ذكريات الأطفال السوريين عن وطنهم تتلاشى في مخيم الزعتري بالأردن


مخيم الزعتري (الأردن) (رويترز) – على مدى خمس سنوات من الحرب في سوريا تحولت الخيام في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن إلى أكواخ راسخة وأصبحت الممرات الترابية داخله ممهدة وأطلقت عليها أسماء وولد جيل لآباء وأمهات يخشون ألا يرى أولادهم الوطن أبدا.

وشهد حذيفة الحريري الذي فر من مدينة درعا السورية قبل أربع سنوات كيف تحول مخيم الزعتري إلى مستوطنة يعيش فيها 85 ألف لاجئ ليصبح رابع أكبر “مدينة” في الأردن بحسب عدد السكان. وهناك يلهو الأطفال بين منازلهم المؤقتة وتعمل المدارس ويولي الأطباء الجميع بالرعاية بدءا من الرضع إلى كبار السن.

وكان الحريري (26 عاما) يعتزم الزواج في مسقط رأسه. وأعد شقته لكنه اضطر للفرار مع تصاعد القصف. وكان زفافه من أولى حفلات الزفاف الكثيرة التي أقيمت في المخيم الصحراوي الذي يبعد 15 كيلومترا من حدود الأردن مع سوريا.

ويظهر الحريري وعروسه الشابة في صورة الزفاف وهما يجلسان على مقعدين من البلاستيك وخلفهما بساط برتقالي مزركش على الحائط. وكان الحريري يحدق بثبات صوب الكاميرا بينما كانت العروس تشيح بنظرها بعيدا في حزن.

ويخشى الحريري أن يفقد طفلاه اللذان ولدا في المخيم وهما ريتاج (عامان) ويمان (8 أشهر) أي صلة بالوطن والعائلة التي تركها وراءه.

وقال “أحلم بالعودة إلى سوريا وتربية أطفالي هناك والعيش على أرض أجدادي حتى يعيش أطفالي في الأرض الطيبة. إنها أرض أجدادي وسيكون أمرا مختلفا أن أربي أطفالي هناك.

“هذه ليست بلادنا. وطننا هو سوريا. عندما يكبرون سأخبرهم لكنني أتمنى أن يترعرعوا في سوريا.”

وفر أكثر من 4.2 مليون شخص من سوريا منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في 2011. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 13.5 مليون شخص بحاجة للحماية والمساعدة داخل سوريا منهم أكثر من ستة ملايين طفل.

* “متى سنعود؟”

فرت أم أحمد (26 عاما) من مدينة حمص السورية قبل ثلاث سنوات بعد أن دمر القصف منزلها وهي الآن حامل بطفل رابع. وستكون هذه ثاني مرة تلد فيها داخل المخيم.

وتشعر أم أحمد بالحزن لأن ذكريات أطفالها عن الوطن الذي قضوا فيه سنواتهم الأولى باتت تتلاشى.

وقالت “عندما جئنا إلى هنا أول الأمر كانوا يسألوني دوما: متى سنعود؟ لكنهم الآن نسوا الأمر. انشغلوا باللعب والمدرسة وما عادوا يفكرون فيها. إذا بقينا هنا عامين آخرين فقد ننسى كلنا سوريا.”

وتقدر مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أن ما يتراوح بين 50 و80 طفلا يولدون في الزعتري أسبوعيا منذ تأسيس المخيم عام 2012.

وتوجد في المخيم الآن منشأتان للولادة وهما المستشفى الميداني المغربي الذي يضم 60 سريرا وغرفة عمليات وطاقما من 118 شخصا. أما المنشأة الأخرى فتتولى رعايتها الأمم المتحدة ويوجد بها 24 سريرا وطاقم من 39 من أطباء النساء والأطفال وقابلات وممرضات من الأردن.

وولدت طفلة أطلق عليها اسم سوار في السابع من مارس آذار في غرفة عمليات غير مضاءة بشكل جيد في المستشفى الميداني المغربي. وأجرى أطباء يغطون وجوههم بالأقنعة الطبية البيضاء عملية ولادة قيصرية لأم سوار في خيمة جرى تعقيمها لإجراء العمليات.

وقالت الأم وتدعى أم ريماس (22 عاما) إن أكثر ما يحزنها هي أن والديها لم يقابلا أحفادهما.

وأضافت بصوت واهن بعد ولادة طفلتها التي سيكون الزعتري محل ميلادها وليس وطنها “الوضع صعب هنا. عندما تكون في وطنك ووسط عائلتك يكون شعورك مختلفا. ليس لدي أحد في المخيم.”