on
الخلاف على مصير الاسد ينذر بتقويض مفاوضات جنيف 3
نددت كل من واشنطن وباريس الأحد بتصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي قال فيها ان مصير الرئيس بشار الاسد في مفاوضات جنيف خط أحمر، واعتبرتاها استفزازية ومعرقلة لمفاوضات السلام التي يجري الترتيب لها ضمن الجهود الدولية والأممية لإنهاء الصراع في سوريا.
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في ختام مباحثات مع الحلفاء الاوروبيين في باريس ان تصريحات وليد المعلم “تعرقل عملية المفاوضات ومن الواضح انه كان يبعث رسالة رادعة للآخرين”، في اشارة على ما يبدو للمعارضة السورية التي سبق لها وان شككت مرارا في رغبة دمشق في انهاء الأزمة.
وحذر كيري دمشق وحلفاءها وضمنهم روسيا من استغلال الهدنة لتحقيق اهدافهم في سوريا، بينما أعلنت موسكو أنها مستعدة للتنسيق مع واشنطن لتحرير الرقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال الوزير الاميركي خلال مؤتمر صحافي في باريس “اذا اعتقد النظام وحلفاؤه انهم قادرون على اختبار صبرنا او التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم من دون ان يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه، فإنهم واهمون”.
وفي السياق ذاته ندد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت بتصريح المعلم ووصفه بأنه “استفزاز”.
وقال آيرولت بعد لقاء مع نظرائه الاميركي والالماني والايطالي والبريطاني اضافة الى الاتحاد الاوروبي “شهدنا في الساعات الاخيرة استفزازات وزير الخارجية السوري، ما يعتبر اشارة سيئة لا يتوافق مع روحية وقف اطلاق النار”.
وأبرزت تصريحات المعلم وتصريحات المعارضة السورية التحديات الكبيرة التي تواجه الدبلوماسيين فيما يستعدون لاستئناف المحادثات في جنيف الاثنين في مسعى للبناء على اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي قلص أعمال العنف بشكل كبير منذ 27 فبراير/شباط.
ومع اقتراب انطلاق المفاوضات السورية الاثنين في جنيف، صعدّ الطرفان المتنازعان موقفيهما حيال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد، فاعتبرت الحكومة البحث في مصيره “خطا احمر” فيما اكدت المعارضة ضرورة رحيله “حيا او ميتا”.
وتتزامن هذه الجولة من المفاوضات غير المباشرة مع دخول النزاع السوري عامه السادس، وهي تختلف عن مبادرات السلام السابقة بأنها تترافق مع اتفاق لوقف الاعمال القتالية لا يزال صامدا في ظل ضغوط دولية للتوصل الى حل سياسي ينهي النزاع الذي اسفر عن مقتل اكثر من 270 الف شخص.
وتشارك دمشق والهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة في المفاوضات التي من المفترض ان تبدأ في 14 مارس/آذار وتستمر اسبوعين.
ووصل وفد الحكومة السورية وعلى رأسها الممثل الدائم لسوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري، صباح الاحد الى جنيف غداة وصول اسعد الزعبي رئيس وفد الهيئة العليا وكبير مفاوضيه محمد علوش.
وكشف موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة ان المفاوضات ستتركز على ثلاث مسائل هي تشكيل حكومة جامعة ووضع دستور جديد واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الامم المتحدة في مهلة 18 شهرا تبدأ مع انطلاق المفاوضات الاثنين.
الا ان مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس اعتبر ان جدول الاعمال الذي وضعه دي مستورا “ليس واقعيا”، ويعود ذلك تحديدا الى ان “الاسد اقوى من اي وقت مضى ولن يرحل الى اي مكان”.
ويعتبر مصير الاسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على ان مصير الاسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
الاسد خط احمر
وقال محمد علوش من فصيل “جيش الاسلام” الذي تصنفه دمشق “ارهابيا”، متحدثا السبت الى مجموعة صغيرة من ممثلي وسائل الاعلام “نعتبر ان المرحلة الانتقالية تبدأ برحيل بشار الأسد او بموته”، مؤكدا ان المرحلة الانتقالية “لا يمكن ان تبدأ بوجود هذا النظام او رأس هذا النظام في السلطة”.
وقبل ساعات على هذه التصريحات، اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الكلام عن الاسد “خط احمر”.
وقال “نحن لن نحاور احدا يتحدث عن مقام الرئاسة وبشار الاسد خط احمر وهو ملك للشعب السوري، واذا استمروا في هذا النهج لا داعي لقدومهم إلى جنيف”.
واكدت دمشق ان وفدها لن يقبل “بأي محاولة لوضع هذا الامر على جدول الاعمال” خلال المفاوضات.
وقال المعلم متطرقا الى تصريحات دي ميستورا حول انتخابات رئاسية وتشريعية “لا يحق له ولا لغيره كائنا من كان ان يتحدث عن انتخابات رئاسية فهي حق حصري للشعب السوري”.
وتختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم اطيافا من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بدون ان يكون للأسد اي دور فيها.
اما المعلم فأكد من جهته “ليس هناك شيء في وثائق الامم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية وفي مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم الى دستور جديد ومن حكومة قائمة الى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الاخر”.
وبحسب قوله فإن حكومة الوحدة الوطنية هي التي ستعين لجنة دستورية لوضع دستور جديد او تعديل الدستور القائم.
نقطة الالتقاء الوحيدة
اما نقطة اللقاء الوحيدة بين النظام والمعارضة فهي الرفض الكامل لمشروع الفدرالية، الذي يفضله الاكراد الذين عانوا سنوات طويلة من التهميش في سوريا.
ورغم مطالبة روسيا بضرورة تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي الحزب الكردي الاهم في سوريا، لم يدع الاكراد للمشاركة في اي من جولتي مفاوضات جنيف، الا ان دي ميستورا اقر الجمعة بضرورة ان يتمكنوا من التعبير عن رأيهم حول الدستور وادارة البلاد.
وتضغط واشنطن وموسكو لإنجاح المفاوضات. ومن اجل فتح الطريق امام ذلك رعتا اتفاق وقف الاعمال القتالية الذي يستثني الجهاديين وبدأ في 27 فبراير/شباط.
كما عقدتا السبت اجتماعا للبحث في الانتهاكات التي لا زالت “محدودة”، فهما تدركان ان عدم التوصل الى حل سياسي سينهي الهدنة.
ورأى وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان “مستوى العنف تراجع بنسبة ثمانين او تسعين بالمئة”.
ووفق جوشوا لانديس فإن “الفرق الكبير” بين الجولة الجديدة من المفاوضات وتلك التي سبقتها هو “توصل روسيا والولايات المتحدة الى اتفاق لوقف الاعمال القتالية”. ورغم ان “الخلافات الايديولوجية والميدانية بين الاطراف السورية لا تزال عميقة جدا” وستمنع التوافق بينها، الا ان “كافة الاطراف تعتمد بشكل كامل على داعميها وهي مضطرة للاذعان لمطالب هؤلاء الذين يسلحونها”.
وصل وفد الحكومة السورية إلى جنيف الأحد للمشاركة في محادثات السلام المقررة هذا الأسبوع والتي تهدف إلى إيجاد حل دائم للصراع في سوريا.
وستتزامن المحادثات مع الذكرى الخامسة للحرب التي قتلت أكثر من 270 ألف شخص وخلقت أسوأ أزمة لاجئين في العالم وسمحت بتوسع تنظيم الدولة الإسلامية.
ميدل ايست أونلاين