضابط في المساكن العسكرية بمدينة ازرع، وعلى إثر هذه الاعتقالات أصبحت قوات النظام تقتحم منزله بشكل متكرر، وعندها لم يعد بإمكانه وأهله البقاء في مدينة ازرع، لذلك قرر الانضمام إلى صفوف الجيش الحر.
انضم “الشوحة” لكتيبة تضم عدداً من أبناء مدينته، وشارك بعدد من المعارك، وأثناء معارك فك الحصار عن مدينة نوى بريف درعا الغربي، وخلال تحرير تل أم حوران شمالي مدينة نوى، استهدفت قوات النظام السيارة التي كان يستقلها بقذيفة مدفع من عيار (57مم)، ليفقد الوعي، ويجد نفسه بعد عدة أيام في أحد مستشفيات إحدى الدول المجاورة وقد بترت قدماه.
وبعد عودته لم يستطع الجلوس في البيت، فقرر متابعة طريقه في محاربة قوات النظام، ولكن لم يكن قد تمكن من تركيب أطراف صناعية بعد، ولم يكن أمامه خيار سوى الذهاب إلى تركيا لتركيب الأطراف الصناعية بسبب عدم توافر مراكز مخصصة لتركيب الأطراف في الجنوب السوري.
وبعد شهر كامل تمكن من الوصول إلى تركيا بمساعدة صديقه، وهناك تمكن من تركيب أطراف صناعية، وبعد أربعة أشهر من العلاج وبعد تركيب الأطراف، تلقى عرضاً بالذهاب إلى ألمانيا من أجل تركيب أطراف حديثة، إلا أنه قرر العودة، وعندما دخل إلى الأراضي السورية كان الطريق إلى محافظة درعا غير سالك، فقرر الانضمام إلى جيش الفتح في محافظة إدلب، وشارك في معركة تحرير مدينة إدلب ومطار أبو الظهور العسكري في ريف إدلب.
وأردف “الشوحة” بأنه وبعد فترة أصبح الطريق إلى محافظة درعا سالكاً، عندها قرر العودة، وبعد عشرة أيام تمكن من الوصول إلى محافظة درعا، ولكن أثناء الطريق انكسرت الأطراف الصناعية التي قام بتركيبها في منطقة اللجاة، بسبب وعورة الطريق، وبعد عودته إلى درعا كان قد افتتح مركز لتركيب الأطراف الصناعية، فركب أطرافاً جديدة، ولكنه وجد صعوبة في التأقلم مع أطرافه الجديدة، بسبب ثقل وزنها ما سبب له مشاكل في العمود الفقري.
يحيى الشوحة اليوم مرابط على أطراف بلدة بصر الحرير في ريف محافظة درعا الشرقي، ويقول إنه لن يتراجع عن طريق الثورة لو فقد جميع أطرافه، وسيبقى يحارب حتى زوال النظام، ولن يقبل بأقل من إسقاط نظام بشار الأسد.
بمثل هؤلاء تنتصر الثورة، ولهم ترفع القبعات، وعليهم ينثر الأرز والريحان، ومنهم نستمد القوة، وبهم تنتصر ثورة شعب مظلوم أنهكه ظلم الظالمين وتجهّم المقربين، وأدمت مقلتيه تواطؤ العرب والمسلمين.