امرأة سورية في زمن الحرب…واجهت الحياة بصنع الحلويات


“لشهداء قتلوا بصمت أخرج مظاهرة،….. لسجناء تمت تصفيتهم جماعيا،…. أصرخ في وجه الظلم …، لقبور جماعية لم يذكرها أحد قبل الثورة … أساعد الثوار”، لم تستطع ” أم عبدالله ” حبس دموعها حين تذكرت ما قاله لها زوجها من أحداث حصلت في سجن صيدنايا عام 2005 م، فقد حالفه الحظ، لأنه لم يكن في نفس الزنزانة التي قام الضابط العلوي بتصفية جميع سجنائها دون معرفة الأسباب، ليدفنوا جماعيا.
تمسح دموعها لتتحدث عن نفسها كيف استطاعت أن تكمل مسيرة حياتها بعد أن اعتقل النظام زوجها بداية عام 2003م، لتقول ” كنت في منتصف العشرينات من العمر، ليترك لي زوجي 4 أطفال أكبرهم لم يتجاوز التاسعة من عمره “، لم أكن أستطيع أن أكمل تعليمي:” العلم يحتاج لسنوات واحتمال التوظيف قليلة وزوجي لم يكن يملك الكثير كي أكمل تعليمي، فكان الحل صنع الحلويات في البيت، ومردودها جيد وأستطيع أن أوفق بين عملها وتربية أبنائي.”

أشهر قليلة من العمل في الحلويات لتشتهر “أم عبد الله” على مستوى مدينة ادلب، فتستثمر نجاحها بتأمين طلبات لمحلات الحلويات بشكل يومي، تكمل وهي تعجن عجينة لزبائنها:” كم من الدموع امتزجت بالمعجنات التي كنت أصنعها، فراق زوجي كان يثقل كاهلي، وخوفي علية من نظام لا يرحم، فقد اعتقل بتهمة انه سلفي من الإخوان، فهذه التهمة هي أخطر تهمة يمكن أن يتهم بها المواطن السوري “.

خمس سنوات من الاعتقال لـ “أبو عبدالله” ليخرج قبل اندلاع الثورة السورية بسنة، فيلتزم بيته بعد أن فصل من وظيفته، فهو مهندس بترول، وتم منعه من السفر خارج سوريا، تكمل أم عبدالله مشوارها، “رغم خروج أبو عبد الله فقد كنت المعيلة لأسرتي، لتأتي الثورة وتشارك أم عبد الله وزوجها بالمظاهرات السلمية، كما أنها كانت ساعدت الثوار في كثير من الأحيان فتقوم بالطبخ لهم، وتارة ترسل لهم أخبارا عن النظام.

اقتحام قوات النظام إدلب عام 2013 للمرة الأولى أجبر الكثير من الرجال والشباب على الخروج من المدينة لعلمهم أنهم مطلوبون للنظام، تقول أم عبدالله، “كنت أقبل يديه ودموعي تغمر عيوني، أترجاه بالخروج معه إلى الريف المحرر، لم يكن يعلم إلى أين يريد الذهاب، أذكر من كلماته العالقة في ذهني حتى اللحظة” استودعتك بحفظ الله”، وتضيف:” لم يمض أسبوع حتى علمت باستشهاده، لدى اقتحام قوات النظام لإحدى المزارع المحيطة بإدلب، كانت نظراته مودعة لي قبلاته لأطفالنا كانت قبلات الوداع “.

وتكمل” زاد حقدي عليهم أصبحت غايتي العمل وجمع أكبر قدر من المال لخدمة الثورة، كل تجمع كنت أحضره كل مساهمة كنت أشارك بها.”

“أكثر فرحة حصلت في حياتي بعد خروج أبو عبدالله من السجن هي تحرير مدينة إدلب”، لم أمتلك نفسي كانت الزغاريد تخرج من فمي لا شعوريا، دموع الفرح وكان يوم التحرير هو يوم الأخذ بثأر زوجي وما حصل له على يدهم”.

تعتبر “أم عبدالله” أن المستقبل بدأ من التحرير، لتصر أنها لم تفكر بالخروج من مدينة إدلب مهما حصل لتقول:” إيماني بربي كبير هو من خلق الروح ليقبضها هو فلا الطيران السوري ولا حتى طيران العالم أجمع يستطيع قبض روح أحد دون مشيئة الله “.

تطوعت “أم عبد الله” في تجمعات نسائية كثيرة ونشطت في أكثر من مجال، لتثبت أن المرأة السورية قادرة على النجاح رغم كل الصعاب، لتحضر دورات مكثفة للعمل الصحفي، وتقول :” التحقت بالصحافة لغاية واحدة وهي إيصال للعالم ما يجري في سوريا، فرغم الموت والحصار والغلاء الحاصل إلا أن هناك حياة كاملة، نعمل رغم القصف المتكرر ونعيش رغم كل شيء”، تدعو “أم عبدالله ” كل أمرأه فقدت زوجها أن تخرج لتعمل فالمرأة هي نصف المجتمع وعليها المساهمة في بنائه بعد ما ألحق النظام به من ضرر على جميع الأصعدة .

أماني العلي …

المركز الصحفي السوري