حرب (الأعلام) الباردة


نحن ..! أصحاب السوابق

ولا فخر !.
ينحدر بعضنا إلى قبيلة قيس أو كنانة، الذين اشعلوا حرب الفجار،
وينحدر آخرون إلى اﻷوس أو الخزرج، الذين بدأوا حروبهم بحرب سمير، وتوالت حروبهم /140/ عاما” ، لتنتهي بحرب بعاث،
وينحدر غيرنا إلى عبس وزبيان، الذين أشعلوا داحس والغبراء.

كيف لنا أن ننسى أجدادنا أبناء تغلب و بني شيبان وحربهم البسوس الضروس .

نعم ..
ولا فخر !
نحن أحفاد هؤلاء العرب، الذين أشعلوا حروبا” لعقود ، من أجل طلاق امرأة أو مرعى ناقة .

حروب تفني الشباب وتحرق الممتلكات وتهجر النساء والأطفال ، وتنهك العرب و تقلل من هيبتهم ومكنت خصومهم منهم .
و للأسف …
ما أشبه اليوم بالأمس، وقد بدأت حربنا الباردة، ليس من أجل الإنسان أو الحيوان أو المال .

الخلاف اليوم من أجل خرقة.
تلك الراية التي ترفع كرمز تعبيري، ويفتخر بها حاملها لمجاهرته بانتمائه، تتحول في نظر الجميع لخرقة بالية مثيرة للفتنة، تجلب الويلات لأصحابها
… ومع من ؟
مع رفقاء الدرب شركاء الأسى الذين أنهكتهم الحرب .

الحكاية…….. باختصار تبدأ
عندما نفقد الوعي، ونتحول جميعاً لجسور تمر من فوقنا المشاريع ، وتتقاسمنا المعسكرات، فنضيع بين المصالح الغربية و الشمالية ، أو بين المصالح الشرقية و القبلية ، وننفذ أجندتها بحذافيرها .

لا بل بسيناريو أسرع و أشد دموية مما توقعه المخرج ، وبأخف كلفة مما أعده لنا المنتج ،
ثم نشعل من أجل (الخرق) حروباً فيما بيننا كحرب البسوس و بعاث .

نصبغها باسم الحرية أو الإسلام و باسم الفتح أو النصر لافرق
فكلنا الحق وغيرنا الباطل .

نحن لم نتجاوز بعد، جاهليتنا الأولى الضاربة في عمق تاريخنا الدموي .
فليس ..!
صدفة في رسالة الإسلام ، أن لا تجد وصفا دقيقا لراية واحدة، اعتمدها النبي الذي نقلت عنه أدق التفاصيل من داخل حجراته بينه وبين أزواجه، إلى كبرى مراسلاته بينه وبين أعظم ملوك الأرض آنذاك .

ولا تكاد تجد راية معتمدة مجمع عليها في كتب السيرة .
لأن الشريعة أوسع بكثير من نفوس حملتها،
ولا تهتم بالشكليات عندما تكون الوجهة صحيحة، والقبلة واحدة وتصل الأتباع بالهدف المنشود .

أما عند الخلاف فتعتمد على الدعوة و التنوير، لتوجيه الأخ الحبيب لا الخصم المنازع للطريق الصحيح .

فكيف يسمح للمسلم أن يخسر أخاه من أجل خرقة بالية ؟.
ولا ننكر الحقيقة
فتعدد الرايات تدل على تعدد المشاريع القادمة من الخارج، التي تحاول الهيمنة على ماتبقى من الشعب،
وتلونه بصبغتها.
لا يهمنا كثيرا” أعرف أصحابها أم لا ؟
ولا حاجة للبحث عن خلفياتهم أو نواياهم .
لأننا لانعرف من هم أصلا”، ولا حتى مكان إقامتهم إلا من خلال تسريبات الإعلام المتهم ، وصاحب السوابق المتكررة في تشويه الحقائق، والترويج لمشاريع استعمارية كبيرة باسم الإسلام .

لا حاجة لمعرفة البعيد الغائب،
إن كان الأتباع على الأرض يمثلون المنهج بحذافيره ، وينفذون قرارات القادة ، فنستدل على الغائب بأفعال الحاضر ، إلا أن يصدر الغائب بيان استنكار و براءة من تلك الأفعال . فنعلم حينها حقيقة المنهج وأي نوع من النصوص التي سيعتمدها في سلوكه القادم .
وكذلك نقرأ السياسة التي سيتبعها الخصم في تعامله مع الأمر الواقع .
وما الخطة المعدة بعد هذه الحرب الباردة، هل تأخذ مسار تصعيدي، أو باتجاه التهدئة ، و تفهم القلق وامتصاص الغضب .
فهل صراع الخرق، هو صراع المناهج أم موجة عابرة، إثر نازلة حديثة غير متوقعة، أحدثت خلافا عابرا” بين العناصر ،
و سيرسم بعدها خطة طريق توافقية، تضع نصب عينيها العدو المتربص -بشار الأسد-المنتظر لينقض على الثور الأخير المنهك ،
ولن ينفع بعدها الندم .
حليم العربي

المركز الصحفي السوري