تايمز: أوباما ينتقد حلفاءه وينسى نفسه


شن مؤرخ بريطاني هجوماً لاذعا ونادرا على الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال إنه دأب على صب جام غضبه على كل حلفائه لما يراه تقاعساً من جانبهم في التصدي للمهددات التي تحدق بالعالم، لكنه ينسى نفسه.
وكتب نيال فيرغسون -أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد- مقالا بصحيفة تايمز البريطانية عدد فيه إخفاقات أوباما في تعامله مع المشاكل التي تعصف بالشرق الأوسط بدءا من احتمال انهيار سد الموصل في العراق وليس انتهاءً بالحرب الأهلية في سوريا وتداعياتها.
وانطلق الكاتب في مقاله من فرضية انهيار سد الموصل، واعتبار ذلك إذا ما حدث بمثابة “رمزية قوية” توجز الوضع الحرج الذي يكتنف منطقة الشرق الأوسط برمتها.
ويحتجز ذلك السد خلفه 11 كيلومترا مكعبا من المياه، وإذا ما تصدع فإنه سيطلق أمواجا بارتفاع45 قدماً بنهر دجلة ما قد يودي بحياة 1.5 مليون شخص. كما أن مياهه ستجتاح العاصمة بغداد في غضون ثلاثة أيام، وفق سامانتا باور السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة.
وقال الكاتب البريطاني إن المفارقة تكمن بالطبع في أن “كارثة إنسانية بمعدلات هائلة” تحدث بالفعل في سوريا جارة العراق، إذ أزهقت الحرب “الأهلية” هناك حتى الآن أرواح 470 ألف شخص. كما أنها أجبرت 4.8 ملايين سوري على الفرار من وطنهم، طبقاً لأرقام المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة.
ولا يمثل السوريون سوى جزء من طوفان النازحين والمهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا بحرا بمعدل مئة ألف شهريا تقريبا. وفي الشهر الماضي وحده كان ثلث طالبي اللجوء إلى ألمانيا من سوريا, و15% من العراق و11% من أفغانستان.
ومضى فيرغسون إلى القول إن الأمور بلغت حدا انهارت معه أفغانستان والعراق وسوريا جميعها، لكن أوباما لا يريد أن يتحمل تبعات ذلك.
ما يعتمل في ذهن أوباما هو أن الحرب الأهلية في سوريا ليست سوى انحراف مزعج مما يحب أن يسميه مسار التاريخ. فهو يعتقد أن البشرية في محصلة الأمر باتت أقل عنفا وأكثر تسامحا وصحةً وأفضل طعما وأكثر قدرة على إدارة الخلاف
ولعل النقطة المحورية في ما ينطوي عليه سد الموصل من رمزية -وفق الكاتب- تتمثل في أن الأمور في المنطقة قد تمضي إلى ما هو أسوأ ما يحدث الآن بكثير.
وفي ذلك يقول “إنني لا أرى على وجه اليقين سببا يحول دون تفاقم الصراع الطائفي الذي يمزق الشرق الأوسط إربا إربا. ولا أرى سببا يقف حائلا أمام تنامي الشبكات الإرهابية، وما تنظيم الدولة الإسلامية إلا واحد منها. كما لا أرى ما يجعل الطوفان البشري الذي يحاول الهروب من دول العالم الإسلامي الفاشلة، ينحسر فجأة“.
ويقول الكاتب إن “الرئيس الأميركي يسعى الآن لتحميل الآخرين أوزار ما يحدث”. وقال إن على رأس قائمة “أكباش الفداء” من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين ليست بريطانيا ولا فرنسا فحسب بل إسرائيل والسعودية وباكستان أيضا.
وأوضح أن أوباما “انتقد بلا مبرر” رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون، وحذره من أن العلاقة الخاصة بين بلديهما سينفرط عقدها إذا لم تضاعف بريطانيا إنفاقها العسكري متهما إياه بأنه “منصرف البال” في وقت كان ينبغي عليه التركيز على ليبيا. كما ألمح الرئيس الأميركي ضمنا بأن على كاميرون تجنب استخدام عبارة “الإسلام المتطرف” لأنها تؤجج المشاعر ضد المسلمين.
ولم تقتصر سهام النقد التي وجهها أوباما لرئيس وزراء بريطانيا وحده، بل طالت أيضاً “مؤسسة السياسة الخارجية” في واشنطن والجيش الأميركي، الذي شكا منه أوباما لأنه يحاول أن يدفعه بقوة نحو الحرب. ولم يسلم أعضاء في إدارته من نقده، ومن بينهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي حثته على التدخل في سوريا عام 2012.
وقال الكاتب ساخرا إن أوباما لم يدرك على ما يبدو أنه حينما طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “إجبار بشار الأسد على التخلص من أسلحته الكيميائية” إنما فتح الباب أمام روسيا للتدخل في الشرق الأوسط.
وخلص المقال إلى أن ما يعتمل في ذهن أوباما هو أن الحرب الأهلية في سوريا ليست سوى انحراف مزعج مما يحب أن يسميه “مسار التاريخ”. فهو يعتقد أن البشرية في محصلة الأمر باتت “أقل عنفا وأكثر تسامحا وصحةً وأفضل طعما وأكثر قدرة على إدارة الخلاف“.
ويرى فيرغسون أن الاستثناء الكبير من كل ذلك هي منطقة الشرق الأوسط نظرا لاستمرار “القبلية” فيه.

مركز الشرق العربي