سوريا.. سباق النار والحوار


في سوريا سباق قائم منذ خمس سنوات بين النار والحوار.. اختار النظام النار مع من لم يرهبهم قمع أجهزته الأمنية، وخرجوا في أيام كهذه من عام 2011 يحتجون على اعتقال أطفال في درعا أعربوا عن رغبتهم في الحرية والتغيير.

وكلما زادت قوات النظام من صب نيرانها على الثائرين زاد رفضهم لبقائه، قتل مئات الآلاف وهجر الملايين من ديارهم ولم يتغير موقفهم رغم خذلان المجتمع الدولي، ولم يتجه هذا النظام إلى التفاوض مع معارضيه في جنيف إلا تحت الضغط، واضعا خطوطا حمراء أولها الحفاظ على رئيسه بشار الأسد.. يجري هذا دون أن تتوقف نيرانه ونيران حلفائه على مناطق مختلفة في سوريا رغم الهدنة المعلنة.

حلقة الأحد (13/3/2016) من برنامج “حديث الثورة” رصدت المراحل المفصلية في مسار الثورة السورية وتطور موقف المجتمع الدولي منها عبر فيلم وثائقي، ثم نقاش حول سوريا وسباق النار والحوار فيها.

في البداية، قال حمزة العبد الله -وهو أحد مؤسسي صفحة “الثورة السورية ضد بشار الأسد”- إن أجواء الربيع العربي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى الكبت الموجود في سوريا لنحو أربعين عاما، دعانا إلى تأسيس صفحات تدعو إلى “يوم الغضب السوري” يوم 5 فبراير/شباط 2011، تبعها تأسيس صفحة “الثورة السورية ضد بشار الأسد”، مذكرا بأن خروج الأطفال والثوار أعطاهم دافعا للاستمرار.

وأضاف العبد الله أنهم كانوا على يقين من قيام الثورة في سوريا، لكنهم لم يتوقعوا أن تندلع بهذه السرعة.

من جهته قال المتحدث باسم الهيئة السورية العليا للمفاوضات منذر ماخوس إن شعبية النظام في ذلك الوقت كانت زائفة، والاستقرار الذي عرفته سوريا في عهدي آل الأسد كان “استقرار القمع”، ولذلك كان هناك احتقان وصل حد الانفجار، كما أن مناخ الربيع العربي ساعد على انطلاق الثورة.

أما الكاتب والباحث السياسي محمد قواص فقال إنه كان بإمكان الأسد إدارة الأزمة التي اندلعت في درعا واستيعاب ما حصل، لكنه لم يفعل، واستخدم القمع بديلا عن ذلك. وأضاف أن الثورة السورية انطلقت قبل 2011 فيما عُرف باسم “ربيع دمشق”.

ويرى مدير مكتب الجمعية الطبية السورية الأميركية في تركيا مازن كوارة أن استهداف النظام للكوادر الطبية في بدايات الثورة كان من أجل ضرب الحاضنة الاجتماعية لها، فعندما يفتقد المتظاهرون والثوار الخدمات الطبية من مسعف وطبيب ومشفى ميداني فإن هذا يؤثر سلبا على أدائهم.

وتابع كوارة أن افتقاد الشعب للكوادر الطبية في المدن الخاضعة لسيطرة المعارضة هدف إلى إيجاد رغبة عارمة في الخروج من البلد، فضلا عن أن استهداف هذه الكوادر أمر سهل، وهو ما دفعهم للعمل مؤخرا في مشافٍ محصنة.

دفع للعسكرة
وهنا قال منذر ماخوس إن سوريا كانت تضم منظومة أمنية غير مسبوقة بها 17 جهازا أمنيا، مضيفا أن التراكم الذي حصل عبر سنوات طويلة ساهم في إشعال الثورة التي استمرت سلمية طيلة ستة أشهر، لكن نظام الأسد دفعها إلى “العسكرة” حتى يبرر للعالم قمعه لها.

وطالب ماخوس باستثمار حالة الحراك المدني الحالية باعتبارها أهم من كل الحلول المطروحة اليوم.

واتفق قواص مع ذلك، مؤكدا أن النظام كان مرتبكا في مواجهة حالة الاعتراض السلمي، وعمل على استدراج هذا الحراك نحو التسلح الذي يمكنه التعامل معه، وذلك بتقديم نفسه ضحية للإرهاب، مشيرا إلى أن قوى عديدة في العالم استفادت من تسلح الثورة السورية.

وقال قواص “إننا الآن في مرحلة بداية النهاية التي قد تستمر شهورا وربما سنوات”، مشيرا إلى أن العالم بدأ يعاني من تبعات الأوضاع في سوريا وهو ما دفعه للبحث عن حل لها.

وعن مفاوضات جنيف، قال ماخوس إن النظام ما زال يرفض أي حلول سياسية، وقال إن تصريحات وزير خارجية النظام وليد المعلم بمثابة “قتل للجنين في بطن أمه”.

تفرير حلقة برنامج حديث الثورة ـ قناة الجزيرة