ثلاث إهانات تعرض لها اللاجئون السوريون في رحلتهم إلى أوروبا يخفونها عن ذويهم ويخجلون من ذكرها
8 مارس، 2016
ثلاث إهانات تعرض لها اللاجئون السوريون في رحلتهم إلى أوروبا يخفونها عن ذويهم ويخجلون من ذكرها
للاتحاد برس – محمد إقبال بلو
مخطئ من يعتقد أن اللاجئين السوريين أو غيرهم من الجنسيات الأخرى، يكلفهم الوصول إلى إحدى الدول الأوروبية الكثير من المال والوقت والتعب والإنهاك الجسدي فحسب، بل الأهم من كل ذلك أنهم يتعرضون لإهانات شتى لم يسبق لهم أن تعرضوا لها، باستثناء أولئك الذين اعتقلوا سابقاً في سجون النظام السوري، إذ يعلم الجميع أنهم تعرضوا لمعاملة وحشية لا تخطر ببال بشر.
الإهانة الأولى: لاجئون يحملون نفس الاسم “نفر”
منذ أن يلتقي اللاجئ بأول مهرب في إحدى نقاط التهريب التركية وهي غالباً ازمير أو اسطنبول، يصبح اسمه “نفر” في عرف المهربين، كما يجمع جمع مؤنث سالم لتصبح المجموعة من اللاجئين “نفرات” هذا النفر أو هؤلاء النفرات يعاملهم المهرب مهما ارتقى بأخلاقه – إن حمل بعضاً منها – معاملة متشابهة، تبدو طيبة وجيدة ريثما يتم قبض المبلغ المطلوب منهم، لتنقلب مباشرة إلى معاملة تسودها الإهانة والكذب والتقلب والمراوغة في كل شيء، من المواعيد إلى طريقة الحديث إلى المفردات اللفظية، وتصبح المجموعة مجرد سلعة لا أكثر، يتم تحميليها في سيارة مغلقة مخصصة لنقل البضائع، تكدس السيارة بــ “النفرات” وتتجه إلى نقطة الانطلاق، وكثيراً ما سمع اللاجئون عبارة قالها المهرب لرئيسه في العملية “عبحمّل نفرات” وكأنه يحمل بضاعة لا أكثر، ولا غرابة فهو يسمى “تاجر بشر”.
إضافة للكثير من الشتائم التي يسمعها “النفرات” من المهرب عندما يصلون إلى الغابة حيث يبدأ المسير باتجاه نقطة انطلاق البلم المطاطي، فالدكتور “أبو محمد” ويحمل دكتوراه في الاقتصاد، خاطبه المهرب الأمي بــ “جحش” عدة مرات لأنه لا يسير بالسرعة المطلوبة، والسيدة “أم مروان” ضربها المهرب على ظهرها بعصا كان يحملها لأنها تأخرت عن المجموعة وهو يقول لها “عجلة” لتسرع في المشي.
الإهانة الثانية: تفتيش جسدي “عراة تماماً”
معظم اللاجئين وخاصة من وصلوا إلى أوروبا في النصف الأول من عام 2015 تعرضوا للاعتقال في السجون اليونانية لمدة أسبوع لينتقلوا بعدها إلى كامب ترعاه مفوضية اللاجئين لأسبوع آخر، وأما الكامب فهو مشابه للسجن كونه مغلق ولا يسمح للاجئ بحرية الحركة، لكن الإهانة تكمن في السجون اليونانية، إذ أن معاملة البوليس اليوناني للاجئين الواصلين حديثاً تحمل الكثير من الاحتقار في طياتها.
عدد كبير من اللاجئين تعرض للتفتيش الجسدي، ولا يعني التفتيش الجسدي هنا الملامسة بالأيدي لأجل التأكد من خلو جسد اللاجئ من أدوات مؤذية، بل هنالك غرفة مخصصة للرجال وأخرى مخصصة للنساء، ويقوم عنصر بوليس يوناني رجل بأمر اللاجئ أن ينزع ملابسه تماما، ومن ثم يجلس في وضعية “القرفصاء” ويقف مرة أخرى، بينما تطلب شرطية امرأة من النساء القيام بنفس الإجراء، والذي قد يعتبره اليونانيون عادياً بينما الثقافة التي يحملها السوريون أو العرب بشكل عام، تجد أن ذلك من أكبر الإهانات أن يجبرك أحد على كشف تفاصيل جسدك كاملة أمامه.
مدرس اللغة الانكليزية “علي” عبر عن ذلك بقوله: “تمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني قبل أن أخلع كل ملابسي كمن يهيئ نفسه للاغتصاب من قبل شرطي”.
الإهانة الثالثة: كمامة وقفازات بلاستيكية عند الاقتراب أو التعامل مع اللاجئ
عندما يصل اللاجئون إلى أية دولة في طريقهم يستقبلهم عناصر البوليس أو موظفون مختصون بتفتيشهم وفحص ما يحملون من أشياء، يرتدي أولئك الكمامات والقفازات البلاستيكية، خوفاً من أن تنتقل لهم أمراض معينة يحملها اللاجئون، لكنك تشعر تماماً بما يعتريهم من إحساس بالقرف منك أكثر من هاجس الوقاية من العدوى، بل تشعر أنك كتلة من القذارة تثير الاشمئزاز في نفوسهم.
“شعرت أنني حشرة ضارة أو بؤرة من الأمراض والآفات، بل هذا الإجراء جعلني أشعر أنني لست إنساناً مثلهم، بل قد أكون أقل من ذلك بكثير، فبينما يعانقون الكلب ويقبلونه يبتعدون عني ويرتدون ما يقيهم شر ملامستي أو ملامسة أشيائي، قد يحمل الكلب صفات إنسانية أكثر مما أحمله أنا كونه اختلط بالبشر من الدرجة الأولى اما نحن الذين نحمل الدرجة الثانية أو قد تكون العاشرة لسنا سوى مخلوقات حاملة للأوبئة بالنسبة لهم” يقول عمار.
ثلاث إهانات تعرض لها اللاجئون السوريون في رحلتهم إلى أوروبا يخفونها عن ذويهم ويخجلون من ذكرها المصدر.