من هو اللواء محمد ديب زيتون عرّاب هدنة الوعر ورئيس شعبة المخابرات العامة؟


84386604-2df1-4edb-b8e4-b2e176db89e5

حذيفة العبد:

في إعلانٍ واضحٍ لوقف الهدنة المستمرة منذ أشهر، عاد الحصار ليطبق فكيه على أهالي حي الوعر المحاصر بمدينة حمص، بعد أن أغلقت قوات النظام خلال اليومين الماضيين جميع المعابر الإنسانية والطرق الغذائية المؤدية إلى الحي، ومنعت الطلاب والموظفين وسيارات الخضار والمواد الغذائية من الدخول بداية الأسبوع.

وكان من أهم بنود الهدنة التي عقدها ثوار حي الوعر بحمص بوساطة أممية هو الإفراج عن قائمةٍ طويلةٍ ضمت مئات المعتقلين في سجونه، وهو البند الذي تهرب منه النظام، ورفض إخراج أي معتقل من سجونه خلال فترة الهدنة، بحسب مراسل “ ” محمد الحمصي.

هذه المخالفات لشروط الهدنة جعلت أهالي حي الوعر يخرجون في مظاهرات شعبية الجمعة للمطالبة بإخراج المعتقلين وتنفيذ شروط الهدنة، وطالبوا أيضاً الوسيط الأممي بالضغط على الطرف المفاوض من قبل النظام لتنفيذ الشروط المتوافق عليها.

وأبرز شخصيةٍ في الوفد المفاوض من قبل النظام هو رئيس فرع المخابرات العامة في سوريا اللواء محمد ديب زيتون، الذي يذكر اسمه في كل عملية تفاوضية تخص حمص، منذ بداية الثورة السورية، خلال أحداث حي بابا عمرو مطلع عام 2012 مروراً بمصالحة حمص القديمة، وصولاً إلى المفاوضات المستمرة منذ أكثر من عام في حي الوعر الحمصي.

فمن هو اللواء محمد ديب زيتون عرّاب الهدن والمصالحات الأول في حمص، وما دوره في قمع الثورة السورية منذ انطلاقتها؟

رئيس شعبة المخابرات السياسية العامة

كان يترأس شعبة الأمن السياسي العام قبل انطلاق الثورة السورية، وتعدّ هذه المؤسسة واحدة من أقدم المؤسسات في سوريا، وقد نفذت الكثير من الاعتقالات السياسية خصوصاً بين من هم في أحزاب اليسار وعلى وجه التحديد الشيوعيين منهم. وفيها فرع خاص يدعى (شعبة الأحزاب السياسية) يكثف واجباته ومهماته نحو هذا النوع من النشاط. هناك أيضاً فرع آخر متخصص بشؤون الطلبة يدعى (شعبة الطلاب والأنشطة الطلابية) وفرع آخر للمراقبة والمتابعة أو الملاحقة يدعى (شعبة المطلوبين والمراقبين) وفرع آخر يغطي دمشق يسمى (فرع المدينة).

وكان وقتها يركز الأمن السياسي على السيطرة على القوى السياسية المنظمة فإنه في السنين الأخيرة تولى مراقبة الحكومة والإشراف عليها، وقد أطلق على الفرع وهو يتابع أداء هذه المهمة (شعبة أمن المؤسسات الحكومية). انسياقاً مع المخابرات العسكرية وإدارة المخابرات العامة.

قام زيتون بتسيير أمور وزارة الداخلية بتاريخ 29 مارس 2010 بتكليف من رئيس الجمهورية، إثر فضيحة نجل وزير الداخلية وقتها، اللواء سعيد سمور، الذي اعتقل نجله يومها على خلفية اكتشاف ترأسه لعصابة اتجار بالمخدرات، حيث أحيل الوزير سمور يومها إلى التحقيق وكلف زيتون بتسيير أمور الداخلية.

في العاشر من آب/أغسطس من عام 2008، شكلت لجنة أمنية للتحقيق بمقتل العميد محمد سليمان في طرطوس برئاسة اللواء عبد الفتاح قدسية مدير ادارة المخابرات الجوية ( مدير مكتب الأمن في الحرس الجمهوري سابقاً ) وعضوية كل من اللواء ديب زيتون نائب مدير ادارة امن الدولة والعقيد حافظ مخلوف ( إدارة أمن الدولة ) والعقيد سليمان سليمان ( مكتب الأمن في الحرس الجمهوري ) والرائد عمار السيد ( مكتب المتابعة لرئاسة الجمهورية ).

والعميد محمد سليمان كان قتل في منطقة الرمال الذهبية في طرطوس قنصاً بثلات طلقات، وكان رئيس المكتب في القصر الجمهوري وكان مقرباً من بشار الأسد، وكان بمثابة ضابط الارتباط بينه وبين مؤسسات وشخصيات كبيرة في سوريا وخارجها، ولعب دوراً خطيراً من خلال اتصالاته وعلاقاته الخارجية مع الدول وأجهزة المخابرات الغربية والعربية.

دوره في قمع المظاهرات

كان لزيتون كغيره من كبار ضباط أجهزة الأمن السورية دوراً بارزاً في القمع الوحشي للمظاهرات السلمية التي انطلقت في درعا في مارس 2011 ومنها امتدت إلى معظم مدن وبلدات سوريا، حيث برز اسمه كأحد رموز الإجرام في سوريا، وأوردت هيومان رايتس ووتش اسم ديب زيتون بين 74 مسؤولاً أمنياً قاموا بارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية خلال قمعهم للمظاهرات السلمية، في تقرير مفصل أصدرته بتاريخ 15/12/2011، واعتمدت في تقريرها على شهادة أكثر من 60 عنصراً منشقاً من الأجهزة الأمنية.

كما دعت هيومن رايتس ووتش في تقريرها إلى إجراء تحقيقات مع كبار المسؤولين على خلفية مسؤولية القيادة عن الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة. من هؤلاء المسؤولين: العماد داوود راجحة، وزير الدفاع، والعماد فهد جاسم الفريج رئيس الأركان، واللواء عبد الفتاح قدسية مدير المخابرات العسكرية، واللواء جميل حسن، مدير إدارة المخابرات الجوية، واللواء علي مملوك، مدير إدارة المخابرات العامة، واللواء محمد ديب زيتون، مدير إدارة الأمن السياسي.

رابط التقرير: http://www.hrw.org/ar/reports/2011/12/15-0

وعلى الرغم مما أشيع في في ذلك الوقت عن اختلاف زيتون مع آصف شوكت فيما يخص قمع المظاهرات التي خرجت في قريته (الجبة في القلمون)، والممارسات الطائفية لشوكت ضد الأهالي، فقد ورد اسمه في قوائم المستهدفين من قبل الجيش الحر بتهمة القمع الوحشي للثوار، كما حمل المتظاهرين في قريته لافتات تندد بالأفعال الإجرامية التي يرتكبها ابن بلدتهم.

فيديو: المتظاهرين في قرية الجبة في القلمون يتبرأون من الأفعال الإجرامية التي يرتكبها ابن بلدتهم محمد ديب زيتون في قمع الثورة السورية:

دوره في عملية اجتياح بابا عمرو

في شباط/فبراير 2012، كان محمد ديب زيتون هو المكلف من قبل النظام بإدارة ملف حمص وعملية اجتياح حي بابا عمرو بالكامل. ومع بدء عملية القصف على حي بابا عمرو أقام ثوار حي الوعر حواجز لقطع الطريق الواصل بين دوار الكلية الحربية ودوار المزرعة شمال وجنوب الوعر، بغية قطع طرق إمداد النظام باتجاه بابا عمرو، واقتصرت أسلحتهم على السلاح الفردي الخفيف (بنقدقية ومسدس).

وأوقف حاجز الثوار سيارتي شبيحة واعتقلوا من فيها وكان من السيارات التي قطعت الطريق سيارة مصفحة ومفيمة بالكامل، لم تتوقف عندما أمرها الثوار بالتوقف فأطلقوا عليها النار، وأدرك أهالي الحي فيما بعد أن من كان داخل السيارة هو محمد ديب زيتون وأنقذه من رصاص الثوار التصفيح السميك لسيارته.

العقوبات الأوربية

تبنى الاتحاد الأوروبي، بتاريخ 10 مايو 2011، رسمياً العقوبات ضد 13 مسؤولاً سورياً، من بينهم اللواء محمد ديب زيتون، وعلى رأسهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، بسبب مشاركتهم في قمع التظاهرات. وتنص هذه العقوبات على تجميد أصولهم ومنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي.

ويتقدم ماهر الأسد (45 عاماً) الذي اعتبر «المسؤول الرئيس عن القمع ضد المتظاهرين» اللائحة، وبعده مدير المخابرات العامة علي مملوك (69 عاماً) ووزير الداخلية الجديد ابراهيم الشعار (لم يحدد عمره) الذي عين في 28 أبريل 2011، وقد شملتهما العقوبات ايضا بسبب «ضلوعهما» في التحرك ضد المحتجين. وأدرجت على اللائحة ايضا أسماء كبار المسؤولين السوريين، مثل رئيس شعبة الأمن السياسي محمد ديب زيتون، ورئيس شعبة الأمن العسكري عبد الفتاح قدسية، ومدير ادارة المخابرات الجوية جميل حسن. وعلى اللائحة ايضا اسم شخصية وصفت بأنها قريبة من ماهر الأسد، وهو العميد حافظ مخلوف (44 عاماً) الضابط في ادارة مخابرات امن الدولة، وكذلك شقيقه رامي مخلوف.

حاجز ديب زيتون

أقامت شعبة المخابرات السياسية التي كان يترأسها زيتون حاجزاً عسكريا قرب منزله في دمشق، وتحديدا في مدخل حي برزة شمالي دمشق، واشتهر الحاجز باسم حاجز ديب زيتون. ويقوم عناصر الحاجز باعتقال المارة وسجل ناشطون اعتقال 4-6 أشخاص أسبوعياً من قبل عناصر الحاجز.

عضو في خلية الأزمة:

وهي خلية شكلها الرئيس السوري بشار الاسد للتعامل مع الثورة السورية 2011 برئاسة حسن توركماني وتتضمن كل من:

  1. آصف شوكت ( نائب وزير الدفاع )
  2. محمد الشعار ( وزير الداخلية )
  3. محمد سعيد بخيتان ( الامين القطري المساعد لحزب البعث )
  4. علي مملوك ( رئيس المخابرات العامة )
  5. داود راجحة ( وزير الدفاع )
  6. هشام بختيار ( رئيس مكتب الامن القومي )
  7. محمد ديب زيتون ( رئيس شعبة الامن السياسي )
  8. عبد الفتاح قدسية ( رئيس المخابرات العسكرية )
  9. جميل حسن ( رئيس المخابرات الجوية )

وقد تعرضت هذه الخلية لهجوم في 18 يوليو 2012 في مبنى الأمن القومي السوري، نتج عنه مقتل وزير الدفاع داود راجحة ونائبه آصف شوكت (صهر بشار الأسد) ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني وإصابة وزير الداخلية محمد الشعار، وحافظ مخلوف رئيس فرع التحقيق في أمن الدولة.

وعلى خلفية التفجير تم تعيين زيتون رئيساً لجهاز المخابرات العامة بدلاً من علي مملوك الذي ترأس مكتب الأمن القومي بدل بختيار، في حين تم أصبح اللواء رستم غزالة رئيساً للأمن السياسي مكان ديب زيتون.

رئيس لجنة مفاوضات حمص القديمة

ترأس اللواء محمد ديب زيتون وفد النظام الذي فاوض ثوار مدينة حمص القديمة على آلية خروجهم من الأحياء المحاصرة في حمص، وذلك في أيار/مايو 2014، برعاية الأمم المتحدة وتم ذلك بحضور روسي إيراني.

فقد ضم وفد الثوار من الأحياء المحاصرة كلاً من: الشيخ عبد العليم هلال أحد وجهاء حي جورة الشياح و السيد عرابي النجار(أبو عدي) أحد قادة الكتائب المقاتلة داخل الحصار و السيد أبو رامي الحمصي ناشط إعلامي و تمام التركاوي وغزوان السقا و أبو الحارث الخالدي و أبو راكان المهباني.

وقد التقوا بضابط إيراني رفيع المستوى بحضور اللواء محمد ديب زيتون، ومحافظ مدينة حمص طلال البرازي. ونص الاتفاق على:

  1. خروج جميع المحاصرين الذي يبلغ تعدادهم تقريباً ما بين 2200 – 2400 مقاتلاً يتم نقلهم بأربعين حافلة ويرافق كل حافلة عضو من الأمم المتحدة كما ترافق شرطة النظام الحافلات التي تتوجه إلى الريف الشمالي.
  2. لا يسمح بإخراج السلاح الثقيل، ويُخرج المقاتلين نصف أسلحتهم الرشاشة المتوسطة، بينما يحق لكل مقاتل اصطحاب سلاحه الفردي وحقيبة سفر.
  3. تنقل سيارات الهلال الأحمر المصابين من داخل الحصار.
  4. يكشف مهندسو الألغام عن العبوات الناسفة والألغام وهم آخر الخارجين من المقاتلين.
  5. يسمح بدخول الهلال الأحمر إلى حي الوعر وبدخول المواد الغذائية التي تمنع قوات النظام دخولها إلى الحي.

مقابل هذا من النظام تقوم الجبهة الإسلامية بما يلي:

  1. تسلم الجبهة الإسلامية الضابط الروسي المأسور لديها بريف اللاذقية، والمرأة الإيرانية التي تم أسرها في معبر باب السلامة، بالإضافة لعشرين مقاتل إيراني، وهذا مايفسر سبب الحضور الروسي الإيراني والضغط باتجاه الهدنة.
  2. إدخال الطعام والشراب لمدينة نبل والزهراء بمدينة حلب ولا يبدأ بتنفيذ بنود الاتفاق حتى يتحقق هذا البند وكذلك دخول الهلال الأحمر إلى البلدتين.

ونقلت مصادر إعلامية عن أبو رامي الحمصي أحد أعضاء الوفد الذي فاوض الإيرانيين ونظام الأسد في فندق السفير بحمص: “سألنا اللواء ديب زيتون عن حاجتنا للسلاح المتوسط مثل الرشاش والبي كي سي ونحن خارجون إلى منطقة الريف، فأجبناه أننا بحاجة إلى حماية أنفسنا بالطريقة التي نراها مناسبة، أضف إلى ذلك أننا ذاهبون إلى منطقة شبه مجهولة بالنسبة لنا، كما أن لنا حق الدفاع عن أنفسنا أثناء مرورنا في المنطقة. فأجاب: من ناحيتنا اطمئنوا أنا أضمن لكم الطريق من أوله وحتى نهايته، بالنسبة لقواتنا، لكن لا أضمن جماعتكم! ثم أضاف قائلاً: وبالنسبة لـ “داعش” فأنا أضمن لكم أنها لن تعترض طريقكم و اتركوا هالموضوع علي!

مفاوضات حي الوعر

التقى أعضاء اللجنة الأمنية بحي الوعر المحاصر في مدينة حمص أواسط العام 2015 الماضي مع اللواء محمد ديب زيتون، رئيس إدارة “أمن الدولة” وموفد نظام بشار الأسد، بحضور رئيس فرع “أمن الدولة” بحمص، وتحدثت اللجنة الأمنية المنبثقة عن أهالي الوعر عن الوضع المأساوي الراهن الذي يعيشه الحي، ويرزح تحته القاطنون فيه، والذين يعتبر جلهم من النازحين من أحياء مختلفة من حمص.

وأوصلت اللجنة صورة لزيتون مفادها أن “حي الوعر لا يوجد فيه أي غريب وأن جميع المقاتلين هم من أهل الحي الذين حملوا السلاح للدفاع عن أنفسهم ضد الشبيحة والميليشيات الشيعية، عندما كثرت عمليات الخطف والقتل”.

أخبار سوريا ميكرو سيريا