مشروع المحكمة السورية لمنع الإفلات من العقاب يعلن من جنيف اليوم


يعقد مساء اليوم في جنيف، مؤتمر صحافي، للإعلان عن إطلاق مشروع إنشاء المحكمة السورية الخاصة لمنع الإفلات من العقاب يرسل رسالة لمرتكبي الجرائم والانتهاكات الكبرى في سوريا، وأنهم لن يكونوا بمنأى عن الملاحقة والعقاب، وأن جرائمهم لن تطوى أو تنسى. كذلك، فإن المشروع، رسالة لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته وفضح عجزه وتجاهله لملف العدالة في سوريا وإنها سياسة العدالة الانتقائية أو العدالة الانتقامية.

ومشروع المحكمة يتم بالتعاون بين عدة منظمات سورية معنية بهذا الملف، وهي المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، ومنظمة الكواكبي لحقوق الإنسان، ومجلس القضاء السوري الحرّ، لتجاوز التجاهل الدولي للأمر بوجود هيئة استشارية لها مصداقيتها الدولية، مثل اتحاد القضاة الألماني، والمحامي توبي كادمان المختص في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان، وعضو مكتب القانون الجنائي في المحكمة الدولية في لاهاي وعمل على ملفات جرائم الحرب في محكمة يوغوسلافيا وبنغلاديش وغيرهما، وآخرين.
ويأتي المشروع، كما يراه مطلقوه: «في ظل ضعف احتمال إحالة ملف الجرائم المرتكبة بسوريا إلى محكمة الجنايات الدولية أو إقامة محكمة خاصة بالجرائم المرتكبة بسوريا»، بسبب ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن بهذا الخصوص، وهذا يبدو مستحيلا بسبب معارضة حاسمة من قبل أعضاء دائمين في مجلس الأمن.
ويقول المحامي أنور البني مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، بأنه في ظل عدم استجابة الدول الغربية للمطالبة بإعطاء محاكمها الوطنية صلاحية فتح ملفات للجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بسوريا، ورفض لجنة التحقيق المكونة من مجلس حقوق الإنسان بعرض نتائج تحقيقاتها وتسمية المتهمين والمثبت إدانتهم بالجرائم المرتكبة في سوريا، يبقى ملف العدالة في سوريا ضعيفًا مما يعطي الفرصة للمجرمين للإفلات من العقاب، لا بل وتشجيعهم وغيرهم على ارتكاب جرائم أكثر وأشد بشاعة، الأمر الذي يتناقض مع جوهر المواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان. وتابع البني في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن «الحديث عن الحل السياسي منح النظام ضوءا أخضر اعتقد معه أن المفاوضات ستنجيه من العقوبة، لذا استمر بالتصعيد في العنف»، مشددا على أن المشروع، يريد سحب مصير مجرمي الحرب في سوريا من بازارات العملية السياسية القائمة الآن.
أما عن الإلزام الذي ستتمتع به أحكام المحكمة، فيقول البني، بأنه مبدئيا إلزام معنوي، مثلما هي أحكام المحكمة الأوروبية التي أنشأها الاتحاد الأوروبي. «لكننا سنفاوض الحكومات لاحقا على أن تمنح أحكامنا الصبغة التنفيذية، أو الموافقة على فتح ملفات بناء على أحكام المحكمة، خصوصا في ظل وجود أو مرور المتهم في تلك البلدان».
وتبرز أهمية الدعوة، ليس فقط من أجل تأكيد سيادة القانون في فرض العقوبات ورد المظالم إلى أهلها وطمأنة ذوي الضحايا، بل أيضًا من أجل إرساء حركة السلم الأهلي والتحول نحو مجتمع آمن وقادر على إرساء الديمقراطية ووضع الأحقاد جانبا ودفن اليأس والإحباط والاحتقان والتطرف والعنف والوقوف في وجه حالات الانتقام العشوائية الكفيلة بتدمير روابط المجتمع السوري.
وتسعى المنظمات المشتركة بهذا المشروع لأن يكون مركزها إما تركيا أو لاهاي، وتتألف من قضاة ومحامين دوليين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وأيضا قضاة ومحامين سوريين للتدرب على آليات وقوانين المحاكمات الدولية. وينوه المحامي البني بأهمية وجود المحكمة في تركيا، أنها ستكون قريبة من الشهود ومن الضحايا إذ يسهل جلبهم إلى هناك، أيضا تكون قريبة من مواقع وقوع جرائم الحرب في سوريا، ما يمكن القضاة والمحققين من التنقل بسهولة، غير أن الأمر متوقف على قبول الحكومة التركية تأمين الحماية اللازمة لها، فأعضاء المحكمة قد يكونون مستهدفين من أكثر من جهة، كون المتهمين الذين سينظر في ملفاتهم من مختلف الجهات، وليس من النظام فقط.
ويسعى مشروع المحكمة إلى تدريب كادر قانوني ملتزم من القضاة والمحامين السوريين، قادر على إجراءات وقوانين المحاكمات الدولية وتدريبهم على القيام بهذه المحاكمات بكل شفافية وأمام الرأي العام ووسائل الإعلام.

لندن: «الشرق الأوسط»