ما الذي تريده إدارة أوباما من مفاوضات جنيف السوري؟

8 مارس، 2016

AFP / FABRICE COFFRINI (Photo credit should read FABRICE COFFRINI/AFP/Getty Images)

المصدر | عبد الوهاب عاصي

فيما تصرّ روسيا على فرض رؤيتها العسكرية على الحل السياسي الذي ستحدده مفاوضات جنيف السوري، والتي من المفترض أن تُستأنف يوم الخميس المقبل، لم تبدِ واشنطن أي تحرك يحد من مساعي موسكو العسكرية، باستثناء تفاهمها الأخير معها على قرار وقف العمليات العدائية، لكن هذا القرار الذي لا زال يكتنفه الغموض؛ لا سيما بشأن الصيغة التي اتفقت فيها واشنطن مع موسكو حوله، يُنبّه إلى ماهية الغاية الأمريكية من سير عملية التفاوض السياسي التي استندت على النتائج الأولية لهدنة وقف إطلاق النار الجزئي.

ففي الوقت الذي تفسر فيه موسكو وقف العمليات العدائية بتلك التي تستهدف النظام وحلفائه، حينما عبرت عن ذلك بأكثر من مناسبة بقولها “إن كل عمل يستهدف النظام بالسلاح هو عمل إرهابي يستوجب الرد”، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة، تصر على إنجاح هذا الهدنة؛ بغرض دفع روسيا باتجاه إنجاح تنفيذ القرار 2254، بما يضمن رحيل بشار الأسد في نهاية العملية السياسية الانتقالية”.

جاء ذلك وفقاً لرؤية الأمين العام لحزب التضامن الدكتور “عماد الدين الخطيب”، في حديثه مع شبكة “المصدر”، إذ أكد موقف الإدارة الأمريكية الذي يتسم بالتذبذب بين الشدة أحياناً والليونة أحياناً أخرى تجاه النظام السوري ومصير الأسد، يُدلل أنها لا تريد أن تؤدي مفاوضات جنيف إلى إسقاط النظام ولكنها لا تمانع من رحيل الأسد بعكس روسيا الاتحادية. ويأمل الأكاديمي السوري حضور الهيئة العليا للمفاوضات حضور جنيف، رغم أن روسيا وأمريكا ومعهم المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا سيحاولون دعوة أطراف أخرى؛ أقرب للنظام بموقفها من المعارضة، معتبراً ان حضور المعارضة سيكون بمثابة تعرية للمواقف الأمريكية الروسية بخصوص القرار 2254 ومدى الجدية بالالتزام بتطبيقه.

ويعتقد المعارض والسياسي السوري الدكتور “وليد البني” أن “الإدارة الأمريكية تهدف من خلال كل ما تقوم به على الساحة السورية إلى تجميد الأوضاع خشية الانزلاق إلى أوضاع تضطرها للتدخل بشكل مباشر وفعال في الشرق الأوسط، لذا لا مشكلة لدى هذه الإدارة من هو الطرف الذي ستزيد قوته أو تنقص”، مضيفاً في اتصال مع “المصدر” أنه “ليس لدى إدارة أوباما مانع من أي تدخل يمنع سقوط سوريا بيد الإسلاميين المتطرفين وهي بعكس ما تعلن لا تفرق كثيراً بين أحرار الشام أو جيش الاسلام وبين داعش والنصرة وهذا ما يفسر صمتها عن قيام روسيا باستهداف الإسلاميين ( المعتدلين) مع استمرارها وتحالفها باستهداف داعش. أي أن الاصرار على إنجاح الهدنة بالقياسات الروسية كما الإصرار على استمرار المفاوضات (وليس إنجاحها) لأن إمكانية التوصل الى حلول دائمة من هذه المفاوضات ووفق الشروط التي تجري فيها والأطراف المشاركين فيها شبه معدومة”.

وبحسب “البني” فإن غاية إدارة أوباما من خلال اتباعها السياسة الحالية بسوريا، هو إعطاء انطباع للرأي العام الأمريكي والدولي بأنها تفعل شيئاً بهذا الخصوص، منبهاً أن جهودها الحقيقية منصبة على تحسين الاقتصاد الأمريكي وعدم القيام بأي عمل يؤثر على نموه، حتى ولو تشرد كل الشعب السوري أو استطاعت روسيا قهر الثورة السورية وإعادة تعويم النظام.

ودعا البني “السوريين إلى فهم وإدراك ممارسات الإدارة الأمريكية، وبالتالي التفكير بشكل مختلف وباستقلالية أكبر حول الطرق التي يمكن أت تقودهم إلى تخليص وطنهم وشعبهم من الكارثة التي تعصف به”.

وبينما يبدو أن هناك توافق كبير بين الجانبين الروسي والأمريكي على دفع العملية السياسية في سوريا نحو الأمام، يرى مراقبون أن إدارة أوباما ساهمت في إعادة تعويم النظام السوري من خلال التدخل العسكري الروسي الذي أظهرت أنها عاجزة عن التصدي له، وأنها مضطرة للتوافق مع موسكو للتفاهم على حل ينهي الصراع، ومن هذا المنطق بدأت مباحثات فيينا. وبناءً عليه يؤكد المعارض السوري “جميل عمار” أن روسيا تسعى حالياً إلى ضم ما أسماها “أطياف من معارضة الداخل والتي تتماهي مع موسكو والنظام إلى جولة مباحثات جنيف المقبلة، بعد أن تم جمع هذه المعارضة ضمن ما يعرف بمجلس قوات سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لوحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تمنحه واشنطن اعترافاً أيضاً يوازي الدعم الروسي، وبالتالي هناك محاولات حثيثة تفرض بالقوة لتقديم تفسير مخالف لقرار مجلس الأمن 2118 وقرارات جنيف1، بمعنى الذهاب لتشكيل حكومة وحدة وطنية وليس هيئة حكم انتقالي، وهو مفهوم لا يعني استبعاد الأسد أو تقليص صلاحياته وأيضاً لا يتناول موضوع إعادة تأهيل الجيش والقوى الأمنية”.

لكن “عمار” في حديثه مع “المصدر” أكد أن الطرح السابق يواجهه رفضاً تاماً وقطعياً من قبل المعارضة السورية الممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات والفصائل العسكرية، وهو موقف تدعمه بقوة الدول الإقليمية، ففي أكثر من مناسبة شدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على ضرورة رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية”.

ما الذي تريده إدارة أوباما من مفاوضات جنيف السوري؟ المصدر.