هل تقر تسوية على أساس فدرالي في سوريا؟


رغم الشكوك في فرص التوصل إلى اتفاق مع النظام السوري، أكدت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية أنها ستشارك في جولة المفاوضات المرتقبة في جنيف الاثنين المقبل. يأتي هذا في ظل تقارير تتحدث عن طرح قوى كبرى إمكانية تحويل سوريا إلى دولة فدرالية تتمتع فيها الأقاليم بحكم ذاتي واسع.
وتشهد المناطق المشمولة بالهدنة استرجاعا لأيام الثورة الأولى في مظاهرات سلمية، يرفع المشاركون فيها شعارات تؤكد استمرارية الثورة والتمسك بأهدافها، كما تشدد على وحدة التراب السوري، بينما بقيت مناطق أخرى في حلب وريف دمشق تعاني من هجمات قوات النظام والغارات الروسية.
حلقة الجمعة (11/3/2016) من برنامج “حديث الثورة” ناقشت واقع سوريا ومستقبلها بين مظاهرات تؤكد على استمرارية الثورة ووحدة السوريين، وبحث قوى كبرى تقسيم البلد على أساس فدرالي.
بداية، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات وسفير الائتلاف الوطني السوري في باريس منذر ماخوس إن الحرك الثوري السلمي هو أيقونة الثورة، مؤكدا أن النظام لديه رغبة دائمة في تخيير السوريين بين استمراره أو سيطرة ما يسميها المجموعات “الإرهابية”، لكن الحراك السلمي يعطي بعدا آخر.
وأشار ماخوس إلى أن المعارضة السورية قبلت الإنخراط في العملية السياسية لمحاولة التخفيف عن الشعب السوري الذي يعاني بشكل كبير.
في المقابل، قال الكاتب الصحفي يونس عودة إنه بعد خمس سنوات من الحرب المشتعلة في سوريا “بدأ الشعب السوري يعي أن من ورّطه تحت شعارات الحرية والديمقراطية كانوا يدفعون بالبلاد تجاه الحريق، لكن ذلك أوصل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية إلى سوريا”.
لكن ماخوس اختلف مع ما طرحه عودة، مؤكدا أن الثورة كانت سلمية في بدايتها، وأن النظام السوري هو من ابتدع الإرهاب وهو من أطلق سراح المئات من المتطرفين وسلحهم لتشويه الثورة، ثم أجبر الثوار على التسلح عندما واجههم بالمدفعية والطائرات.
وأشار إلى ضرورة العمل على إعادة إحياء الحراك الثوري المدني بعيدا عن أي أجندات خارجية أو “جماعات سطت على الثورة”.

مفاوضات جنيف
ومع قرب انطلاق مفاوضات جنيف، قال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية رياض حجاب إنه لا يبدي ثقة كبيرة في فرص التوصل إلى اتفاق مع النظام الذي يستثمر في معاناة السوريين لتفادي الاستحقاقات الحتمية للعملية السياسية.
من جهته أعلن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أن احتمالات تسوية الأزمة السورية هي الأعلى منذ أي فترة سابقة، مؤكدا أن المظلة الحيوية والأساسية لحل الأزمة السورية تبقى متمثلة في إعلان جنيف الذي وصفه بالكتاب المقدس بالنسبة للمفاوضات السورية.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية المعتمد لدى الأمم المتحدة طه يوسف حسن أن تأخير الحل السياسي في سوريا جعل العديد من الفاعلين الدوليين يفكرون في حلول أخرى بينها الحل الفدرالي. وعن مفاوضات جنيف، قال حسن إنه لا بد من توفر إرادة سياسية لطرفي النزاع حتى يتم التوصل إلى حل.
وهنا عاد عودة ليؤكد أن الرئيس السوري بشار الأسد أعلن أن حل الأزمة يعود إلى الشعب السوري لا إلى أي أطراف خارجية، مشيرا إلى أن “سوريا تمنع المشروع الغربي بتقسيم سوريا والمنطقة العربية”، وأكد أن “أغلب من يقاتلون في سوريا ليسوا سوريين، بينما الشعب السوري يريد الاستقرار وإعادة بناء بلده”.

وعلى العكس من ذلك، قال ماخوس إن النظام لا يريد حلا سياسيا، وإنما “يبتز المنظمات الدولية عبر ربط تقديم المساعدات الإغاثية للمدن المحاصرة بالقضايا السياسية الأخرى، وحتى الآن لم يوافق النظام على دخول المساعدات إلى داريا وأكثر من عشرين بلدة أخرى”.
وأكد أن المعارضة لن تقبل بأقل من تشكيل هيئة حكم انتقالي لها صلاحيات تنفيذية كاملة لقيادة العملية الانتقالية، وبدون ذلك فإن المعارضة لن تشارك في “مهمة عبثية”، مشيرا إلى أن الحراك الثوري سيكون عاملا حاسما في ذلك.
بدوره قال أستاذ القانون الدولي زياد شندب إن هذه المقايضة تتفق مع “نظام دكتاتوري قتل نحو 500 ألف سوري وهجّر أكثر من سبعة ملايين آخرين، كما جلب مليشيات من جميع أنحاء العالم لقتل شعبه”.
وأشار شندب إلى أن جرائم النظام السوري تتم بغطاء دولي، “فالجميع يعلم أن نتائج جنيف1 وجنيف2 لم يطبق منها شيء، كما أن تنظيم الدولة وغيره صنيعة للنظام السوري”.

تقرير حلقة برنامج حديث الثورة ـ قناة الجزيرة